+ All Categories
Home > Documents > Christian Fundamentalism

Christian Fundamentalism

Date post: 25-Feb-2023
Category:
Upload: ju-jo
View: 0 times
Download: 0 times
Share this document with a friend
17
دراﺳﺎت د اﻟﻣﺟﻠ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ، اﻹﻧﺳﺎﻧﻳﺔ اﻟﻌﻠوم، 40 اﻟﻌدد، 3 ، 2013 - 583 - 2013 اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻤﺎدة/ اﻷردﻧﻴﺔ اﳉﺎﻣﻌﺔ. ﳏﻔﻮﻇﺔ اﳊﻘﻮق ﲨﻴﻊ. اﻵﺧر وﺗﻣﺛﻼت اﻷﻧﺎ: اﻟﻣﺳﻳﺣﻳﺔ اﻷﺻوﻟﻳﺔ أﻧﻣوذﺟﺎ اﻟﺑروﺗﺳﺗﺎﻧﺗﻳﺔ ﺷطﺎ ﻧﺎﺻر ﻋﺎﻣر رة* ﻠﺧص ﻫذ ﻳﻬدف ا اﻟﺑﺣث إﻟﻰ اﻟﺣرﻛﺔ اﺳﺔ در اﻷﺻوﻟﻳﺔ وﺗﺑﻳﺎن اﻟﺑروﺗﺳﺗﺎﻧﺗﻳﺔ أﺳﺳﻬﺎ ا اﻟﻔﻛرﻳﺔ، ﻣن واﻟﺗﺎرﻳﺧﻳﺔ ﻼﻫوﺗﻳﺔ ﻋن اﻟﻛﺷف ﺧﻼﻝ ﻣﻛوﻧﺎت" اﻷﻧﺎ" اﻷﺻوﻟﻲ واﻟوﺟودي اﻟﻣﻌرﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗوى ﻋﻠﻰ ات ﺗﻐﻳر ﻣن اﻓﻘﻬﺎ ر ﺑﻣﺎ اﻟﺣداﺛﺔ ﺗﺄﺛﻳر ﺗﺣت ﻟدﻳﻬم اﻵﺧر وﺗﻣﺛﻼت واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻟﻠﻔرد. ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﺛم وﻣن إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ ﻣﺻطﻠﺢ اﻧﺗﻘﺎﻝ" اﻷﺻوﻟﻳﺔ اﻟﻣﺳﻳﺣﻳﺔ" اﻟطواﺋف ﺑﻳن ﻣن ﻣﺣددا ا ﺗﻳﺎر ﺗﻣﺛﻝ ﻛﺣرﻛﺔ اﻟﺑروﺗﺳﺗﺎﻧﺗﻳﺔ إﻟﻰ ﻣﺻطﻠ" اﻷﺻوﻟﻳﺔ اﻟدﻳﻧﻳﺔ" ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺷددة اﻟدﻳﻧﻳﺔ ات اﻟﺗﻳﺎر ﻓﻲ ﻣﺗﻣﺛﻼ واﻟواﺳﻊ اﻟﺷﺎﻣﻝ ﺑﻣﻔﻬوﻣﻬﺎ اﻷدﻳﺎن اﻷﺧرى، وأﻳﺿﺎ ﻣﻌﻧﻰ ﺧﻼﻝ ﻣن، اﻷﻧﺎ ﻟدﻳﻬم اﻵﺧر ودﻻﻻت. ﻓﻣﺻطﻠﺢ اﻷﺻوﻟﻳﺔ ﺑد وان ا داﺧﻝ ﺑﻌﻳﻧﻪ ﺗﻳﺎر ﻋﻠﻰ ﻟﻠدﻻﻟﺔ اﻟﺑروﺗﺳﺗﺎﻧﺗﻳﺔ اﻟطﺎﺋﻔﺔ إﻻ ﻗﺑﻝ ﻣن ﻫذﻩ دﻻﻟﺗﻪ ﺗﺟﺎوز ﺗم اﻧﻪ ﻟﻳﺻﺑﺢ اﺳﺎت اﻟدر ﻣن اﻟﻛﺛﻳر أﻛﺛر ات اﻟﺗﻳﺎر ﻳﺳﺗوﻋب ﺑﺣﻳث اﺗﺳﺎﻋﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺷددة اﻷدﻳﺎن اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ. اﻟداﻟﺔ اﻟﻛﻠﻣﺎت: اﻷﺻوﻟﻳﺔ اﻟﻬوﻳﺔ، اﻻﻳﻔﺎﻧﺟﻠﻳﻛﺎﻝ، اﻟﺑروﺗﺳﺗﺎﻧﺗﻳﺔ، اﻷﻧﺎ، اﻵﺧ ر. اﻟ ﻣﻘدﻣــﺔ ﻳﻌد ﻣﺻطﻠﺢ" اﻷﺻوﻟﻳﺔ" ﻣن أﻛﺛر ﺗداوﻻ اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت ﺣد ﻋﻠﻰ واﻟﻳوﻣﻳﺔ اﻷﻛﺎدﻳﻣﻳﺔ واﻟﻣﻧﺎﻗﺷﺎت اﺳﺎت اﻟدر ﻓﻲ واﺳﺗﻌﻣﺎﻻ اﻧﻪ إﻻ ﺳواء، ذﻟك، ﻳﻌد ﻳﻛﺗﻧﻔﻬﺎ اﻟﺗﻲ اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت ﻣن ﻓﻘدان إﻟﻰ ﺗﺻﻝ ﻟدرﺟﺔ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻝ، وﺳوء واﻟﻠﺑس، اﻟﻐﻣوض اﻟﻣﻌﻧﻰ. اﻷوﻝ اﻟظﻬور ﻋن اﻟﻛﺷف اﻟﺑﺣث ﻫذا ﺣﺎوﻝ ﻟذﻟك ﻟﻣﺻطﻠﺢ" اﻷﺻوﻟﻳﺔ" ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻷﺳﺑﻘﻳﺔ ﻟﻬﺎ اﻟﻣﺳﻳﺣﻳﺔ اﻷﺻوﻟﻳﺔ ب ﺗﺳﻣﻳﺗﻬﺎ ﻳﻣﻛن اﻟﻣﻧطﻠق ﻫذا ﻣن واﻟﺗﻲ اﻟﺗﺎرﻳﺧﻳﺔ،" أم اﻷﺻوﻟﻳﺎت" اﻷﺧرى اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ات اﻟﺗﻳﺎر ﻟوﺻف اﻧﺗﻘﺎﻟﻪ ﻗﺑﻝ، اﻟﻣﺻطﻠﺢ، اﻛﺗﻧف اﻟذي واﻟﻐﻣوض اﻟﻠﺑس ﻟﺗﺧﻔﻳف ﻛﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺑﻌد ﻓﻳﻣﺎ اﻟدﻳﻧﻳﺔ اﻷﺻوﻟﻳﺔ ات ﻟﺗطور أﻓﺿﻝ ﻓﻬم إﻟﻰ واﻟوﺻوﻝ. ﻋﻠ اﻟﺗرﻛﻳز وﺗم ﺑﺎﻵ اﻷﻧﺎ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻬوﻳﺔ ﻋن ﻟﻠﻛﺷف ﻛﻣﻌﻳﺎر ر ﻓﻲ اﻟﻔﻛرﻳﺔ ات اﻟﺗﻳﺎر اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻫذا اﺳﺗﻳﻌﺎب ﻣﻛﺎﻧﻳﺔٕ وا اﻷﺻوﻟﻳﺔ اﻟﺗﻲ اﻟﻘﺎﻋدة ﻟﻛون اﻟﻣﻌﻳﺎر، ﻧﻔس ﻣن اﻧطﻼﻗﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻷدﻳﺎن ﻋﻠ ﻣرﺗﻛزة ﻫوﻳﺔ ﻷي ﺗؤﺳس اﻷﻧﺎ ﺑﻳن ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ ﻣﺎ ﺷﻛﻝ واﻵ ر. ﻟﻠﺟﻣﺎﻋﺔ أو ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻳﻣﻛن ﻫﻝ ﻫو واﻟﺳؤاﻝ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﺗﻌرف أن اﻵ دون ﻣن وﺗﻔﻬﻣﻬﺎ واﻵ اﻟذات ﺑﻳن اﻟﻌﻼﻗﺔ أن أم ر؟ ﻫﻲ ﺧر ﻣرﻛﺑﺔ ﻋﻼﻗﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﻲ؟ اﻟﻔردي اﻟﻣﺳﺗوى ﻠﻰ واﻷ ﻣﺎ ﻫم، ﺷﻛﻝ ﺳﺗﺣﻛﻣﻬﻣﺎ؟ اﻟﺗﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻵﺧ ﻋﻠﻰ ﻣﻧﻔﺗﺣﺔ أم إﻗﺻﺎﺋﻳﺔ ر؟. ﻧﺷوء ﺑﻳن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣث ﻫذا ﺳﻳرﻛز وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ و اﻟدﻳﻧﻳﺔ اﻷﺻوﻟﻳﺔ ﻣﻔﻬوم ﺑﻳن واﻵ اﻷﻧﺎ ﻣﻔﻬوم ﻋﻠﻰ ﺗﺟﻠﻳﺎﺗﻬﺎ ﺧر. ﺗﻌد اﺳﺔ در اﻷﻧﺎ واﻵ ﺧر اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ ﺻﻣﻳم ﻣن ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ واﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ ﻓو ﻋﻧدﻫﺎ ﻗف اﻟﺣدﻳث اﻟﻌﺻر وﻣﻔﻛري ﻓﻼﺳﻔﺔ اﻏﻠب ﺳواء ﺣد ﻋﻠﻰ واﻟﻣﻌﺎﺻر ﻣﺷﻛﻠﺔ، ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺗﻘف اﻟﺗﻲ اﻟرﻛﻳزة اﻟﺣدﻳث اﻟﻔﻛر ﻓﻲ ﺟدﻳدة ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺷﻛﻝ ﻟﻔﻬم واﻟﻣﻔﺗﺎح ﻓﻠﺳﻔﺗﻬم، اﺑﺗد ﺣﺻﻠت اﻟﺗﻲ ات واﻟﺗﻐﻳر ات اﻟﺗطور ﻧﺗﻳﺟﺔ اء اﻟﺣداﺛﺔ ﻣن اﻟﻐرﺑﻳﺔ. اﻷﻣﺛﻠﺔ ﺑﻐض ﻳﻠﻲ ﻣﺎ وﻓﻲ: اﻟﺣدﻳث اﻷوروﺑﻲ اﻟﻌﻘﻝ ﺗﺷﻛﻝ ﻓﻘد ﻣن ﺑدءا دﻳﻛﺎرتRene Descartes (1596-1605) ﺧﻼﻝ ﻣن ﻗواﻣﻬﺎ ذاﺗﻳﺔ رؤﻳﺔ" اﻷﻧﺎ" وﺑﺷﻛﻝ ﺟﻬﺔ ﻣن ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺎ ﻛﻝ ﺣوﻟﻪ ﻳدور رﺋﻳﺳﻲ ﻛﻣﺣور اﻓﻛر وﺟود اي وﻋن اﻟﻌﺎﻟم وﺟود ﻋن وﻣﺳﺗﻘﻝ ﺳﺎﺑق آﺧ ر ﺟﻬﺔ ﻣن أﺧرى) 1 ( . وﺟود ﻏﻳر وﺟود اي اﺻﺑﺢ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ" اﻷﻧﺎ" ﻳﻌد وﺟو دا و آﺧر، اﻳﺎﻫﺎ ﻣﺣوﻻ اد اﻻﻓر ﺑﻳن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺷﻛﻝ ﻋﻠﻰ اﻧﻌﻛس اﻟذي ﺗﻔﺎوﺗﻳﺔ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻳ أﻧﺎ ن وآﺧر ﻣن ﺑدﻻ آﺧر وآﺧ ر. ﻳﻣﻛن ﻣﻼﺣظﺔ ﺗﺑﻌﺎت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻋﻠﻰ واﻧﻌﻛﺎﺳﺎﺗﻪ اﻟدﻳﻛﺎرﺗﻲ اﻟﻔﻛر ﻫذا ﺗﺣﻛم اﻟﺗﻲ اﻷﻧﺎ واﻵ ﺧر وان، ﻣﻌظم ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ، ﺻور ﺗﻼﻩ اﻟذي واﻟﻌﺻر اﻟﺣداﺛﺔ ﻓﻼﺳﻔﺔ. ا اﻟﻔﻛر ﻛﺎن ﻓﺈن ﻗد ﻟﺣدﻳث ﺑد أ ﻫﻳﺟﻝ ﻣﻊ اﻛﺗﻣﻝ ﻓﻘد دﻳﻛﺎرت ﻣﻊGeorg Hegel (1770- 1831) اﻟذي اﻟدﻳﻛﺎرﺗﻳﺔ اﻟﺗرﻛﺔ ﺗﻧﺎوﻝ ﺑﺄﺳﻠوب آﺧ ر، ا ﻣﻌﺗﺑر اﻟوﻋﻲ ﻛﻳﺎﻧ دﻳﻧﺎﻣﻳﻛﻳﺎ ﺟدﻟﻳ، ﺎ، ﻳﺳﻌﻰ إﻟﻰ طرﻳق ﻋن اﻟﺗطور اﻻﻧدﻓﺎع إﻟﻰ اﻟﺧﺎرج) اﻟذات ﺧﺎرج( وﻛﺳب اﻵﺧر ﻣﻊ واﻟﺗﻌﺎﻣﻝ اﻓﻪ اﻋﺗر. وﻟﻛن اﻟ ﻣﺷﻛﻠﺔ ﻗد ﻫﻳﺟﻝ أن ﻓﻲ ﺗﻛﻣن اﻧدﻓﺎع ﻟﻧﺎ ﺻور وﻋﺑد ﺳﻳد ﺑﻳن اع ﺻر ﺑﺻورة اﻵﺧر ﻧﺣو اﻟذات. ﻳﻧﺗﻬﻲ اع ﺻر* اﻷردﻧﻳﺔ، اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ اﻵداب، ﻛﻠﻳﺔ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ، ﻗﺳم ﻋﻣﺎن. اﺳﺗﻼم ﺗﺎرﻳﺦﺣث اﻟ23 / 10 / 2012 ﻟﻪﺑورﻳﺦ ﺗﺎ و، 3 / 4 / 2013 .
Transcript

2013، 3، العدد 40، العلوم اإلنسانية واالجتماعية، المجلد دراسات

- 583 - 2013 مجيع احلقوق حمفوظة. اجلامعة األردنية/ عمادة البحث العلمي.

البروتستانتية أنموذجا األصولية المسيحية: األنا وتمثالت اآلخر

*رةعامر ناصر شطا

لخصمخالل الكشف عن الهوتية والتاريخية من لالفكرية، ا أسسهاالبروتستانتية وتبيان األصوليةدراسة الحركة إلىالبحث ايهدف هذوتمثالت اآلخر لديهم تحت تأثير الحداثة بما رافقها من تغيرات على المستوى المعرفي والوجودي األصولي" األنا"مكونات

كحركة تمثل تيارا محددا من بين الطوائف " المسيحية األصولية"انتقال مصطلح إمكانيةومن ثم مناقشة . للفرد والمجتمع األديانبمفهومها الشامل والواسع متمثال في التيارات الدينية المتشددة في " الدينية األصولية"ح مصطل إلىالبروتستانتية

للداللة على تيار بعينه داخل اوان بد األصوليةفمصطلح . ودالالت اآلخر لديهم األنا، من خالل معنى وأيضا، األخرىاتساعا بحيث يستوعب التيارات أكثرالكثير من الدراسات ليصبح انه تم تجاوز داللته هذه من قبل إالالطائفة البروتستانتية

. المختلفة األديانالمتشددة في

.راآلخ، األناالبروتستانتية، االيفانجليكال، الهوية، األصولية :الكلمات الدالة

مقدمــةال المصطلحات تداوال أكثرمن " األصولية"مصطلح يعد

واستعماال في الدراسات والمناقشات األكاديمية واليومية على حد من المصطلحات التي يكتنفها يعدع ذلك، مسواء، إال انه

الغموض واللبس، وسوء االستعمال، لدرجة تصل إلى فقدان لذلك حاول هذا البحث الكشف عن الظهور األول . المعنى

األصولية المسيحية لها األسبقية باعتبار" األصولية"لمصطلح أم "التاريخية، والتي من هذا المنطلق يمكن تسميتها ب

، قبل انتقاله لوصف التيارات المختلفة األخرى "األصولياتكمحاولة لتخفيف اللبس والغموض الذي اكتنف المصطلح، . والوصول إلى فهم أفضل لتطورات األصولية الدينية فيما بعد

ر كمعيار للكشف عن الهوية خى عالقة األنا باآلوتم التركيز علاألصولية وامكانية استيعاب هذا المصطلح التيارات الفكرية في األديان المختلفة انطالقا من نفس المعيار، لكون القاعدة التي

ى شكل ما للعالقة بين األنا تؤسس ألي هوية مرتكزة عل . رخواآل

أن تعرف نفسها والسؤال هو هل يمكن لإلنسان أو للجماعة خر هي ر؟ أم أن العالقة بين الذات واآلخوتفهمها من دون اآل

شكل هم، ماواأللى المستوى الفردي والجماعي؟ عالقة مركبة ع. ر؟إقصائية أم منفتحة على اآلخ العالقة التي ستحكمهما؟

وبالتالي سيركز هذا البحث على مناقشة العالقة بين نشوء . خرتجلياتها على مفهوم األنا واآلبين مفهوم األصولية الدينية و

والعالقة بينهما من صميم الفلسفة خرواآل األنادراسة تعداغلب فالسفة ومفكري العصر الحديث قف عندهافو الحديثة

الركيزة التي تقف عليها ، مشكلةوالمعاصر على حد سواء ،فلسفتهم والمفتاح لفهم تشكل حالة جديدة في الفكر الحديث

من الحداثة اءنتيجة التطورات والتغيرات التي حصلت ابتد :وفي ما يلي بغض األمثلة . الغربية

Rene ديكارتبدءا من فقد تشكل العقل األوروبي الحديث

Descartes (1596-1605) األنا"رؤية ذاتية قوامها من خالل "افكر كمحور رئيسي يدور حوله كل ما تبقى من جهة وبشكل

من جهة رآخسابق ومستقل عن وجود العالم وعن اي وجود دا وجو يعد" األنا" وبالتالي اصبح اي وجود غير وجود. )1(أخرى

الذي انعكس على شكل العالقة بين االفراد محوال اياها آخر، و يمكن . روآخ آخربدال من وآخرن أنا بيلعالقة تفاوتية

هذا الفكر الديكارتي وانعكاساته على العالقة تبعاتمالحظة صور مختلفة، على معظم ب، وان خرواآل األناالتي تحكم

لحديث قد فإن كان الفكر ا. فالسفة الحداثة والعصر الذي تاله-Georg Hegel (1770مع ديكارت فقد اكتمل مع هيجل أبد

معتبرا ، رآخ بأسلوبتناول التركة الديكارتية الذي (1831التطور عن طريق إلىيسعى ا، ، جدليديناميكيا اكيان الوعي

والتعامل مع اآلخر وكسب ) خارج الذات(الخارج إلىاالندفاع صور لنا اندفاع تكمن في أن هيجل قد مشكلة الولكن . اعترافه

صراع ينتهي . الذات نحو اآلخر بصورة صراع بين سيد وعبدتاريخ استالم . عمانقسم الفلسفة، كلية اآلداب، الجامعة األردنية، *

.3/4/2013، وتاريخ قبوله 23/10/2012البحث

عامر ناصر شطارة ... األنا وتمثالت اآلخر

- 584 -

هيجل أنمع ف. السيد بأنهالمنتصر اعترافا من اآلخر بانتزاعرورة وجود اآلخر وأكد ضقد اخرج الذات من عزلتها الديكارتية

وتفاوتية ةانه رسم عالقة صراعي ت، إالالكتمال وعي الذافاإلحساس المباشر للذات حسب هيجل هو شكل . )2(همابين

ة جدلية من اجل قبسيط وأولي لإلدراك، البد له ان يتطور بطريضروري لوجود فاآلخر يوبالتال ل،الوصول إلى مرحلة االكتما

الذات وانتقالها إلى مرحلة متقدمة لتخرج من هذا اإلحساس ليتحول ي، والذي وصفه هيجل باإلحساس الغريز ر، المباش

االنكفاء على رغباته ل اهتمام الذات إلى رغبة ذات أخرى بدوبالتالي فإنسانية اإلنسان مشروطة بهذا االنتقال ة،الطبيعي

من " الحيوانية"الذي يحتوي على المخاطرة برغباته الجسدية ة أرقى واعقد عبر اقتناص رغبة اجل الوصول إلى رغب

جل االعتراف ، والذي سيؤدي إلى صراع من ا)3(خراآل .والسيادة

ةبصور واآلخر األناانعكاس هذا العالقة بين أيضانجد الذي Jean-Paul Sartre (1905-1980)واضحة في فلسفة سارتر

صور لنا اآلخر بالجحيم، فمع انه اختلف مع ديكارت بان رفض الذات المنغلقة على نفسها، واعتبر العالقة مع الغير هي

أن إال، باإلنسان اإلنسانيخالله المجال الذي يتحقق منسارتر مدفوعا بهاجس الحرية يرى اآلخر عائقا لحرية

الحقيقية، والتي صورها لنا من خالل تجربة األناواستقاللية وموضوع مفتوح " شيء" إلىيتحول عبر اآلخر فأالنا. الخجل

العالقة التي تحكم االنا أصبحتوبالتالي . )4(للنقد والتقييمصراع وسباق من اجل كسب معركة أساسقائمة على واآلخر

. شيء او موضوع إلىعدم التحول

لم يقتصر الفكر الغربي الحديث والمعاصر على هذه اصوات أيضا، بل ظهرت خرواآل األناالعالقة االشكالية بين

انفتاحية واقل صراعية أكثرفعالة ومؤثرة حاولت بناء عالقة قائمة على التسامح والتواصل مثل واآلخر األنا بين

. ميرلوبونتي، ليفناس وجوليت كرستيفا وغيرهمإال إننا من خالل الفالسفة المؤسسين لفكر الحداثة نستطيع

صياغة إعادةان نتلمس الوجه الجديد الذي افرزه هذا الفكر في هذه الرؤية . خرباآلاألنا الهوية الغربية والعالقة التي تربط

والفعال على األكيدمجملها، سيكون لها انعكاسها ، في لآلخر واعطاء، سلوك يشوبه التوتر والنزاع، اآلخرتجاه األنا سلوك

إقصاؤه أو على اآلخر ومن ثم وتهاقسالفرصة للذات لتبرير ما دفع لظهور التيارات النقدية لفكر وهو .يهتبرير السيطرة عل

للعقل الذي " نقدهالحداثة المتمثلة في فكر ما بعد الحداثة و مؤسسات الحداثة والتحديث التقني والتي امتدت إلى زتهافر

. )5(المؤسسات االقتصادية والسياسية واالجتماعية والثقافية

أحدثت الحداثة تغيرا شامال ليس على نطاق العالقة بين لقد المفهوم العام فيبقوة أثرت أيضافقط، ولكنها واآلخر األنا

برز هذا التغيير واضحا في نشوء و .للدين وعالقة الفرد باهللاوتطور المذهب البروتستانتي والطوائف المنبثقة منه وخصوصا

على انه ردة هالبروتستانتي الذي يمكن اعتبار األصوليالتيار فعل على انعكاس الفكر الحداثي على الدين والمجتمع

.يحيالمس

رهوتطو يالبروتستانت نشوء المذهب) 1فهم ومعرفة كيف نشأت البروتستانتية، كمذهب انشأه يمكن

على انه ردة فعل ضد (Martin Luther 1483-1546 مارتن لوثرالكاثوليكية وسلطة الكنيسة الصارمة والتي انعكست على سلطة

ولكن تطور البروتستانتية فيما بعد أشد ،رجال الدين أنفسهمتعقيدا من بدايته ونظرة معمقة إلى المذاهب التي تولدت من

ستزيد األمر تعقيدا، فالمذاهب واآلراء *البروتستانتية األملدرجة التناقض فيما كبيرةوالمتغيرات الفكرية المصاحبة لها

المذهب بالطقوس والعقيدة بين اتاختالفا عد. بينهموخصوصا الصوم (والمذاهب المسيحية األخرى يالبروتستانت

/ وطريقة الدعاء وشكل الكنيسة وعدم قبولهم للرهبنة ومكانةبالبروتستانتية اعتبار إلى تدأكل هذه األمور )قدسية الراهب

أو تعصبا من اصيغة مخففة من الكاثوليكية وانها اقل تدين أنهاهذا االعتقاد مضلل لقول بأن ى، إال انه يمكن االكنائس األخر

أن البروتستانتية انطلقت من نقدها للكنيسة وبما .قوغير دقي حقد اعتبر اإلصالبحد ذاته ف" الدين"الكاثوليكية وليس من نقد

الديني فاتحة تحول باتجاه رؤية علمانية كانت لها الغلبة في أي انه من الممكن القول ان الفكر ،الفكر األوروبي

من البد هناو .تانتي كان ممهدا لوالدة الحداثة األوروبيةالبروتسالدور الذي أن، مالحظة محمد الحداد المهمةإلى اإلشارة

لم يكن عصر الحداثة أوروبافي دخول ة لعبته البروتستانتيمستقال عن كان العالم الحديث ةنشأإن بل ،مقصودا بذاتهة ربما فالبروتستانتي. )6(اربما نشأ رغما عنهو ة، بل البروتستانتي

أعانت عن غير قصد منها على والدة هذا العالم الحديث في الجديد عبر خصخصة الدين وفردنته، ولكنها كانت تطمح

إلى صقل الدين والمثل العليا الدينية التي قامت عليها األساس . الكنيسة، ال التخلص من الكنيسة تماما

لم يرتكز "في انه Olivier Royوهذا ما يؤكده اوليفيه روالوثر على تأكيد قطيعة مع الدين، بل قطيعة مع ثقافة إصالح

وبناء عليه يمكن القول بان . )7("باألساسدينية كاثوليكية البروتستانتية هي صيغة أكثر صرامة وتمسكا بالنصوص

تطور أدىوقد .الدينية وأكثر انفتاحا على الطقوس

2013، 3، العدد 40، العلوم اإلنسانية واالجتماعية، المجلد دراسات

- 585 -

صعوبةإلى متعددةكنائس مدارس و إلى وتفرعهاالبروتستانتية منسيكون . تحت سقف واحد والمدارس ربط كل هذه المفاهيممحاولة في الواليات المتحدة االمريكية مهام الحركة األصولية

البروتستانتية في مذهب واحد أو تحت سقف المدارس جمع وعليه، فإن دراسة . بالفشل ءتواحد، ولكن هذه المحاوالت با

باألمر تول الفكرية والعقائدية لألصولية المسيحية ليساألصالبروتستانتي اليسير إذا ما أخذنا بعين االعتبار تطور الفكر

الذي يعد قاعدة االنطالق الفكرية والعقائدية للفكر األصولي . المسيحي

تسمى األصولية المسيحية داخل الواليات المتحدة بالحركة يذكر مارسدنو .)8(بروتستانتيةاالصولية االيفانجليكية ال

George M. Marsden أنه برغم ما قد يبدو على اإليفانجليكيةنها حركة متميزة المعالم، إال أنه يمكننا اليوم أن اظاهريا من

نحدد ما ال يقل عن أربعة عشر نوعا من اإليفانجليكية، تتشارك المواقف جميعها في الكثير من العقائد لكنها تتنوع من حيث

. )9(الموروثة تجاه السياسة والثقافة على وجه الخصوص، حين من الرأي السابق )(Michael Corbettكوربت ويقترب

منبها على ،عدم وجود مجموعة متناغمة من اإليفانجلكيين يرىفي الفكر البروتستانتي، وأنه " إيفانجليكي"تعدد دالالت وصف

طائفة من البروتستانت يتم استخدام هذا الوصف إشارة إلى دون نزعة احيانا، ولكن نفصاليالاو ذوي التوجه المحافظ

عدائية، كالتي تميز األصوليين، الذين يؤمنون بوجود أمروقد تحالف اإليفانجليكيون مع . )10(حرفيا إتباعهيجب لينجيا

البروتستانت األصوليين واليهود في بعض القضايا، بينما أيدوليك في القضايا االقتصادية واالجتماعية الليبراليين والكاث

والتر فرق وقد .وقضايا نزع السالح وصنع السالم وما شابههامضيفا بين األصوليين واإليفانجليكيين )(Walter Mead ميد

أنه إذا كانت األصولية تدل على نوع من البروتستانت إلى أكبر تطلق على تحالف -بحسبه- المقاتلين، فإن اإليفانجليكية

أن األصوليين والمسيحيين الليبراليين معتبرار، بكثيمن التيار التاريخي للبروتستانتية ءواإليفانجليكيين ما هم إال جز

األمريكية، وأنهم جميعا قد تأثروا بالجدل األصولي الحداثي مع فاألصولية انقسمت إلى شعبتين . )11(مطلع القرن العشرين

ثانيةوال ،م السياسة والثقافةآثرت االنفصال عن عال األولىسعت إلى االنخراط في عالم السياسة ورأت ضرورة وجود

باإليفانجليكيين " حيث عرف هؤالءروابط مع جميع دول العالم، . فقط" اإليفانجليكيين"اآلن يطلق عليهم و "الجدد

ةالمحتوى التاريخي والمعرفي لمفهوم األصولي) 2المتخصصة في Nancy Ammermanترجع نانسي امرمان

Bible Believers" مؤمني اإلنجيل"الحركة األصولية في كتابها بدء الحركة األصولية إلى الندوات الالهوتية التي كانت تعقد

Archibald، حيث كان 1880في جامعة برنستون في عام

Hodge وBenjamin B. Warfield يدافعون عن صحة وشرعيةد من يرون أنه يجب إعادة النظر في الكتاب المقدس ض

ة،حسب مفاهيم العلم النقدية والتاريخية الحديث، الكتاب المقدسوامتدت هذه المنازعات بين المفكرين الحداثيين وبين

أي بين من يريد قراءة جديدة للكتاب المقدس ن،األصولييومن بين . وبين من هم ضد ذلك ة،حسب مناهج النقد الحديث

J. Greshamظهر اسم Warfieldلذين ساندوا المفكرين ا

Machen الذي لعب دورا أساسيا في نشر الفكر األصوليضد المفكرين طأوخصوصا معصومية الكتاب المقدس من الخ

في الجامعات كما أن أهم أقسام الالهوت . )12(الحداثييناألمريكية قد ثار على دراسة الكتاب المقدس حسب مناهج النقد

.الحديثةأثرت المفاهيم الجديدة في العلوم الطبيعية التي جاء ولقد

على الكثير من المفاهيم كذلك ) 1809-1882(بها داروين .التقليدية المتعارف عليها بخصوص اإلنسان وتطور الكون

فمنذ عصر التنوير بدأ الكثير من العلماء نقد بعض القصص واألحداث الموجودة في الكتاب المقدس وخصوصا قصة التكوين، وأصبح منذ داروين االعتقاد السائد بأنه ال يمكن

تطابق النظريات العلمية الحديثة أو العلم بشكل عام / تماهي تة، فبدمع المفاهيم والقصص المسيحية التقليدية الديني

الطوائف البروتستانيية إما أن ترفض هذه النظريات مثل ما هي "من جامعة برنستن بكتابه Hodgeالبروفيسور

حيث يقول بأن نظريات داروين تتعارض مع فكرة " الدراوينيةنه من غير الممكن قبول بأن اهللا كلي القدرة وأحية، المسي

كل أو آخر موافقة حاولوا بشيذه النظريات، واما أن لهالمسيحية والمسيحية، يةمد جسور االتصال بين نتائج النظريات الداروين

وبنفس الوقت بدأت المناقشات . )13(كما فعل التيار الليبرالياإليفانجيليكان والمسئولينبشكل جدي في ندوات الكنائس

البروتستانت بخصوص نظريات داروين واالستراتجيات الواجب .لها على حد سواء ينوالمؤيدعملها للتصدي للنظرية

هذا الموقف الرافض للنظريات العلمية الجديدة،استمر مثال على ذلك، عندما تم تعيين و بالتعاظم مع مرور الوقت،

المفكر الكبير بيرتراند رسل للتدريس في جامعة نيويورك في ، كتب رئيس أساقفة الكنيسة البروتستانتية بدعم 1941العام

رسالة وزعها على جميع صحف ي، ألصولكبير من التيار امدينة نيويورك معترضا على هذا التعيين الذي برأيه سوف يكون له أثار سلبية على قيم ومعتقدات الشباب وذلك بسبب

عامر ناصر شطارة ... األنا وتمثالت اآلخر

- 586 -

ماذا يحصل لجامعاتنا " ،تأييد رسل لنظرية داروين بقولهلهذا الشخص الذي يعمل على اب، ومعاهدنا، وكيف نسلم الشب

، علما ان هذا الجدال قد انتهى باعتذار )14("معتقدهدم الدين والوهذا ان . جامعة نيويورك من رسل ومنعه من التدريس هناك

األصولية في ةلحركايدل على قوة وتأثير فإنما دل على شيء الواليات المتحدة في ذلك الوقت، ونحن نعرف ان للواليات

بالعلمانية اقل تشددا من النمط الفرنسي صا خا ا المتحدة نمطالصارم، ليكون مؤشرا على فاعلية التيار األصولي هناك بكبح

. جماح التيارات العلمانية وجعلها اقل تأثيرا من أوروباوبالتالي فإنه ال يمكن دراسة األصولية المسيحية البروتستانتية أال من خالل مشروع الحداثة وما تالها من

فاألصولية المسيحية هي ردة فعل ناتجة عن مشروع تطورات، يشعرون بخطر أواهم الذين بد األصوليينالحداثة وبالتالي فإن

وجودي من جراء اتساع رقعة ونفوذ هذا المشروع وحسب تعبير هم أولئك الذين لم يستطيعوا التعامل مع "فريدمان بوتنر

عن السند التحديات الفكرية والنفسية للحداثة الذين بحثوا ، واصفا إياهم بالهاربين من "واألمان في إطار العقائد الدينية

ولكن ذلك يجب . )15(البنى المغلقة إلى ئهمحمى التغيير ولجو أن الفكر األصولي مخالف او معارض تماما على أن ال يفهم

فاألصولية الدينية المسيحية هي . للحداثة ولكل ما يرتبط بهاضد بعض القيم الحداثوية التي مست نتاج الحداثة وان كانوا

. وجعلتهم يشعرون بخطر على الصعيد الوجودي هااستقرار به يمكن فهمه على الصعيد تفجزء من االعتراض الذي قام

اإلنساني العام وعلى انه ردة فعل طبيعية على سطوة الحداثة كتغير البنى االجتماعية والسياسية للمجتمعات وما تبعها من

مستوى العائلة واألفراد على حد سواء، ويمكن تغييرات على. رصد نفس المعارضة من أفراد ومجتمعات أخرى غير أصولية

ومن الجدير بالذكر أن األصولية المسيحية قد استعملت واستفادت عمليا من التطورات التقنية والعلمية للحداثة في

في المجتمع األمريكي ويكفي التدليل اتطوير وتوسيع قاعدتهفي استعمال اإلذاعة والتلفزيون في نشر الى مدى نجاحهع

. أفكارهم وزيادة عدد التابعين لهم في المجتمع األمريكيوبالتالي فان تآكل القيم المجتمعية والدينية والتي كانت تمثل

كان بمثابة المحرك لألصوليينهوية دينية وقومية بالنسبة للحركة األصولية، وهذا ما يفسر انتقال الفكر األصولي من االهتمام بقضايا الهوتية تخص المذاهب البروتستانتية إلى تحولها فيما بعد إلى حركة احتجاجية ذات أبعاد سياسية

أدى مما ،واجتماعية ليس لها عالقة كبيرة باألمور المذهبيةبيها بشكل ملحوظ والذي بالتالي بدوره التساع رقعة منتس

أعطاها الشهرة وامكانية انتقال أفكارها إلى مجتمعات أخرى

الذي مكن يءخارج الواليات المتحدة، الش أخرىوديانات دراسة االصولية الدينية على انها ظاهرة عامة ال من الدارسين

.تخص ديانة بعينها

ةالمحتوى ألالهوتي لألصولي )3ألول مرة في مطلع القرن العشرين لفظ االصولية استعمل

ة،داللة على فئة أو حركة داخل الكنيسة البروتسانتية األمريكيلل، 1915 – 1910وقد بدأ المصطلح بالظهور في األعوام بين

كتبها مجموعة من الوعاظ ا صغير با كتي 12حيث تم طباعة نحاء تم توزيعها على نطاق واسع في جميع أ ة،واألساقف

في . The Fundemantalsالواليات المتحدة تحت اسم األصول البداية لم تظهر نتائج هذه الكتيبات إال على هامش الصحف والمجالت الدينية، ولكن فيما بعد أظهرت هذه الكتيبات نتائج دامت مدة زمنية طويلة، وعليه كانت هذه الكتيبات مصدر

ألصولية داخل الكنيسة استفادت فيه الحركة ا ا اإللهام ومرجعاإليفانجيليكية األمريكية، وتحوي هذه الكتيبات المواضيع التي

وعليه فقد أصبح يسمى من .يجب الدفاع عنها واإليمان بهايؤمن بضرورة الدفاع عن هذه القيم األساسية باألساسيين أو

واعتبرت هذه النقاط هي أصول fundamentalistاألصوليين وتم نشرها ، ب المحافظة عليها بكل الوسائلالمسيحية التي يج

منذ ذلك صارتو ،1910في تقرير تجمع الكنائس الشمالية عام من اراعتبو الوقت اإلطار العام لمبادئ الحركة األصوليةعن المسيحية ا يرفض االعتراف واإليمان بهذه المبادئ خارج

. ويتم تكفيره الكتيباتالمواضيع التي نشرت في هذه ومن بين أهم

الكتاب المقدس أنه كتاب من مصدر إلهي موحى به اعتباربريء من أي خطأ ديني انه بأنه مصدر اإليمان والحياة، و و

وبالتالي ال يمكن أن ،ألنه كتاب موحى به ،تاريخي أو علميالسيد المسيح، ، وكذلك ألوهيةيحتوي أي خطأ من أي نوع كان

ى الخطيئة، وعودة السيد وأنه جاء إلى الدنيا بدون أب، معنالمسيح إلى األرض مرة ثانية، إمكانية الخالص عن طريق

،باإلضافة إلى اإليمان كتجديد معنوي وضرورة نشر اإلنجيلقيامة وعودة المسيح الفعلية إلقامة الحكم السعيد الذي سيمتد

هذه األسس غير قابلة لالختزال وقد اعتبرت .عام 1000لفترة وقد . ذي يجب التوافق عليه والدفاع عنهالحد األدنى ال و

انعكست هذه األسس في البيانات والمؤتمرات التي كانت عقدت وبيان الجمعية المسيحية ) مؤتمر الكتاب المقدس( 1878في

كل واحدة من هذه النقاط وغيرها تعد . 1910العامة عام أساسيات ويجب المحافظة عليها، وبالتالي من يؤمن بالمحافظة

ا والدفاع عنها من المذاهب البروتستانتية قد تم جمعهم عليه

2013، 3، العدد 40، العلوم اإلنسانية واالجتماعية، المجلد دراسات

- 587 -

فإن هكذاو . )16(تحت هوية واحدة تحت اسم الحركة األصوليةتحول الفكر األصولي إلى حركة منتظمة يعود بشكل كبير إلى

األساسياتهذا الفهم الخاص للكتاب المقدس والدفاع عن ليينصو وعليه فإن الكتاب المقدس يعد لأل. السالفة الذكر

بمثابة خارطة طريق يسترشد بها اإلنسان ليتعلم ماذا يحيينالمسيجب عليه عمله حسب مشيئة الرب، فكل ما يحتاجه اإلنسان

وال يمكن إعادة تأويل أي شيء من س،موجود بالكتاب المقدوبتطور الحركة األصولية بدأت االنقسامات وظهرت . نصوصه

المذهب األم الحركة األصولية كحركة انفصالية عنالبروتستانتية وبدأت مالمح الحركة األصولية بالظهور أكثر

وخصوصا ة، وضوحا وتميزا عن باقي المذاهب البروتستانتيفهناك معنى واحد للكتاب المقدس وال يمكن . الليبرالية منها

وفتح تأويله أو تحليله باستعمال المناهج التاريخانية، فمقابل نقد من قبل الليبراليين فإن على التأويلالنصوص الدينية

أيالمشكلة في بقيت ولكن. )17(يجمدون النص يناألصولي؟ اي ما هو الشرح الذي يجب ان تعتمده الطوائف "نص"

امتالكها للحقيقة اليوم كل طائفةتدعي . البروتستانتية المختلفة .الواجب اتباعها وتعتبر الباقي على انهم ضالون

األفكار التي تبناها التيار األصولي من " أصولية"ال تكمن معصمية الكتاب المقدس، ألوهية السيد (األسس الدينية

ذاتها، فهي قواعد دينية عامة تتفق ...) المسيح، عودة المسيحعليها معظم المذاهب المسيحية، ولكن المشكلة الرئيسية هنا والتي يركز عليها هذا البحث هي، مقدار وكيفية تأثير هذه

األصولي، والطريقة التي " األنا"األسس والمبادئ الدينية على .المختلف" األخر"سيتعامل من خاللها مع

الحداثة وبداية األزمة) 4

بوجه عام على ”Modernity“لق مصطلح الحداثة طي م،مسيرة المجتمعات الغربية منذ عصر النهضة إلى اليو

قتصادية ويغطي مختلف مظاهر الحياة االجتماعية وااللقد أدخل التقدم المستمر للعلوم والتقنيات، . والسياسية واألدبية

وثورة التكنولوجيا، إلى الحياة االجتماعية عامل التغيير المستمر والصيرورة الدائمة التي أدت إلى انهيار المعايير والقيم الثقافية

وفي ظل هذه الصيرورة االجتماعية بمختلف . )18(التقليديةتحدد السياق العام لمفهوم الحداثة بوصفه ممارسة اتجاهاتها

. راجتماعية ونمطا من الحياة يقوم على أساسي التغيير واالبتكا –عصرها الجديد ابتداءا من كوبرنيقوس أوروبافمع دخول

كبلر والبدء باستعمال أساليب علمية قائمة على –غاليليو نقدية على المنهج التجريبي وما تبع ذلك من استعمال مناهج

الدين وفقد بدأ دارس) ومن ضمنها الدين( العلوم االنسانية

بهدف تخليص الكتاب المقدس من الدوغما ،الديانات ومختصوعلى إخضاع النصوص الدينية لمناهج نقدية ة،الديني )الوثوقية(

تاريخيه لقياس صحة وتطابق هذه النصوص مع العلم لغوية مما أدى إلى اعتبار الكتاب المقدس على أنه كتاب أو حديثال

معلومات حصلت في تاريخ معين وليس على أنه كتاب موحى -1792) روقد قام العلماء األلمان مثل فرنناند بو . حرفيا من اهللا

1860) ferdinald Baur على نقد العهد القديم وتاريخالعلمية النقدية المسيح حسب المناهج السيد اإلسرائيليين، وحياة

الحديثة،بغرض إعادة النظر بالمسائل المتعلقة بهم وفعال فقد قام فاكته بنقد العهد القديم من خالل هذه المناهج النقدية

من العهد را كبي ءا الحديثة الجديدة ليصل إلى نتيجة أن جز إلى موسى لم يمت بصلة إلى موسى بل على سوبالقديم المن

جاءت و . )19(بعد موسى بزمن طويل كتابته تمتعكس ذلك David Strauss شتراوس ديفيدنقطة تحول رئيسية عندما نشر

حياة المسيح، حيث ادعى أن دراسته قد كتابه) 1808-1874( ا حقيقي ا بينت ان األناجيل األربعة ال تعكس وال تعطي تصور

اذ أبرز شتراوس عبث ،عن حياة المسيح بشكل صحيح وثابتالمدخل العقالني مؤكدا على أن المعجزات في وعدم جدوى

األناجيل ينبغي أن يتم فهمها باعتبارها أساطير ليس لها عالقة بالتاريخ وبالتالي فإن التعاليم والمبادئ في الديانة المسيحية

بمعنى ان هذه التعاليم يجب ان تفهم في ،ةمتغيرة وليست ثابتالالحقة أن تستعمل اللألجييمكن سياقها التاريخي، وبالتالي

فالهوت . "جديدة لكي تعبر عن نفس التجربة عبارات وجمال العهد القديم غير ملزم إلنسان العهد الحديث، ولكن هذا ال يعني عدم االكتراث واالهتمام بهذا الالهوت القديم، ولكن يعني أن هذه التعاليم ليست أساس الدين او ليست من ثوابت

من الصعب بأنهوبالتالي أصبح هناك من يقول ،)20("الدينالقبول بقدسية الكتاب المقدس، وأنه كالم اهللا أو وحي من اهللا بل أصبح وكأنه كتاب كتب على يد أفراد عاشوا في تلك الجغرافيا في ذلك الزمان، وعليه اصبحت طبيعة السيد المسيح

القبول البشرية واإللهية أصبحت محل نقد الدارسين، وال يمكن هذا أحد األسباب وكان .بها إال بعد التحليل والنقد العقلي

الرئيسية التي أدت إلى علمنة األفراد والمجتمعات األوروبية . واستبعاد الدين خارج حياة تلك المجتمعات

و ثاوية في مشروع الحداثة الغربية "ةحداثة ديني"فهناك ة ضد مزاعم الحق فقد مثلت فلسفة األنوار ثور . فلسفة األنوار

المقدس، اإللهي أو الوضعي، في تجاوز سيادة العقل او في تكبيل نزوعه نحو الحرية والكونية والحقيقة، ثورة لوال انتصارها لما أمكن ألوربا ان تنتقل من عهد المسلمات الراكدة إلى ما

" ابستومولوجي"فاألنوار لها بعد جوهري *. وصلت إليه اليوم

عامر ناصر شطارة ... األنا وتمثالت اآلخر

- 588 -

لثورة الفرنسية، والمتمثل في إحالل قطيعة يقف وراء حصول اعلى صعيد " الحديث"و"القديم"جذرية داخل الفكر األوربي بين

.القيم المعرفيةالدين "الطريق إلى الحداثة الدينية في كتاب " طكان"م رس فقد

عاكفا على تعيين الدرب اآلمن نحو ". في حدود مجرد العقلفي حدود مجرد "له أي فهم الدين واستعما نية،حداثة دي

ه الضيق إن األمر يتعلق عنده بالخروج بالدين من فضا".لقالععبادة إلى دين عقل أي من دين .إلى أفق المواطنة الكونية

محض، أي دين حرية ؟ ذلك هو معنى الحداثة الدينية التي تنقلنا إلى دين الجماعة الكونية القائم على العقل األخالقي

.للحرية األصلية في اإلنسان نفسه المحض وعلى حسن تدبيرإلى استعمال مجاز هندسي هو مجاز الدائرة كي وقد لجأ كانط، ة، إحداهما واسعزبدائرتين تشتركان في مـركـ "يصف الدين

وهي دائرة العقيدة، واألخرى ضيقة، وتتضمن النواة العقلية يتعلق األمر إذن بالتمييز بين نوعين من . "المحضة للدين

.دين العبادة الخاص بالالهوت، ودين العقل. الدينفي نقد الدين المسيحي استمر مع " االنواري"هذا التوجه

هيجل الذي أعجب اشد إعجاب بالثورة الفرنسية ومبادئها الهادفة إلى بناء مجتمع إنساني جديد قائم على مبادئ عقلية،

مظهرا كانطيا محضا)في مراحله األولى(فقد اتخذ فكر هيجل الدين في حدود مجرد "تحت التأثير المباشر لكتاب كانط

فالمسألة األساسية التي تهمه مسألة خلقية،ولكنه "، "العقلكتاب -هيجل" (حياة يسوع "عالجها تاريخيا من خالل كتابه

إن مهمة مسيح ). 28ص–ترجمة جرجي يعقوب –حياة يسوع يوقد هيجل على األرض تكمن في جعل البشر أكثر نبال،بأن

يعرفون الناموس الداخلي "في روحهم وعي كرامتهم، ويجعلهم .36ص " الذي يجب ان يخضعوا له بحرية

الحياة فيما بعد إلى "التنويري"الفكر هذا وبالتالي فإن انتقالالدينية والفكرية إلى أمريكا قد أثار وأربك المؤسسات التعليمية

النقد الذي " الدينية وبعض رجال الدين المسيحي هناك، ذلك انالعقل المستقل للمجتمع بتقاليده الموروثة باسممارسه التنوير

بمعنى ان حركة )21("أيضا للقيم لم يتورع عن نقد المسيحية لدين ذاته وبالتالي فإن المؤسسات التعليمية التنوير قد مست ا

ارتبكت بين القبول بالتنوير والمنجزات العلمية الحديثة وبين وعليه انقسم . رفضها لها، كأداة ساعدت على نقد الدين

يمثلها التيار التطورات لهذهمؤيد إلى األمريكيالمجتمع صعب أنه من الوالذي رأى ،الليبرالي من داخل البروتستانتية

على الدين المسيحي متابعة طريقه أمام هذا المد الحداثوي، وبالمقابل ظهرت طائفة .االثنينمالءمة وبالتالي يجب محاولة

، حاولت سد الطريق األصوليمحافظة متشددة يمثلها التيار

أمام الحركة الليبرالية المسيحية من تفريغ هذه المفاهيم الدينية بشكل عام عليها يانة المسيحيةمن معانيها التي ترتكز الد .والبروتستابتية بشكل خاص

من جهة اخرى كان للتفكك في الطائفة البروتستانتية بسبب فقدانها لقرار موحد يتفق عليه الجميع اثره السلبي على

االمر الذي اعطى الفرصة لتيار االصولية ي، المجتمع االمريكالذي اوجدته البروتستانتية للتوسع اعتمادا على الفراغ

البروتستانتية، هذا االنعطاف الذي اداره التيار االصولي في التصويت بشكل "الواليات المتحدة كان واضحا من خالل

جماعي في االنتخابات، واضعين بذلك نهاية لفترة االنسحاب و هذا باإلضافة إلى أن انحسار الدين. )22("من الحياة العامة

ودور العائلةإلى تغيير شكل ونمط ياتراجع القيم بشكل عام أدتعد والتي االجتماعية المؤسساتوكذلك تغيير شكل ،الفرد فيها

مما أدى إلى فراغ لم يستطع العلم " ،ضرورية للحياة اإلنسانيةوال العقل األداتي الذي سيطر من خالله ه، وحده أن يمأل

وأصبح سمة عصر الحداثة متمثال بسلطة العقل والتطور يمكن أن نتابع خط االنقسامات التي .)23("التكنولوجيالعلمي المذاهب البروتستانتينية فيما بعد انطالقا من هذا بينحدثت

على: كان الهدف للجميع واضحافقد .التوجه بالذاتالتنظيم من أجل ن في الواليات المتحدة األمريكية المسيحيي

ر في ولكن المشكلة بين الطوائف بدأت بالظهو .مجتمع أفضلاالتفاق على شكل المجتمع األفضل، هل سيكون علمانيا، أم

.يونكما أراده األصولمتشددا مسيحيا

األصولية كظاهرة دينية عامة) 5من األهمية بمكان، من جهة اخرى، ان نرى التطور

االصولية "واالنتقال الذي جرى على مصطلح االصولية من ن بين الطوائف كحركة تمثل تيارا محددا م" المسيحية

بمفهومها الشامل " االصولية الدينية"مصطلح إلىالبروتستانتية والواسع والذي تمثله التيارات الدينية المتشددة في االديان

أفمصطلح االصولية وان بد. ليهوديةاالخرى مثل االسالم واانه إال للداللة على تيار بعينه داخل الطائفة البروتستانتية

تجاوز داللته هذه فيما بعد ليصبح اكثر اتساعا بحيث يستوعب التيارات المتشددة في االديان المختلفة، الشئ الذي اثار حفيظة

ان مصطلح باعتبارواليهود اإلسالميينالكثير من المفكرين خاص بالبروتستانتية وله دالالته الخاصة والتي ال " األصولية"

. ىبق على األديان األخر تنطالبروتستانتي واستراتيجياته األصوليان دراسة فكر التيار

وعند بداية ظهوره تؤيد االعتراضات التي جاء بها مفكر على تسمية الحركات المتشددة لديهم األخرىالديانات

2013، 3، العدد 40، العلوم اإلنسانية واالجتماعية، المجلد دراسات

- 589 -

المسيحي األصوليفي التيار أساسيةفهناك مبادئ . باألصوليةوجودة في الديانات ال تتوافق مع التيارات المتشددة االخرى الم

االخرى وخصوصا االسالم مثل مفهوم االنعزالية، عدم التغيير والتي امتازت بها االصولية البروتستانتية ل، والعودة الى االصو

ولكن .عن غيرها من الحركات االصولية في الديانات االخرىالتطورات التي حصلت داخل التيار االصولي البروتستانتي فيما

تحالفهم مع السياسة وااليدولوجيا االمريكية، بعد وخصوصا اصبحت القواسم المشتركة بينهم وبين التيارات االخرى الموجودة في الديانات المختلفة على مستوى الفكر

فمع .والفرق بينهم باالختفاء لهوها أتواالستراتجيات اكبر وبدمرور الزمن غيرت االصولية المسيحية من توجهها وتحولت

الهوتي في إطار العقائد البروتستانتية إلى حركة من نقاشذات أبعاد سياسية واجتماعية متخطية بذلك حدود ة،احتجاجيالهوت لاتم المزج بين فقد التعبير، هذا إن صح .)24(المذهبية

عندما نعرض أكثر تضحيسوهو . الديني والالهوت السياسي. لديهمهي تمثالت اآلخر ما كيف يفهم االصوليون ذاتهم و

وتمثالت اآلخر قد جرى عليها تطورات األنا بحيث ان معنى . مهمة رافقت هذا المزج بين الديني والسياسي

األصولية على انها تيار ديني " موسوعة األديان"تعرف والهوتي ظهر في الواليات المتحدة داخل البروتستانتينية، كردة فعل على تيار الحداثة بعد الحرب العالمية األولى، أخذ اسمه

.)1915 -1910(األعوام خالل من الكتيبات التي نشرت لحرفية حركة وحسب قاموس المورد األصولية مذهب العصمية ا

عرفتها البروتستانتينية في القرن العشرين تركز على أن الكتاب المقدس معصوم من الخطأ ال في قضايا العقيدة واألخالق فحسب، بل أيضا في كل ما يتعلق بالتاريخ ويعرف األصولي

. بأنه المتعصب المتشدد المتزمتعلى ويعرف قاموس المتدينين بأن األصولية بشكلها الواسع

أنها تشير إلى الحركات الدينية التي تتبع قواعد معينة تجبر . أتباعها على السير وفقا لها كاإليمان الحرفي بالكتب المقدسة

فإنه يعرف األصولي باعتبار أنه ، )25(وحسب ماردسناألصولية نمت من رحم اإليفانجليكية أن ، و "إيفانجيليكي مقاتل"

اإليفانجليكية واألصولية ليستا من ال ، كما يرى أن ك19في ق . التنويعات منظمتين قابلتين للتحديد وانما بداخلهما العديد من

عن " األكاديمية األمريكية للفنون والعلوم"ولكن حسب تقرير 1987الحركة األصولية وتطورها في العالم الذي بدأ في عام

، وأداره مارتن مارتي )مشروع األصولية(1995إلى عام Martin Marty فاألصولية ليست مفهوما مسيحيا فقط، بل هي ،

مثيالتها في كل وجودحركة قائمة أساسا ضد الحداثة ويمكن ضد " عنيفة" "مسلحة"األديان األخرى على شكل معارضة

الحداثة وقد خلصت الدراسة إلى السمات المشتركة بين :الحركات األصولية

بعون، وحصر اتفهم والنساءاألطفال وأما القيادة للرجال - 1 . دور المرأة في المنزل

دة، ولكن يجب عقالمتطلبات الدينية وقوانينها صارمة وم - 2يتطلب عزل األطفال في بيئات هذاو .اتباعها حرفيا

محافظة لكي يتربوا تربية تراعي القوانين الدينية الصارمة . وخصوصا في المدارس

. عد تنطبق على الجميعليس هناك تعددية، والقوانين والقوا - 3

هناك شوق وتوق إلى الماضي إلى الفترة التي كان فيها - 4الدين صافيا حتى ولو لم يكن هذا الماضي الذهبي قد وجد

يوتوبيافعال، فهم يفضلون أن يكون عندهم أمل في . جميلة

وعليه فأن مصطلح األصولية يثير الكثير من المشاكل معناه، والفئة أو الفئات التي والصعوبات، وخصوصا في تحديد

بوضوح مع اإلشكاليةتظهر هذه و . تنطبق عليها هذه التسميةالكتاب اإلسالميين وغيرهم في اعتراضهم على نعت الحركات

هو األصولية، مبررين ذلك بان مصطلح باألصولية اإلسالميةوعليه من الخطأ البحث عن فكر ، مفهوم غربي مسيحي المنشأ

وخصوصا ، األخرى األديانفي أصوليةات او جماع أصوليفي المعاجم " االصولية"نه ال يوجد مصطلح بأمنوهين ،اإلسالم

من جهة او عدم تطابق مفردات واإلسالميةالتراثية العربية المسيحية مع فكر أي من الجماعات الدينية األصولية

المضمون مع اتحاد في اإلسالمية، فهناك اختالف ويعترض الكاتب اسامه خليل في كتابه .)26(بالمصطلح

مرادف األصوليةمفهوم ان على "التاريخية واألصوليةاإلسالم "مصطلح عزيز على األصوليةان مصطلح ا للتخلف، مؤكد، فليس هناك، حسب الكاتب، أعظم واإلسالميةالثقافة العربية

. النحو وأصولالفكر وأصولالدين أصول: األصولمن وأكرمحسب هذا المفهوم هي عملية تأسيس علمي من ليةفاألصو "

حيث ان جميع العلوم الفلسفية والفقهية والرياضية تتكون من هي المبادئ المعرفية التي فاألصولوبالتالي . وفروع أصول

.)27("تؤسس وتوجه البحث في كل علم من العلوم

األصولي وتمثالت األخر" األنا"بداية تشكل ) 6 ضح في الفكر األصولي المسيحي بينهناك خط فاصل ووا

واآلخر المغاير لـه، وهذا الفصل الصارم بين األناواآلخر األنا. يظهر عمليا في أدبيات واستراتيجيات الحركة األصولية

مهددون في مجتمعاتهم وفي هويتهم، األصوليين فالشعور بأنعلى مة للمقاومة من خالل تأسيس وجه نظر للعالم قائ يدفعهم

عامر ناصر شطارة ... األنا وتمثالت اآلخر

- 590 -

كان هذا اآلخر من حتى لو ،مبدأ التمايز بينهم وبين اآلخرين. معتقد اخر/ نفس الدين ولكن من طائفة اخرى او من ديانة

محملة " أمة مسيحية" األصوليون أنفسهم بأنهمى ير لذاك إلى العالم )28("البيورتيانز"فمنذ هجرة ، بمهمة إلهية في العالم

لما اطابع ديني وفق ذيقامة حكم إالجديد حاولوا جاهدين أمنهم في الوصول إلى العالم الجديد، فقد اعاهدوا الرب عليه إذ

أي مدينة فاضلة وفق مجاز " ينة فوق التلمد"اعتبروا أمريكا الكتاب المقدس، واعتبروا أنفسهم يحملون مهمة خاصة

ىوهذه ه. سائر العالم) من قبل( يجب احتذاؤه في اونموذج في تسعينيات القرن العشرين ؤهاذاتها األفكار التي أعيد إحيا

. )29(في فكر اليمين المسيحي الجديد في الواليات المتحدةفاألصوليون المسيحيون يفهمون النص الديني حسب مفهوم

وبالتالي فإنهم يفضلون قراءة Dispensationalللتاريخ "تدبيري"، أي Eschatological "االخروية"الكتاب المقدس حسب النظرة

أنهم يفهمون النصوص التي تتكلم عن قرب نهاية العالم على ، نهاية العالم قد اقتربت فعال وعليه تكون .أنها صحيحة حرفيا

وحسب . وال يمكن فعل أي شيء سوى التمسك باإليمانفإن المشاكل والصعوبات التي عاشها الشعب لييناألصو

تاسع عشر وبداية القرن العشرين األمريكي في نهاية القرن الكانت بسبب ابتعادهم عن الدين والذي كان جليا من خالل الثقافة األمريكية التي سادت تلك الفترة والتي كانت بعيدة كل

، والذي زاد من حدة هذه )30(البعد عن تعاليم الكتاب المقدسالمشاكل، حسب التيار االصولي، هو كون بعض المذاهب

من ،ختلفة قد ساعدت في دمار المدنية المسيحيةالمسيحية المبدال من محاولتها إيقاف ، خالل قبولهم بالفكر الليبرالي والنقدي

ودعوة الناس إلى الرجوع إلى الكتاب ، هذا التشتت الدينيفالطريقة الوحيدة للخالص لن تكون إال باإليمان . المقدس

والت إصالح وليس بمحا بالمسيح وتهيئة الطريق لقدوم المسيح . المجتمع او محاولة تغيره

البروتستانت يينتتوضح فكرة عدم التغير لدى االصوليوهي Social Gospalاإلنجيل االجتماعي بمعارضتهم لحركة

بروتستانت من الحركة تيونالهو وأدارها نظمهاحركة مختلف، تطبق االخالق المسيحية جهتو بولكن ة، االصولي

وتدعو لخلق ة،والمبادئ البروتستانتية على المشاكل االجتماعيظروف معيشية تؤدي إلى إنقاذ األرواح من خالل معالجة

تشبه الى حد كبير المساعدات التي تقدمها ( مشاكل الفقراءالحركة هذهوتعتبر ). اإلسالميالحركات االسالمية في العالم

بتطبيقها20في الواليات المتحدة وكندا في مطلع القرن األبرز ، وخصوصا المشاكل االجتماعيةعلى األخالق المسيحية

مثل الثروة المفرطة والفقر وادمان العدالة االجتماعيةقضايا

الكحول، والجريمة، والتوترات العرقية، واألحياء الفقيرة، والنظافة الصحية، وعمالة األطفال، والنقابات العمالية، والمدارس الفقيرة،

تفعيل إلىسعت الحركة االجتماعية وقد . وخطر الحربليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك ): "6:10متى (الصالة الربانية

اي انهم يحاولون بناء ". على األرض كما هي في السماءمملكة الرب على االرض حسب المشيئة االلهية، وكان اعضاء الحركة بالغالب من مذهب ما بعد االلفية، أي أنهم يعتقدون ان

دث حتى تتخلص الثاني للمسيح ال يمكن أن يح المجيءالحركة في هذهارتبطت . البشرية من الشرور االجتماعية

الغالب مع الجناح الليبرالي في الحركة التقدمية ومعظمهم كانوا والترقادتها ريتشارد إيلي و أهم ومنالليبراليين نالهوتييلمن ا

. )31("المسيحية والمشاكل االجتماعية"صاحب كتاب ريتشنباخ بشده حركة اإلنجيل االجتماعي لمحاولتها األصوليون انتقد

إيجاد حلول للمشاكل االجتماعية للمجتمع األمريكي انطالقا من تعاليم السيد المسيح ومحاولتها تأسيس مملكة الرب للوصول

انه أساسإلى جنة األرض، مبرريين انتقادهم لهذه الحركة على اعتراض على مشيئة اهللا، وكأنهمن جهة، يعد االصالح

أساسالعارف كل شيء، والقادر على التغيير ان اراد، وعلى فإن عملية يوبالتال ،خطة إلهية محكمة من جهة ان هناك

على المشيئة والخطة كاعتراضاالصالح يعتبرها االصوليون ومن جهة اخرى يؤمن االصوليون انه لم يعد هناك . اإللهية

والطريقة مجال ألي إصالح ديني او اجتماعي مهما كان، الوحيدة للخالص لن تكون إال باإليمان بالمسيح وتهيئة الطريق

فمحاوالت إصالح المتجمع لن يكون لها . لقدوم المسيح الثانيبدال من ) بدون فائدة(فائدة سوى صرف طاقة وزمان األفراد

محاوالت " فهم يؤمنون أن. تركيز طاقاتهم نحو لقاء المسيحالسفينة فاول تنظيف غر إصالح المجتمع كمثل من يح

تايتانيك أثناء غرقها بالمحيط، فكما أن تنظيف الغرف أثناء وعمل ال فائدة ترجى منه فمحاولة ،غرق السفينة غير مجد

.)32("بال طائل وال فائدة إصالح مجتمع فاسد أيضا عمل أهمية كبيراألوائل، ال يعيرون يينالمسيحومن هنا نرى ان

أو م،اآلالم الجسدية التي كانت تواجههللمشاكل االجتماعية و هم، فالظلم الدنيوي ال يستدعي المقاومة أو يتواجه مريد

. إصالحه ألنه سيزول قريبا بزوال عمرنا القصير على األرضهذا الفهم األصولي للدين كان محل انتقاد الكثير من المفكرين من داخل وخارج المذهب البروتستانتي ألنها، حسب رأيهم،

شجع القبول السلبي للكوارث، والذي سيؤدي إلى خلق أفراد ت"فاألصوليون . غير معنيين بتغير الواقع حتى ولو كان كارثيا

هنا يؤمنون بأن الدمار والفساد بالمجتمع هو شيء ال يمكن باألعمال الجيدة، ألنها ) أصال تداركه وال يجب محاولة(تداركه

2013، 3، العدد 40، العلوم اإلنسانية واالجتماعية، المجلد دراسات

- 591 -

كون السبب وراء هذا يقد ، )33("ببساطة تعبر عن مشيئة الرباالعتقاد احد المبادئ األساسية للبروتستانتينية والتي اعطتها

مبدأ الخالص الحركة االصولية المسيحية اهمية فائقة وهي ، فالكتاب المقدس وان كان يشجعنا على القيام باإليمان وحده

باألعمال الصالحة، إال أن فكرة الخالص األبدي ونيل الحياة وافق أبدا مع ما تقوم به من أعمال جيدة في األبدية ال يت

الحياة، فاهللا حسب هذا المعتقد ال يمكن أن يترك هذا الموضوع المهم، وهو الخالص إلى حكم عقلنا وضميرنا، فاإلنسان غير كفؤ للمحافظة على حياته نظيفة دائما، فاإلنسان مهما كان

عليه فالحياة مؤمنا وتقيا ال يستطيع عمل كل ما يطلبه الرب، و .األبدية والخالص هي باألساس هبة من اهللا

أما كالفن، وهو متفق مع رأي لوثر هذا، إال أنه اضاف أيضا بأن اهللا قد اختار منذ األزل كل الذين سيخلصون، ليس على أساس أي جدارة أو عمل، وانما يستند فقط إلى رحمة اهللا

النجيلي لفهم النص ا إلىوبالتالي يجب العودة . ومشيئتهاألصول هو مفهوم إلىفمفهوم العودة . وفهم خطه إشاراته

الديني عامة، فهو واضح وصريح في األصوليمرتبط بالفكر مثال بصورة مغايرة عنه في اإلسالمي األصوليالفكر ، فليس من أهداف الحركة األصولية )34(المسيحية األصولية

المسيحية ال على الصعيد الفكري الديني وال على الصعيد األصوليةان . زمن سعيد ومجيد إلىاالجتماعي العودة

البروتستانتية تركز على كون الكتاب المقدس هو المرجعية الوحيدة للديانة المسيحية، وهو شيء مختلف عن مفهوم العودة

وبالتالي فإن مفهوم العودة ي،مفهوم اإلسالمالى األصول بالإلى األصول مختلف بين األصولية المسيحية واألصولية

فالعودة تعني فقط العودة الى النصوص اإلنجيلية . اإلسالميةبالطريفة الصحيحة علما ان اهللا حسب المذهب فهمهومحاولة

ة بدون مساعد همهاإلنجيل على فأ البروتستانتي سيساعد من يقر وبالتالي هناك مفاهيم خاصة باألصولية البروتستانتية قد . احد

ال تتوافق مع األصولية اإلسالمية ولكن هذا االختالف بين األصولية البروتستانتية واألصوليات الدينية " المرحلي"

بشكل عام قد تم تجاوره من قبل التيار األصولي المسيحي مجتمعه األمريكي ليس في ، الذي أصبح يؤمن بضرورة التغيير

وهذا التغير كان واضحا من خالل ،ولكن بالعالم اجمعب، فحسسياسات اليمين األمريكي المتحالف مع التيار األصولي البروتستانتي، والذي رسم بالتالي حدودا اقصائية وتهميشية مع اآلخر المختلف، ويبدو هذا التغير في المنهج الذي اتبعه التيار

Moral Majority" االغلبية األخالقية"ة االصولي بظهور حركالتحالف (وبات روبارتسون، مؤسس بقيادة جيري فالويل

فجراء تأثيرهما اإلعالمي الواسع، فتح هذان " )المسيحي

المقدمان الباب واسعا أمام األصوليين الكتساح السياسة، وقطعا مع نوع من العزلة كانت مهيمنة تلخصت في تخليص أمريكا

العلمانية، عالمة ضياع الهوية، مع المناداة بإدماج أداء منالصالة في المدرسة العمومية، وكذلك التأكيد على نظرية الخلق االنجيلية، ومعارضتهم لإلجهاض والعالقات الحرة

، وبالتالي فإن هذا التحالف أو المزج بين )35(والجنسية المثليةمعنى وحدود األنا الديني والسياسي قد احدث تطورا مهما في

فاآلخر .وتمثالت اآلخر لدى التيار األصولي البروتستانتيره وتهميشه توسعت حدوده من يالذي يجب تغي" المختلف"

العلماني، الليبرالي، (اآلخر داخل نطاق المجتمع األمريكي نتمي غير المبروتستانتي وحتى البروتستانتي غير الالمسيحي

إلى خارج حدود المجتمع األمريكي ) للتيار األصولي المحافظ) وخصوصا اإلسالم( شمل أصحاب الديانات األخرىيل

. والمعارض لاليدولوجيا السياسية للحزب اليمينيعلى انه " العدو"ال يعرفون ينالمسيحي يناألصوليإن

يعتبرون العدو بجانب الحركات النسوية "الغرب بحد ذاته، بل ، واصفين واإللحادة بالعلمانية من يحاول ان يصبغ الحياة العام

محمد عارف تأثير صعود ، ويعرض )36("بخونة الحضارة إياهمالبروتستانتية اإليفانجليكية على العالم اإلسالمي، ال سيما

لها والتي شك "نظرتهم للعالم اإلسالمي الجامدة والنمطية السلبية، اعتقادهم في حتمية الصراع بل والحرب مع اآلخر الحضاري

. )37()هرمجدون( "الدينيو احد القواسم المشتركة بين أن يمكن القول وبالتالي

االصوليات الدينية المختلفة هو خطابهم الشمولي االقصائي وبالتالي ال يؤمن بفلسفة ،الذي ال يعترف باآلخر المختلف

خطاب شمولي بمعنى أن لـه تصورا نهائيا عن . االختالف، وبالتالي فإن الخطاب األصولي يقدم التاريخ واإلنسان والحقيقة

نفسه كخطاب يحمل الخالص لإلنسانية بشكل عام في كل المجاالت والمستويات، انه خطاب مؤسس على اعتقاد أن الحقيقة اكتملت في فترة تاريخية معينة وانها ناجزه بالتمام، وما علينا سوى الرجوع إليها لحل كل مشاكلنا الحالية، وبالتالي

ألصولية كخطاب ضمن ما كان يسميه جان فرانسوا تدخل ابالسرديات الكبرى مثل Jean-François Lyotardليوتار

الماركسية والليبرالية، مع األخذ بعين االعتبار أنه تم نقد هذه السرديات الكبرى وربما تجاوزها في عصر ما بعد الحداثة، تنا ولكن تميزت األصولية الدينية بسريان مفعولها حتى وق

في امتصاص صدمة الحداثة " الناجحة"الراهن بسبب محاوالتها وهذا ما نجده واضحا في . والتكيف معها بل وتوظيفها لها

بعض الكتابات التي حاولت تحليل ظاهرة الحداثة والتساؤالت المسيحية واألصوليات األصوليةالتي برزت في هل يجب فهم

عامر ناصر شطارة ... األنا وتمثالت اآلخر

- 592 -

الدينية بشكل عام على أنها عملية ضد تيار الحداثة وما رافقها . للحداثة ليس إال" مسحنه"من تطورات أم إنها عملية

تعرضت األديان على مدار التاريخ والمؤسسات الدينية ذاتاألديان بشكل عام لمخاطر وتهديدات وومؤمن ووحتى تابع

ي كان أصل سياسي، اقتصادي، عسكري او حتى ثقافي والتلها األثر الكبير على مسيرة هذا الدين او ذاك، مما كان يستدعي تلك الديانات بأخذ التدابير من اجل الدفاع عن نفسها ومؤسساتها الدينية والتابعين لها، وقد أخذت هذه التدابير أشكاال

والسؤال المهم هنا هل الفكر األصولي. مختلفة على مر التاريخوالدائمة تلك "القديمة"شكال الدفاع هو شكل من أ" الحديث"

التي مرت بها األديان على طول تاريخها، ام ان الفكر األصولي الحديث مثل األصولية البروتستانتية او اإلسالمية هو شكل جديد من التدين لم يسبق أن كان له مثيل على مدار

. ؟صتاريخ البشرية بشكل عام وتاريخ األديان بشكل خاد فيرلي باإلجابة على انه ليس من الممكن يساعدنا ادوار

وصف الدفاع عن النفس والمعتقد والذي يمكن إيجاده بأوقات سابقة ومختلفة في مسيرة األديان مع التيارات األصولية الحديثة

فالمحرك الرئيسي للتيارات األصولية الحديثة . والموجودة أالن. )38(لمشروعوال يجوز فهمها إال من خالل هذا ا" الحداثة"هو

فالتيارات الفكرية السابقة لمشروع الحداثة وان تماثلت مع التيارات األصولية الحديثة مع بعض النقاط، إال أن لها . خصوصية ال يمكن التغافل عنها اال وهي صدمة الحداثة

وهي الصفة الجامعة لكل األصوليات الدينية وخصوصا . البروتستانتية المسيحية واإلسالمية

رغم وجود العديد من الدراسات التي تجهد في إظهار وعليةاالختالف بين أألصول التاريخية، االجتماعية والفكرية للحركات األصولية الدينية في األديان األخرى مع األصولية في أول انبثاق لها، أي في األصولية المسيحية البروتستانتينية،

" ت األصولية صفات مشتركة بين جميع التيارا بوجودإال أنه أسالمية أم يهودية، أو حتى ت أم مسيحية كان" صدمة الحداثة

عندما ال تكون أصولية على أساس ديني، فإن نفس أسلوب الخطاب واالستراتيجيات األساسية التي يوظفها األصوليون الدينيون عند استخدام الدين، لوصف هوية مجموعة معينة،

ذاتمجموعة أخرى هي نفسها التي توظفها عندما تسيطر فمن خالل دراسة . صفة شمولية كأساس لوصف الهوية

األصولية من هذا المنظور الواسع، نرى أن التيارات األصولية الدينية المختلفة ليست فئة حالمة أو طوباوية، بل أنهم واقعيون ينظمون أنفسهم لكي يكونوا مؤثرين في السياسات العملية

مبادئهم األساسية وخطاباتهم الموجهة نحو المستقبل، بعكساألساس الديني ذاتالعامة التي يركزون عليها في أدبياتهم

وبالتالي يكون دافعهم األقوى . المثالي او حتى الفردانيوالمحرك الرئيسي يتمثل في أنهم في خطر، سواء كان هذا

خالقية ى الألالخطر العلمانية، الحداثة، الغرب الفاسد، أو حتمليات اإلجهاض أو المثلية أو شرب الخمور، المتمثلة بع

وبالتالي فهم يحددون الخطر ومصدر الفوضى واإلخالل أنه يرتئونويقاومون بشراسة من أجل فرض النظام الذين

أشكال المقاومة من الممكن (األفضل للمجتمع الذي يعيشون به أن تكون مختلفة من أصولية إلى أخرى، وهذه نقطة في غاية

األصوليوهذا ما يؤكده مختار بن بركة في ان التيار .األهميةاخذ ، المسيحى في الواليات المتحدة في فترة الحقة من مسيرته

بعدا جديدا حين تحالف مع السياسة االمريكية وخصوصا مع يشكل تحديد العدو الذي "... ، "اليمين المسيحي"التيار المسمى

لهوية، من حيث ان ينبغي قهره عمال حاسما في إعادة تشكيل االيمين المسيحي الذي هو بطبيعته حركة دفاعية يتحدد من

بالنسبة له فإن الخصم سواء اكان ". خصم خالل معارضة . )39(مفترضا ام متحققا هو امر محتم

المهمة التي يجب " األخر"أو " الخصم"احد تمثالت هذا يان دراستها، والتي تكشف التشابه بين الحركات األصولية باألد

التيارات والتي يتغاضى عنها الباحثين وخصوصا (المختلفةعند اعتراضهم على تسمية او )المتشددة في األديان األخرى

فمن . باألصولية، هي المرأة متشددة لديهموصف التيارات الاالستراتيجيات المهمة التي يتبعها الفكر األصولي المسيحي

ويمكن مالحظة هذه اإلستراتيجية بالفكر األصولي للديانات (إعادة ترسيم حدود المرأة الفكرية واالجتماعية بما ) األخرى

" المرأة ضد األصولية"حسب حركة . يتناسب مع معتقداتهم(Wonen Against Fundamentalism) WAF إن المسيحية في

أوروبا والواليات المتحدة األمريكية تلعب دورا رئيسيا ومتناميا وخصوصا من خالل الحركات . في إعادة تحديد الهوية هناك

من العنصرية بسبب ا جديد ا القومية واألصولية والذي ينتج نوعلعلماني او اواآلخر شعور العزلة والتفرقة بين األنا المسيحي

وتركز الحركة على إظهار مدى . تسب لهمالمن غيراآلخر الدور السلبي الذي تلعبه التيارات األصولية الدينية في إقصاء

في " ،وتهميش دورها بشكل عام ،المرأة كفاعل أساسي بالمجتمعقلب كل االستراتجيات األصولية نجد التحكم في عقل المرأة

نية تساند شكل البطريركية لمفتاح وجسدها، فكل األصوليات الديلتمرير كل أفكارهم، وينعكس ذلك من خالل تصويرهم المرأة على انها الكيان الذي يعكس ويجسم كل القيم األخالقية

، وحسب )40("والتقليدية المؤسسة للعائلة والمجتمع بشكل عامادوارد فارلي فإن بدايات ظهور التيار األصولي البروتستانتي

خالل اعتراضاتهم على التغيير الذي حصل على بانت من

2013، 3، العدد 40، العلوم اإلنسانية واالجتماعية، المجلد دراسات

- 593 -

تتعرض له ماوعليه فان . )41(دور المرأة في المجتمع األمريكيالمرأة داخل األسر األصولية من خضوع، وما تتعرض له الحركات النسائية من عرقلة اليمين المسيحي للمطالبة بالتعديل

نوع، المساواة على أساس ال حالذي أجازه الكونجرس الذي يمنويحذر الكاتب من . هو شاهد على نهج هذا التيار إزاء المرأة

سيؤثر في المجتمع بكل أطيافه،أي انه هذه المعتقداتتبني أن المجتمع األمريكي ىليمتد إل ،يتجاوز تأثيرها األسر األصوليةس

بأسره، وأن موقفهم المحافظ على سبيل المثال من مسألة وأن . مريكي كله بشكل عاماإلجهاض ينعكس على المجتمع األ

تطبيق معتقدات األصوليين في المجتمع األمريكي سيكون له زيادة معدالت الفقر، تدني مستويات : عواقب وخيمة متمثلة في

في " حرب قيمية"التعليم، ارتفاع معدالت الجريمة، ونشوب هرض قيمفالداخل األمريكي يتصارع فيها كل طرف ل

.وأخالقياته

على ةإيجاد أمثلة عديدة أو اعتراضات مشابههذا ويمكن األصولية اإلسالمية من قبل الحركات النسوية في العالم

أخرها ما أشار إليه فهمي جدعان بخصوص عملية ، اإلسالميالرفض واالستنكار من الممارسات المسيئة للمرأة في

والتي تتبناها التيارات األصولية، وحسب ،المجتمعات المسلمة، "غض الطرف"فإن المحافظين من المسلمين يحبذون "جدعان

او إهمال، او تجاهل، أو احتقار، او إدانة هذا الفريق الضال من المسلمات، وقد يتوهمون ان )الحركات النسوية الرافضة(

البحث في هذا النمط من الكتابات يمثل ترويجا للضالل .)42("همواستفزازا وجرحا لمشاعر المؤمنين واساءة إلى مقدسات

هذه الصفات المشتركة تمكننا من تحديد ظاهرة األصولية، كظاهرة عابرة للقارات ومتعددة الجنسيات والثقافات، وباألساس تعبر عن مشكلة في الهوية أو على األقل تكون الهوية أحد أبعادها المهمة، وذلك كي ال نحصر المشكلة بالهوية فقط،

نا واآلخر وتمثالته والعالقة ما والتي بالتالي تجد لها روابط باألبينهما كأساس لبناء هوية وجدت نفسها محاطة بأسوار الحداثة

في أنه في "األوروبية، وهذا ايضا ما عبر عنه أوليفييه روا إحداهما : الربع األخير من القرن العشرين تواجهت نظريتان

ترى في العلمنة صيرورة محتمة، وهي شرط الحداثة، ونتيجة آن، واألخرى تسجل أو تحيي عودة الدين مدركة إما لها في

على أنها احتجاج على حداثة مستلبة أو وهمية، واما كشكل .)43("مختلف للدخول في الحداثة

أحد انعكاسات هذا الخالف تم ترجمته على ارض الواقع كأزمة هوية وبالتالي فان احد أسباب ظهور الفكر األصولي الديني يكمن في مشكلة الهوية لديهم، وذلك نتيجة عدم تكيفهم مع واقع الحياة الجديدة الحديثة، مما استدعاهم القيام بحمالت

فما . األنا واآلخرمعاكسة لتنظيم أنفسهم بغية إعادة صياغة كان ليكون للفكر األصولي المسيحي هذا االهتمام والرواج بين

على تصور خاص اؤهالباحثين األكاديميين وغيرهم، لوال احتو لآلخر قائم على النفي واالستبعاد، وربما القضاء عليه كليا، فاآلخر هو النقيض المطلق للذات الواجب نفيه، ألن وجوده

. وديا ومعرفيا لهايمثل تهديدا وجوعليه فإن تمركز وانحصار تعريف الهوية بحدود األنا، ككيان منغلق ومكتفي بذاته، سيؤدي بالمقابل بالمبالغة في إظهار اآلخر، كخطر يهدد هويته، مما سيحول اآلخر إلى مجرد عدو يهدد حدود الذات، وهذا يعني بناء حدود فصل بين

مصطنعة في أغلب األحيان، ا الذات واآلخر وان كانت حدودعلى اكتشافهم لماض مجيد وقويم، كما هو الحال في مةقائ

، او اعتبار االنجيل كمجموعة رموز هم اإلسالمية األصوليةاألقدر على فكها، كما هو الحال في االصولية المسيحية، ومن ثم شيطنة هذا اآلخر المختلف من علماني وليبرالي او من

تفسيره من منطلق نظريات المؤامرة، ومحاوالته ديانه اخرى، و المبالغة والتضخيم "في القضاء على الذات من خالل الدءوبة

في إظهار خطر اآلخر ومؤامراته المستمرة في القضاء على الذات، أو في وصف مشكالت اإلنسانية بطريقة تهويلية،

هذا . )44("تهدف لتسويغ خطاب األصولية الشمولي واالنتقاديى جانب احتواء الفكر األصولي على اعتقال لعقل اإلنسان إل

وتحديد هامش لـه غاية في الضيق، مع اعتقادهم أنهم يملكون حقيقة مطلقة يحاولون فرضها على كل أطياف المجتمع، فاألصولية تمثل استعدادا فكريا للذين يكرهون التكيف مع

ضته كل ظروف الحياة الحديثة ينتج عن جمود وتسلط في معار . تطور من خالل استنادهم إلى عقيدة تراثية

وبالتالي فإن عدم التسامح ونفي اآلخر بصورة عدائية، هو فقد "أكثر السمات المميزة ألي فكر أصولي مهما كان مصدره،

يتجه أالفكر االصولي يشكل اشكالية للمجتمعات عندما بد أبدحيث يكمن ، )45("اآلخرين اتجاه واإلقصاءعملية العنف إلى

الخطر في الفكر األصولي في تحوله من ظاهرة دينية محصورة بالمجالس واألوساط الدينية، إلى ظاهرة اجتماعية تكون حدودها المجتمع بكل أطيافه، هذا ال يعني ان كل فكر ديني أصولي النزعة، وال كل تأزم في الهوية سيؤدي إلى نفي

هو فكر ديني مثال ) محمد عبده(اآلخر واستبعاده، ففكر إصالحي ولكننا ال نستطيع أن نصفه بالفكر األصولي، بالمقارنة مع فكر سيد قطب الذي هو أصولي بامتياز مع أن

. يمكن أن نعبر عن جزء مهم منه كأزمة هوية كليهماالهوية هي Alex Mucchielliحسب اليكس ميكشاللي

منظومة متكاملة من المعطيات المادية والنفسية والمعنوية

عامر ناصر شطارة ... األنا وتمثالت اآلخر

- 594 -

واالجتماعية، تنطوي على نسق من عمليات التكامل المعرفي، وتتميز بوحدتها والتي تتجسد في الروح الداخلية التي تنطوي

والهوية . )46(على خاصية اإلحساس بالهوية والشعور بهاناصر المادية والنفسية تأسيسا على ذلك، هي وحدة من الع

المتكاملة التي تجعل من الشخص يتمايز عن سواه ويشعر .بتبيانه ووحدته الذاتية

شكلت التغيرات الهائلة في بداية القرن العشرين ونهاية فقد القرن التاسع عشر، وتحديدا في الواليات المتحدة األمريكية في

طلقا جوهريا كل المجاالت العلمية والفكرية واالقتصادية، منمولدا إلشكالية الهوية، والتي بدورها أصبحت منطلقا لظهور وتنامي الحركة األصولية وغيرها من الحركات التي استلهمت الهوية على شكل صراع من أجل تأكيد ذاتها والمحافظة على

. مسلمات وجودهاوكان من الطبيعي حصول هذا التصادم بين الحداثة كثقافة

ة على العلمانية والفردانية والعقالنية والمجتمع موحدة قائمالمدني، وبين الهوية أو الهويات المقاومة لتيار الحداثة، بما . فيها طبعا الفئات التي تتمسك بالدين كأساس لهويتها ووجودها

فالقيم التي تؤسس لها الحداثة مختلفة عن القيم المؤسسة ختالف بينهم سيجعل للهويات األصولية، وبالتالي فإن هذا اال

الطرف األضعف والذي يتمثل بالهويات األصولية أمام المارد الحداثوي يشعر بالتهديد، وبالتالي عمل ردات فعل وجودية

. ومعرفية من أجل ضمان استمرارهمفالهوية المرتكزة على الدين هي بشكل من األشكال تعبير

إن الهويات ، وبالتالي ف"اآلخر"من نكون أمام " نحن"عن صيغة القائمة على مبدأ ديني متصلب مثل الهويات األصولية، تتعلق ومرتبطة باآلخر، اي ال يمكن رسم أبعادها إال بواسطة اآلخر

" نحن"والمختلف، فالهوية األصولية تهتم بترسيخ وترسيم ال والقيم المشتركة بين أفرادها التي تمثل الجماعة والذين ينتمون

ولكن المشكلة تكمن في أن هذه . المختلف لها في مقابل اآلخرالعملية الترسيمية ستؤدي إلى طمس هوية الفرد وأبعاده الفردانية التي هي أساس الفكر الحديث، وطبعا هناك فرق بين

لألنا وكخطر على وجوده، وبين اعتبار " كعدو"اعتبار اآلخر اآلخر كجزء مهم لتأكيد األنا وضرورة التواصل معه من أجل

. هم أفضل للذاتفولكن كيف تتحدد العالقة بين الذات واألخر، وهل اآلخر ضروري لوجود الذات، وما هي طبيعة العالقة المفترضة مع

إن . هذا اآلخر هل هي عالقة تعايش سلمي أم عالقة صراع" الهوية"اإلجابة على هذه األسئلة يمر بالضرورة على مسالة

. يسية التي ترتكز عليها الهويةالن اإلجابة ستؤلف القاعدة الرئمن حيث الداللة الفلسفية المفهوم يدخلنا في إشكالية، حيث

فهو ،يصبح الغير هو اآلخر وفي نفس الوقت ليس آخرفان يكون اآلخر هو األنا الذي ،مطابق وبنفس الوقت مغايريمكن القول أن السؤال عن .لليس أنا هو بحد ذاته إشكا

لفلسفة اليونانية، إال أنه كان سؤاال يخص الهوية ولد في رحم االمنطق، فأرسطو حدد الهوية باعتبارها أحد المبادئ الثالثة للمنطق، إضافة إلى مبدأ عدم التناقض ومبدأ الثالث المرفوع،

وبالتالي فإن " تطابق الشيء مع ذاته"والتي عرفها أرسطو بأنها . ق والعقلالهوية األرسطية بدأت متداخلة مع مبادئ المنط

ولكن تطور الفكر الفلسفي أدى إلى تطور سؤال الهوية ليدور في فلك الفلسفة بشكل عام، وعلم االجتماع واألنثروبولوجيا بشكل خاص، وبالتالي فان االنتقال من مسألة الهوية كونها مسألة بداهة، كما في الفلسفة األرسطية، إلى إشكالية متغيرة

. تم من خالل الحداثة األوروبية بحاجة إلى بناء وتأسيس، قد، "ابتكار الذات"فعالم االجتماع جون كلود كوفمان في كتابه ، كما وتتبع )47(يرى أن مسألة الهوية مرتبطة تاريخيا بالحداثة

، "أصول األنا"في كتابه Charles Taylor رتايلو المفكر شارل الهوية نشأة الهوية الحديثة عبر تاريخ الفلسفة، ووصل إلى أن

الحديثة ترتكز على جوانب عدة منها اكتشاف األنا مع ديكارت، وتثمين الحياة العادية والمادية عبر العمل والصناعة

أن دور البروتستانتينية ) رتايلو (واألسرة والزواج، والذي يرى هنا هام ألنها أعلت من دور العمل والصناعة والزواج كجزء

. )48(من العبادةعصر األوروبي الحديث، بدأ يتبلور مع ديكارت فمع بداية ال

اإلنسان ككائن عاقل معتمدا على عقله وفكره دون الحاجة إلى فاإلنسان كائن جوهره التفكير . أي داعم خارجي إلثبات ذاته

والوعي، وبذلك قطع ديكارت تصورات الهوية مع التصورات ا السابقة لها، خصوصا مع تصورات الهوية التي كان يكرسه

وغني عن القول أن . الدين والعصور الوسطى بشكل عامالهوية الديكارتية قائمة على أنا منعزل، دون إعطاء ما هو خارج الذات أي اآلخر نفس القيمة، والذي هو بحاجة إلى برهان إلثبات وجوده، عكس الذات المستقلة والتي تدرك

طار وجودها بشكل مباشر، األمر الذي أدى إلى مشكلة في اإل، أي قطع الصلة مع Solipsism الفلسفي وهي األنا وحدية

اعتقادنا المباشر في وجود عالم قبالة الذات، بسبب أن وجود العالم سيكون مرهونا ومعتمدا على الحواس التي وصفها

. )49(يقينيةديكارت بالخادعة والغير فاالبتعاد عن العالم هو شرط استقبال الذات، فالفعل الذي

ث مسافة مع العالم هو الفعل نفسه الذي يميزنا عن يحدانا أفكر ( الموضوعات الخارجية، فيصبح الكوجيتو الديكارتي

هو اآلنية التي تحررت من العالم والموضوعات )أذن أنا موجود

2013، 3، العدد 40، العلوم اإلنسانية واالجتماعية، المجلد دراسات

- 595 -

الخارجية، ولكن هذا يعني أيضا أن الذي تم إبعاده حتى تدرك " الجسد" وانما األنا ذاتها ليس الموضوعات الخارجية فقط،

، فاآلخر هنا ليس لـه أي دور في تحديد هوية األنا إال "الغير"وففي امتحان اليقين، لم تنجح إال . من خالل إقصائه واستبعاده

الذات المفكرة في الصمود أمام الشك، والغير أصبح بالتالي في مرتبة أقل وصفها ديكارت بالوجود مع الجسد، اآلخر، اإلله

ا ستكمن احد المغالطات الديكارتية في أن اهللا أو وهن. والعالم، )دون اليقين(اإلله الذي ظهر في تجربة الشك في مرتبة أقل

سيكون فيما بعد ضامنا للحقيقة، وهذه مسألة أخرى ال تدخل . ضمن نطاق بحثنا هذا

ستظهر أيضا مشكلة أخرى لربما ورثها ديكارت من و السواء، أال وهي إقصاء الجسد الفلسفة اليونانية والوسطية على

الجسد "المترتب على الشك فيه، الشيء الذي فتح الباب لتأويل وبالتالي . على المستوى األنتولوجي واألخالقي كمرادف للرذيلة

فان العقل األوروبي الحديث والذي يعد ديكارت أحد أعمدته ، اصبح ال يعرف اإلثبات إال من خالل النفي، والذي األساسية

ره تطور فيما بعد لينتقل من حالة النفي وعدم اليقين الى بدو درجة التهميش، وبالتالي ال يتعرف إلى األنا إال من خالل نفي اآلخر، واظهاره بمظهر دوني أو ربما أمكن القول استدعاء

. اآلخر بهدف نفيه وتهميشهة مع معنى الهوية السابقة لـه، فديكارت إذا يؤسس لقطيع

" األنا أفكر"األولى لعصر حديث جديد، قوامه يضع اللبنة و كأساس لهوية ذاتية فردية، متجاوزا كل أشكال الهوية السابقة لـه

فالفرد كان جزء . والتي كانت مرتبطة بأسس ومعارف خارجية. مؤمنة وأصبح مع ديكارت متوحدا مع أناه فقط" جماعة"من

هوية جوهرها وبعبارة أخرى أن اإلنسان في فلسفة ديكارت يملك التفكير أو الوعي، وهو يدرك هذه الهوية كحقيقة واضحة

. وبديهية من خالل عملية الشك والتفكيرومختلفة للموضوع عند هيجل، " مهمة"ولكننا نجد مقاربة

فاإلحساس المباشر للذات حسب هيجل هو شكل بسيط وأولي ة جدلية من اجل الوصول قلإلدراك، البد له ان يتطور بطري

ضروري لوجود الذات فاآلخر لى مرحلة االكتمال وبالتالي،إوانتقالها إلى مرحلة متقدمة لتخرج من هذا اإلحساس المباشر والذي وصفه هيجل باإلحساس الغريزي ليتحول اهتمام الذات

االنكفاء على رغباته الطبيعية ل إلى رغبة ذات أخرى بدقال الذي يحتوي وبالتالي فإنسانية اإلنسان مشروطة بهذا االنت

من اجل الوصول " الحيوانية"على المخاطرة برغباته الجسدية ، والذي )50(إلى رغبة أرقى واعقد عبر اقتناص رغبة األخر

اعتراف اآلخر . سيؤدي إلى صراع من اجل االعتراف والسيادةأذن هو صراع ولكنه . الخضوع لرغبتها ثمبك كذات ومن

الموت فالذات تهتم بان صراع من اجل الحياة وليس من اجل نجد عند يهوعل. يبقى اآلخر متواجدا حيا ليستمر االعتراف

عن المفهوم الديكارتي الذي يؤسس الذات فا مختل ما هيجل مفهو على المعرفة وليس على االنطالق نحو اآلخر كما هو عند

نجد مقاربة أخرى عند سارتر الذي يعد أن الذات في . هيجلتعرف نفسها ويتم ذلك عن طريق نظرة حاجة إلى اآلخر لكي

اآلخر لي والتي يعتبرها سارتر من جهة المفتاح لفهم الذات ومن جهة أخري الجحيم الذي يحرمني حريتي أو يحد منها

.على اقل تقدير األوروبيفي الفكر واآلخربين الذات العالقةاذن مرت

الحديث عبر سلسلة من الحوادث المختلفة الصراعية تارة من اهم المفكرين . والضرورية او حتى االقصائية تارة اخرى

" سلمية"االشكالية محاوال ايجاد صيغة اكثر بهذهالذين اهتموا هو المفكر الفرنسي الغائب عن عالمنا العربي تصالحيه وأكثر

فهو فيلسوف ) 1906- 1995( (Levinas) امانيول ليفناسعلى ضرورة التوقف عن اعتبار فلسفتهالغيرية والذي اكد عبر

دائرة النوع إلىفي معاملته كشخص ينتمي أونبد ،يئا اآلخر شأي محاولة تخطي العالقة الصراعية النافية ومد . البشري

، وحتى بين الثقافات المختلفةواآلخر جسور التواصل بين االنائمة على المصالحة، اكثر انسانية وقابلة من اجل بناء هوية قا

للحياة وعلى االعتراف المتبادل بحق الجميع في الحياة والتفكير . )51(والمشاركة

من اعتبار الجسد هو الحاضن فلسفتهانطلق ليفناس الطبيعي للفكر والعقل خالفا لديكارت الذي ركز على التفكير

ذي هو بنفس متغافال الجسد، حامل وحاضن هذا التفكير والالتي نرى من خاللها العالم متمثال بوجه وعيون المرأةالوقت

القادم اإلنسان ةمسؤولياالخر، ان الذات الحاضرة تتحمل فالهوية . )52(مطلقة تجاه االخر ةمسؤوليلكونها اآلتيوالجيل

يجب ان تقوم على االندماج واالعتراف وليس على العزل . مع االخرين إالفال حياة . والتمركز على الذات واإلقصاء

مـــةخات

التيار إلىان مدار هذا البحث الرئيس هو النظر ك

البروتستانتي من زاوية فلسفية من خالل التصادم بين األصولية، الحداثة كمشروع شامل وحاضن ألهم القيم الفلسفية الحديث

من زاوية البروتستانتي وخصوصا األصوليوبين التيار من خالل األصولية،الصدمة على الهوية هذهانعكاس

فالقيم التي تؤسس . واآلخرمحاولتهم إعادة رسم وتحديد لالنا لها الحداثة مختلفة عن القيم المؤسسة للهويات األصولية،

عامر ناصر شطارة ... األنا وتمثالت اآلخر

- 596 -

وبالتالي فإن هذا االختالف جعل من التصادم ال مفر منه، مما ر خلآل واقصاءادى الى تبني صيغة لالنا تقوم على نفي

اآلخر إلىيبرالي لمن اآلخر المسيحي ال ابتداءالمتعددة هكالبأشسيحي والتي تمثلت بقوه مع غير الماآلخر إلىالعلماني وصوال

. اآلخر المسلمون لألحداث الثورية، مثل الحداثة، التي كيمن الطبيعي أن

تحدث تغيرا شامال في شكل المجتمع واالعتقاد وعلى جميع على الذات التي تلجأ للمقاومة بأشكال دماألصعدة تأثير صا

مختلفة لمحاولة استرجاع الوضع القديم، ولهذا شاهدنا كيف " نحن"اهتم التيار األصولي البروتستانتي بترسيخ وترسيم ال

القيم المشتركة بين أفرادها التي تمثل الجماعة والذين ينتمون و المختلف أي إعادة تشكيل واآلخر لها في مقابل القيم الجديدة

ولكن ليس من . بما يتناسب مع الوضع الجديد" الهوية"الطبيعي أن تكون أشكال المقاومة عنيفة واقصائية وخصوصا

من جا الواحد مزيفي عالم زالت فيه الحدود وأصبح المجتمع جنسيات وقوميات واديان مختلفة تحاول التماسك من خالل منظومة المجتمع المدني الصيغة األكثر قبوال والتي بدورها

من اجل ذلك، يقترح . تستند إلى فلسفة االختالف والتسامحنمطا أخر في التفكير على أساس Edgar Morinادغار موران

على مبدأ الكثرة بطريقة تفرض قائمة " مركبة"هوية إنسانية والتي تسمح بنفس )53(على األنا االنفتاح على اآلخر المختلف

الوقت بتعدد اإلجابات بدال من االنغالق وااللتفاف على إجابة ولذلك يدعو أيضا كلود ليفي . واحدة لربما ال تكون صحيحة

شتراوس إلى التسامح مع اآلخر والثقافات واألديان المختلفة هناك ثقافة أو فئة يحق لها النظر إلى ذاتها باعتبارها فليس

ارقي أو أنها تمتلك الحقيقة والتي هي بعيدة عن فهم وهكذا فالعالقة بين الثقافات كتعبير عن العالقة بين . )54(رخاآل

األنا والغير، يجب أن تقوم على الحوار واالعتراف المتبادل الن نفي ة،لهيمنباالختالف والتمايز وليس على االحتواء وا

من األنا ء مهم بنفس الوقت نفي جز هوخر واستبعاده اآلله خر وتشكل عائقا في تطور الذات، وبالتالي هذا النفي لآلفعزلة . عواقبه المرضية من جهة والمعرفية من جهة أخرى

. خر ليست وسيلة الدفاع األمثل لحل مشاكلناالذات واقصاء اآل. ح وبدء فلسفة االختالف والحوارومن هنا تأتي ضرورة االنفتا

وأساسا ال يتسق الحوار إال بوجود أخر مختلف، واال تحول لعل الجذر . أي كالم الذات مع نفسها" منولوج"الحوار إلى

المعرفي لمفهوم التواصل وقبول اآلخر، كما أكدت الفلسفة المعاصرة، يكمن في نسبية المعرفة والحقيقة، الشيء الذي

الت الفكر األصولي بشكل عام والفكر يصطدم مع مقو . األصولي الديني يشكل خاص

فلكي نتجاوز العنف والفوضى الناتجة من جراء الحدود الضيقة التي تجاهد االصوليات الدينية ان تقنعنا انها الحدود االمنه والطبيعية لنا، متمسكين بنوع خاص من الهوية المنغلقة

قي مع اآلخر المختلف عنها والمنعزلة غير قابلة للربط والتالاالنفتاح على اآلخر على ابسط الصعد االنسانية، ال بد لنا من

بتعدد االجابات بدال من االنغالق األفقالمختلف وبالتالي فتح وااللتفاف على اجابة واحدة لربما ال تكون صحيحة، فليس

ارقى او باعتبارهاذاتها إلىهناك ثقافة او فئة يحق لها النظر يجب ان خرواآلاألنا وهكذا فالعالقة بين. انها تمتلك الحقيقة

، تقوم على الحوار واالعتراف المتبادل باالختالف والتمايزالحقيقة كما بامتالكوليس على االحتواء والهيمنة واالعتقاد

للداللة على ا فمصطلح االصولية وان بد. تبناه الفكر االصولي ذهانه تجاوز داللته ه إالائفة البروتستانتية تيار بعينه داخل الط

فيما بعد ليصبح اكثر اتساعا بحيث يستوعب التيارات المتشددة لالنا " مميز"في االديان المختلفة انطالقا من تمسكه بشكل

" ادريد"فال يمكن حسب . المختلف لآلخرومن خالل تمثالته يجوز فقط، كما ال األصوليالفكر إلىاختزال عودة الديني

الدين انطالقا من الفكر المتطرف سواء إلىتركيز النقد الموجه كانت اصولية دينية او حتى الفكر المعاكس الذي يصر على

. )55(وهما او نوعا من خداع الذات إالان ال يرى في الدين . فالدين ال هذا وال ذاك

نتفق مع مارسيل غوشيه بان خصومة وازدراء الدين يسهم العامل الديني، ونأمل معه أيضا، أن يكون حياءفي اعادة ا

.)56(المستقبل أكثر انفتاحا على التسامح واالختالف

الهوامش .25، ص2ديكارت، مقالة الطريقة، ط )1( .180ليه، هيجل، صتشا )2(هيبوليت، مدخل إلى فلسفة التاريخ عند هيجل، )3(

.110ص)4( Sartre, Existentialism Is A Humanism, 2007, P. 35

مخادمة، المجلة العربية للعلوم اإلنسانية، العدد )5( .110،ص70/

الحداد، قراءة جديدة في خطاب اإلصالح الديني، )6( .35-37ص

.87، ص2012، 1روا، الجهل المقدس، ط )7(فانجليكية خرجت من رحمه الطائفة البروتستانتية ياال )8(

نا هنا هو الرابط بين األصولية اإليفانجليكية وما يعني

2013، 3، العدد 40، العلوم اإلنسانية واالجتماعية، المجلد دراسات

- 597 -

إن . وطائفة البروتستانت إذا األولى منبثقة من الثانية “ كلمة ايفانجيليكال تأتي من الكلمة اليونانية

Euangeliou” والالتينية“Evangelium” بمعنى الخبراو البشارة والتي بدورها ”The Good News“السار

او العهد بمعنى اإلنجيل ”Gospel“تطورت إلى كلمة في القرن بدأتكحركة ". كلمة المسيح"الجديد، او

1730السابع عشر واصبحت طائفة منظمة في العام Methodists“مع ظهور الطائفة المنهجية في انجلترا

بين اللوثريين في المانيا ”Pietism“والطائفة التقوية الثامن نينوانتثرت بعد ذلك في القر . والدول السكندافية

والتاسع عشر بقوة في امريكيا واوروبا، حتى اصبحت العشرين القوة الكبرى والمسيطرة في الواليات نفي القر

- 40المتحدة االمريكية، ويبلغ عددهم حاليا ما بين .دةمليونا في الواليات المتح 50

مارسدن، كيف نفهم األصولية البروتستانتينية )9( .20واإليفانجليكية، ص

، 3كوربت، الدين والسياسة في الواليات المتحدة، ط )10( .41، ص2006

.22، ص2007ميد، بلد اهللا، )11()12( Ammerman, Bible Belivers, 1987, P. 33 .30مارسدن، كيف نفهم األصولية البروتستانية، ص )13()14( Russell, Why I Am Not A Christian, 1957, P. 209 .27بوتز، الباعث األصولي ومشروع الحداثة، ص )15()16( StockWell, 2012, Fundamentalism and The

Shalom of God, P. 52. )17( Adam, 2011, An Epistemic Theory of 10

Religious Fundamentalism, P. 81. .3مخادمة، الفكر العربي واشكالية الحداثة، ص )18()19( Baur, 1878,The Church History Of The First

Three Centuries, P. 90-100. )20( Strauss, The Life of Jesus, Critically Examined, P.

853-867. .145هاغمن، مسيحية ضد اإلسالم، ص )21( .18بن بركه، اليمين المسيحي األمريكي، ص )22(- 111مخادمه، نقد ماكس هوركهيمر لاليدلوجيا، ص )23(

108. .29عث األصولي ومشروع الحداثة، صبوتنر، البا )24(مارسدن، كيف نفهم األصولية البروتستانتية )25(

.2واإليفانجليكية، ص .5عماره، األصولية بين الغرب واإلسالم، ص )26( .53خليل، اإلسالم واألصولية التاريخية، ص )27(مع تطورات البروتستانتية في أوربا، ظهرت :البيوريتانز )28(

في 1555ت عامجماعة شديدة التدين من البروتستانقابة للدولة على الكنيسة، ر انجلترا رفضت أي سلطة أو

وطالبوا بتطهير البروتستانتية من كل الطقوس وتطورت. في الكتاب المقدس ةغيرا لواردوالعبادات

البيوريتانز وحدثت مواجهات عنيفة بينهم وبين أفكارالدولة البروتستانتية في انجلترا إبان حكم الملكة

، وتعرضوا للقمع واالضطهاد حتى هاجروا إلى ثإليزابيهذا إضافة . 17هولندا ثم إلى أمريكا مع مطلع ق

لرؤيتهم أنفسهم شعب اهللا المختار الجديد، أنهم كانوا شديدي التعصب ولم يؤمنوا بالتسامح الديني وال بالتنوع،

لكن . رأوا أن الحرية هى بقاء اآلخرين بعيدين عنهمليحل محلهم مذهبان 18مع حلول ق تأكلواالبيوريتانز أو ما سمي ( العقلي، واإليفانجليكي: دينيان هما

ورغم دخول قيم قبول التنوع .)بالصحوة الكبرى وقتهااألمريكي، إال أن بعض آثار للمجتمعوالتسامح الديني

: مثل، البيوريتانية بقيت في الثقافة الجمعية األمريكيمدينة فوق –نة الفاضلة اعتبار الواليات المتحدة المدي

ذات قدر إلهي ومهمة خاصة بأن تكون مثاال –التل .به في العالم أجمع يحتذي

المعلم، مقدمة في األصولية المسيحية في أمريكا، )29( .33ص

)30( Linenan, The Fundamentalist Agenda and The

Change, P. 3. )31( Moore, Multiple Dimensions of Moral Majority

Plattorm, P. 436. .40مارسدن، كيف نفهم األصولية البروتستانتية، ص )32()33( Nagata,Beyond Theology; Toward An

Anthropology Of Fundamentalism, P. 482. يمكن تتبع ذلك من خالل فكر ابن تيمية الذي عرف )34(

وبالتالي اإليمان بأنه ما وقع بالقلب وعملت به الجوارح، ية كبيرة، ارجع لكتاب فهو يعطي العمل والممارسة أهم

، وكذلك ارجع لكتاب سيد "اإليمان الكبير"ابن تيمية جاهلية القرن "وكتابه " معالم في الطريق"قطب

العشرين، والذي من خالله أكد سيد قطب أن هناك العصر الذهبي، مقابل ما أسماه " ماضيا مجيدا وعادال

، فالجاهلية عند قطب، ليست فترة "الجاهلية"عصر حصلت بالماضي " حالة"نية محددة ولكها تشير إلى زم

وتحصل اليوم ومن الممكن أن تحصل بالمستقبل، .فهناك أطر معينة ومن ال يلتزم بها فهو ضال

عناية، األنجيليون والمتشددون المسيحيون، بأمريكا، )35( .314ص

)36( Frecdman, The Challenge of fundamentalism, P.

60. ية اإلنيانجليكية في أمريكا عارف، صعود البروتستانت )37(

.105وتأشيره على العالم اإلسالمي، ص)38( Farly, The Theory of Fundamentalism, P. 2.

عامر ناصر شطارة ... األنا وتمثالت اآلخر

- 598 -

.118بركة، اليمين المسيحي األمريكي، ص )39()40( Katz, The Rise of Fundamentalism in Britain, P.

42. )41( Farly, The Theory of Fundamen Talism, P. 8. .16ص جدعان، خارج السرب، )42( .15روا، الجهل المقدس، ص )43(موصلي، قراءة نظرية تأسيسية في الخطاب اإلسالمي )44(

.25األصولي، ص)45( Davies, Gender, Education and Security, P. 618. .43ميكثاللي، الهوية، ص )46( .40هالبرن، مفهوم الهوية، ص )47()48( Taylor, The Sources Of The Self, P. 55.

سطة النور الطبيعي، ديكارت، البحث عن الحقيقة بوا )49( .16ص

هيبوليت، مدخل إلى فلسفة التاريخ عند هيجل، )50( .110ص

.137هنسل، من الموجود إلى الغير، ص )51( .40الخويلدي، معان فلسفية، ص )52(موران، الفكر والمستقبل، مدخل إلى الفكر المركب، )53(

.76ص .85الداوي، موت اإلنسان، ص )54( .54دريدا، الدين في عالمنا، ص )55( .40الديمقراطية، ص غوشيه، الدين في )56(

المراجعالمصادر و

أحمد : ترجمة، 1طبن بركة، مختار، اليمين المسيحي األمريكي،

.، المركز العربي اإلسالمي للدراسات الغربية2008الشيخ، مجلة المستقبل بوتز، فريدمان، الباعث األصولي ومشروع الحداثة،

.218، العدد 4/1997العربي بحث في النسوية الرافضة ،، خارج السرب2010جدعان، فهمي،

.واغراءات الحرية، الشبكة العربية للنشر، بيروت .، قراءة جديدة في خطاب اإلصالح الديني2009الحداد، محمد، ، اإلسالم واألصولية التاريخية، دار البالل، 2000خليل، أسامة،

.بيروت .، معان فلسفية، دار الغرقند، دمشق2009الخويلدي، زهير،

محمد الهاللي وحسن : ترجمة، 1طداريدا، جاك، الدين في عالمنا، .، دار تبتال، المغرب2004العمراني،

.، موت اإلنسان، دار الطليعة، بيروت1999الداوي، عبد الرازق، ، 1970صليب، جميل : ديكارت، رينيه، مقالة الطريقة، ترجمة

.المكتبة الشرقية، بيروتمجدي : ديكارت، رينيه، محاوره ديكارت البحث عن الحقيقة، ترجمة

.، المركز الوطني للترجمة، القاهرة2007عبد الحافظ، صالح األشمر، : روا، أوليفييه، الجهل المقدس، دار الساقي، ترجمة

.، بيروت2012زارة و ، 1970قني، جورج صد: شاتليه، فرانسوا، هيجل، ترجمة

.الثقافة، دمشق، سورياعارف، محمد، صعود البروتستانية اإلينانجليكية في أمريكا وتأثيره

، مكتبة 2006ترجمة خالف، : على العالم اإلسالمي، ترجمة .الشروق، مصر

.، األصولية بين الغربي واإلسالم2007عمارة، محمد، ، 2006-16د ، مجلة التسامح، العد2006عناية، عز الدين،

.عمان، مسقطغوثيه، مارسيل، الدين في الديمقراطية، المنظمة العربية للترجمة،

.، بيروت2007شفيق حسن، : ترجمة، نقد ماكس هوركهيمر لأليدلوجيا، المجلة 2000مخادمة، سليمان،

.70العربية للعلوم اإلنسانية، جامعة الكويت، العدد العربي واشكالية الحداثة، ، بحث الفكر1999مخادمة، سليمان،

.،3، العدد 4، م)جامعة آل البيت(مجلة المنارة ، مكتبة 2، مقدمة في األصولية المسيحية، ط2004المعلم، عادل،

.الشروق، القاهرةموران، أدغار، الفكر والمستقبل مدخل إلى الفكر المركب، دار

.2004أحمد القصوار، : توبقال، المغرب، ترجمة، قراءة نظرية تأسيسية في الخطاب اإلسالمي 1993أحمد، موصلي،

.األصولي، دار الناشر للطباعة، لبنان، مكتبة 1ط، 2007حمدي عباس، : ميد، والتر رسل، بلد اهللا، ترجمة

.الشروق، القاهرة .دار الوسيم، دمشق1993عيد وطفه، : ميكثاللي، الكس، ترجمة

نشأة : واإليفانجليكية، ترجمةمارسدن، جورج، كيف نفهم البروتستانتية .، مكتبة الشروق، القاهرة2005جعفر،

رضوان السيد : هاغمن، لودفينغ، مسيحية ضد اإلسالم، ترجمة .، األهلية للنشر، عمان، األردن2005ومحمد جديد،

هالبرن، كاثرين، مجلة الكلمة، مفهوم الهوية تاريخه واشكاالته، لكلمة للكلمة للدراسات ، منتدى ا2005إلياس بلكا، : ترجمة

.واألبحاثعلي أبو : هنسل، جويل، لقياس من الموجود إلى الغير، ترجمة

.، المؤسسة الجامعية للدراسات والتوزيع، بيروت2008ملحم، أنطون : مدخل إلى فلسفة التاريخ عند هيجل، ترجمة هيبوليت، جان،

.1966جمعي، Adam, Raoul, 2011, An Epistemic Theory Of Religious

Fundamentalism. International Journal of religion, 1, No:1,

James Cook University, Queensland-Australia

Ammerman, Nacy, 1987, Bible Believers, Rutgers University

Press, New Brunswick, U.S.A.

2013، 3، العدد 40، العلوم اإلنسانية واالجتماعية، المجلد دراسات

- 599 -

Baur, Ferdinand, 1878, The Church History Of The First

Three Centuries, Publisher Williams And Norgate,

London.

Davies, Lynn, 2008, Gender, Education And Extremism And

Security, Rutledge 38, No. 5.

Farley, Edward, 2005, The Theory Of Fundamentalism, Cross

Currents, Fall, 2005, 5, No. 3.

Freedman, Lynn, 1996, The Challenge Of Fundamentalism,

Reproductive H Ealth, No 8.

Katz, Sue, 1995, The Rise Of Religious Fundamentalism In

Britain, Gender And Development, 3, No. 1.

Linehan, Peter, 2006, The Fundamentalist Agenda And The

Change, Stimulus, 14, No: 3.

Moore, Helen A, 1986, Multiple Dimensions Of The Moral

Majority Platform, Sociology Department Publications,

University Of Nebraska, U.S.A.

Nagata, Judith, 2001, Beyond Theology: Toward An

Anthropology Of Fundamentalism, American

Anthropologist, 103, No. 2.

Russell, Bertrand, Why I Am Not A Christian, Touchstone

Book, George Allen Ltd, U.S.A.

Sartre, Jean Paul, 2007, Existentialism Is Humanism, Yale

University Press, New Haven, USA.

Stockwell, Clinton, 2012, Fundamentalism And The Shalom

Of God. 36 (3): 266-279.

Strauss, David, 1860, The Life Of Jesus, Translated By Marian

Evans, New York Calvin Blanchard LTD.

Taylor, Charles, 1989, The Sources Of The Self, Harvard

University Press, U.S.A.

Christian Protestant Fundamentalism

The Fundamentalist ‘Self’ and the forms of the ‘Other’

Amer Naser Shataraa*

ABSTRACT

This research aims to analyze the movement of Protestant Fundamentalism rises in the United States of

America in the early 20 century, who mainly emphasized the literal interpretation of the Bible. Actually, the

term Fundamentalism becomes difficult to define and identify because the term has been used to refer to a

spectrum that goes all the way from religion to politics. The guiding premise of this research is that

Fundamentalism can only be understood as the response of religion to Modernity. More over this research

investigate the new self-definition and the new identity that occurs in the protestant fundamentalist

movement while facing the challenges of Modernity, and then, the possibility of describing and labeling the

movements occurs in other religions and places (such as Islam) as Fundamentalism.

Keywords: Fundamentalism, Protestant, Modernity, Islam. Identity.

.40غوشيه، الدين في الديمقراطية، ص )56( .54دريدا، الدين في عالمنا، ص )55( .85الداوي، موت اإلنسان، ص )54( .76موران، الفكر والمستقبل، مدخل إلى الفكر المركب، ص )53( .40الخويلدي، معان فلسفية، ص )52( .137ھنسل، ليفناس، من الموجود إلى الغير، ص )51( .110ھيبوليت، مدخل إلى فلسفة التاريخ عند ھيجل، ص )50( .16ديكارت، البحث عن الحقيقة بواسطة النور الطبيعي، ص )49( .Taylor, The Sources Of The Self, P. 55 )48( .40ھالبرن، مفھوم الھوية، ص )47( .43ميكثاللي، الھوية، ص )46( .Davies, Gender, Education And Security, P. 618 )45( .25موصلي، قراءة نظرية تأسيسية في الخطاب اإلسالمي األصولي، ص )44( .15روا، الجھل المقدس، ص )43( .16جدعان، خارج السرب، ص )41( Farly, The Theory Of Fundamen Talism, P. 8. )42( .Katz, The Rise Of Fundamentalism In Britain, P. 42 )40( .118بركة، اليمين المسيحي األمريكي، ص )39( .Farly, The Theory Of Fundamentalism, P. 2 )38( عا )37( .Frecdman, The Challenge Of fundamentalism, P. 60 )36( .314اية، األنجيليون والمتشددون المسيحيون، بأمريكا، صعن )34( )35( .Nagata,Beyond Theology;Toward An )33( .40مارسدن، كيف نفھم األصولية البروتستانتية، ص )31( Moore, Multiple Dimensions Of Moral Majority Plattorm, P. 436. )32( .Linenan, The Fundamentalist, P. 3 )30( .33المعلم، مقدمة في األصولية المسيحية في أمريكا، ص )29( .به في العالم أجمع يحتذيذات قدر إلھي ومھمة خاصة بأن تكون مثاال –فوق التل )28( .53خليل، اإلسالم واألصولية التاريخية، ص )27( .5عماره، األصولية بين الغرب واإلسالم، ص )26( .2مارسدن، كيف نفھم األصولية البروتستانتية واإليفانجليكية، ص )25( .29بوتنر، الباعث األصولي ومشروع الحداثة، ص )24( .108-111مخادمه، نقد ماكس ھوركھيمر لاليدلوجيا، ص )23( .18بن بركه، اليمين المسيحي األمريكي، ص )22( .145ھاغمن، مسيحية ضد اإلسالم، ص )20( Strauss, The Life Of Jesus,. )21( .Baur, 1878,The Church History )19( .3مخادمة، الفكر العربي وإشكالية الحداثة، ص) 17( Adam,2011, An. )18( .,StockWell )16( .27بوتز، الباعث األصولي ومشروع الحداثة، ص )15( .Russell, Why I Am Not A Christian, 1957, P. 209 )14( .30مارسدن، كيف نفھم األصولية البروتستانية، ص )13( .Ammerman, Bible Belivers, 1987, P. 33 )12( .22، ص2007ميد، بلد هللا، )11( .41، ص2006، 3كوربت، الدين والسياسة في الواليات المتحدة، ط )10( .20مارسدن، كيف نفھم األصولية البروتستانتينية واإليفانجليكية، ص )9( )8( .87، ص2012، 1ل المقدس، طروا، الجھ )7( .35- 37الحداد، قراءة جديدة في خطاب اإلصالح الديني، ص )6( .110،ص70/مخادمة، المجلة العربية للعلوم اإلنسانية، العدد )5( .Sartre, Existentialism Is A Humanism, 2007, P. 35 )4( .110ھيبوليت، مدخل إلى فلسفة التاريخ عند ھيجل، ص )3 .180ليه، ھيجل، صتشا )2( .25، ص2ديكارت، مقالة الطريقة، ط )1(

________________________________________________

* Department of Philosophy, Faculty of Arts, The University of Jordan, Jordan. Received on 23/10/2012 and Accepted forPublication on 3/4/2013.


Recommended