+ All Categories
Home > Documents > hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم...

hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم...

Date post: 25-Feb-2020
Category:
Upload: others
View: 1 times
Download: 0 times
Share this document with a friend
40
فّ ق ث م ل م وا ل عا ل دور ا رى كب ل ا ةّ م الأ ا! اي ض ق! ي ف لة ل اّ ب ح در! ي ح( 1 ) ورا ن د! ي ع س خ! ي ش ل م: ا! ي9 ظ ن< ت ر و! ي ر ح ت ل خ مد ل ا غ ل ا H يٍ ار ج! تK اL ة ي ن ع ثّ جد ت اP ن د ا! ري ا! ى وع الد ض و م ل ا رى H جاH م ل لطاٍ ةّ ! ن لا ك H ش_ ول اH ح دور! H ، ي! ي ن! ت دH م ال ل اH ع ل اّ P ن ي ا علً اء H ي تH فH ّ ق ث م ل و ا اP ن! ي دH م ال ل اH عّ P ن ا! ي ه ا، وH ه ل و ح ي دH ج ل ا اه H ج تً اH م ر لب مP ونH ك! يP ن ة ا! H ن ل ع ب ج! تلH هH ة وجP ن م وص ص خ لم وا و م ع ل ا ة ن ش ن ما ه ن يL ب فّ ق ث م ل وا ةH ّ م الأاH ه بّ رH م ت! ي نH ل اH رى كب ل ا ةّ ! ضادي< ن ق والأ ةّ ! ن س ا! ي ش ل وا ةّ ! ن ع ما ت ح الأ ا! اي ض ق ل اّ P ن و ا ة ا نّ م ا ا! اي ض ق1 ، عامP !ران ي_ ا! ي ف» ل! ي ص ا ي لار وا و حل ل مةل ك ل ا ا رف م« ! ي ف ره ض جا م ل ه ا هد ب! ي ق لُ ا)( 2011 خ! ي ش لم ا ا د ف م، وف !لأث ي دH ع ث ل ا ض ع ب اH علنً ا! H ري ح م،) ةH ل الّ ب ح خ! ي H ش لا( ُ ر H ض جا م ل ا اH ه ع ج م را ث ا،H !ره ي ر ح ت ا وH !ره ير ق ث ت ورا H ن ي! د عH س. جاث! ي ص و ت ل وا اث اف ض_ والأ1
Transcript
Page 1: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

دور العالم والمثقففي قضايا األمة الكبرى

(1)حيدر حب الله

تحرير وتنظيم: الشيخ سعيد نوراالمدخل

، ي11دور ح11ولالموض11وع ال11ذي أري11د أن أتح11دث عن11ه بإيج11از ب11الغ إش11كالية لطالم11ا ج11رى الح11ديث حوله11ا، وهي أن ع11الم ال11دين أو المثقف 1 بناء على أن العالم الديني والمثقف بينهما نس11بة العم11وم والخصوص من وجه 1 هل يجب عليه أن يكون ملتزم11ا تج11اه قض11ايا أمته أو أن القضايا االجتماعية والسياسية واالقتصادية الكبرى ال11تي تمر بها األمة ال تعني الع11الم وال تع11ني المثق11ف تمام11ا كم11ا ال تع11ني الع11الم الكيمي11ائي في مختبرات11ه، وال تع11ني الفيزي11ائي في حس11اباته

ودراساته؟ هذا الموضوع ليس جديدا في حقيقة األمر، بل هو موضوع غربي قبل أن يكون شرقيا في الفترة األخيرة، الس11يما في فرنس11ا، حيث طرح في بدايات القرن العشرين جدل واسع حول نشاط المثق11ف، هل هو نشاط التزامي أو هو نشاط حيادي وعلمي وال شأن له بهذه11ة التفص11يلية ال11تي تح11دث في الحي11اة السياس11ية القض11ايا اليومي11ة فه11و 11ة؟ ف11إذا انتق11ل إلى الحي11اة السياس11ية واالجتماعي واالجتماعي ناشط سياسي ويتحرك بوصفه ناش11طا سياس11يا، ال بوص11فه مثقف11ا؛11ر عن أي أداء سياس11ي أو اجتم11اعي يمكن ألن هويته الثقافية ال تعب

أن يقوم به.11ة في فرنس11ا، وأس11هم إذن، ظهر هذا الجدل مع الحرك11ة الوجودي

11رين1980في11ه ج11ان ب11ول س11ارتر ) م( وغ11يره من العلم11اء والمفك الغربيين في تحديد دور المثقف والعالم، هل دوره بما هو مثقف أو11ة أو عالم دور ملتزم تجاه قضايا األمة الكبرى؟ تجاه القضايا الوطني الدينية؟ أو أن دوره دور محايد، وعليه أن يبحث في األم11ور بش11كل

محايد؟ وحتى في س11احتنا اإلس11المية، ل11و درس11نا ه11ذا الموض11وع وتأملن11ا11ة 11ة والعلمي 11ات التي11ارات الفكري 11ات القابع11ة في ذهني وحللن11ا الخلفي

)( القيت هذه المحاضرة في »مرفأ الكلم11ة للح11وار والتأص11يل« في إي11ران، ع11ام1 م، وقد قام الشيخ سعيد نورا بتقريرها وتحريرها، ثم راجعه1ا المحاض11ر )الش11يخ2011

حب الله(، مجريا عليها بعض التعديالت واإلضافات والتوضيحات.

1

Page 2: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

الموجودة في الساحة 1 على طوائفها وم11ذاهبها المتع1ددة 111 س11نجد انقساما في الرأي، فهناك فريق ي11ذهب إلى أن المثق11ف 111 والع11الم الديني كذلك 1 ال ينبغي له أن يخوض غمار هذه المتغيرات، وأن هذا11ة وحض11وره العلمي، وهن11اك رأي من شأنه أن يضعف قدرت11ه العلمي آخر يصر ويقول: البد للعالم الديني وللمثقف أن يلعب دوره وتكون

له كلمته في هذه األمور.

اتجاهان: االنتماء والتنزيهإذن، هناك اتجاهان بالنسبة إلى هذا الموضوع:

وه11و االتج11اه ال11ذي ي11رفضأ ��� اتج��اه التنزي��ه والالنتم��اء:11ة، وفي مشاركة العالم والمثقف في القضايا السياس11ية واالجتماعي

القضايا التي تعني األمة في عصرنا الراهن. وه11و االتج11اه ال11ذي يط11البب � اتجاه الواقعي��ة واالل��تزام:

العالم والمثقف بالحضور االجتماعي والسياسي. ولكي نكون منصفين، يجب أن نقر بأن الفريق األول له مبرراته، والفريق الثاني أيضا له مبررات1ه، فأولئ11ك ال1ذين يطلب11ون من ع1الم1ة عالق1ة أو أي تص1ريح أو أي ت1دخل أو أي ال1دين أن ال تك1ون ل1ه أي نشاط على المستوى االجتماعي والسياسي، بحجة التفرغ للج11انب11ة، فيجب أن العلمي، لهم مبرراتهم، وه11ذه الم11بررات ليس11ت وهمي11ة نأخذها بعين االعتب11ار، ك11ذلك الح11ال في ال11ذين ي11دعون إلى واقعي ع11الم ال11دين والمثق11ف، وإلى دخول11ه مع11ترك الحي11اة السياس11ية11ة 11ة والفكري واالجتماعية، أيضا لهم م11برراتهم ولهم قناع11اتهم العلمي

والدينية. سأحاول في البداية أن أذكر بعض مبررات هذين االتجاهين، ومن ثم نتوصل من خالل هذا العرض والتحليل الذي س11نقوم ب11ه بايج11از،

إلى قناعة 1 ولو أولية 1 في هذا الموضوع.

االتج11اه األول: التنزي11ه وع11دم االنتم11اء، اله11واجسوالمنطلقات

11ة وهو الفريق الذي يحذر ويتحفظ عن استهالك المؤسس11ة الديني والمرجعية الدينية واس11تهالك علم11اء ال11دين والمثقفين في النش11اط السياسي واالجتماعي وما شابه ذلك. وأسمي هذا االتجاه ب1 »اتجاه

ألنهم ي11نزهون أنفس11هم عن ال11دخول فيالتنزي11ه وع11دم االنتم11اء«؛ 11ر الي11ومي، ويعتبرون11ه منافي11ا لش11أن العلم11اء، ح11تى أن بعض المتغي11ة عن 11ة البيروتي المعاصرين، عندما سئل في إحدى المجالت الثقافي رأيه في العمليات االستشهادية، وعن جواز قتل الم11دنيين الص11هاينة ردا على قت11ل الص11هاينة للم11دنيين الفلس11طينيين، كتب: »عف11وا، ال

2

Page 3: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

11ه يعت11بر مث11ل ه11ذه القض11ايا مم11ا 11ة«، ولعل نتدخل في األم11ور اليومي11دخل في11ه؛ إذ من الممكن أن يل11وث يس11تحق أن يت11نزه عن11ه وال ي

ساحته. من هنا نمي11ل إلى تس11مية ه11ذا االتج11اه ب111»اتج11اه التنزي11ه وع11دم

ال111ذي ينطل111ق في تص111وره ه111ذا من ع111دة قناع111اتاالنتم111اء«، ووهواجس:

تراجع القوة العلمية والمعرفيةأوال: اإلش111كالية األولى في دخ111ول الع111الم أو المثق111ف في الحي111اة السياسية واالجتماعية، هو تراجع القوة العلمية والمعرفية، فإننا ق11د جربن11ا النش11اط السياس11ي واالجتم11اعي المف11رط لعلم11اء ال11دين111ه ت111رك أث111را س111لبيا على الحجم العلمي والمثقفين، ووج111دنا أن للمؤسسة الدينية وللجامعات مع11ا، وه11ذه قناع11ة يحمله11ا الكث11يرون1ة وعلم1اء ال1دين مج1ال ه1ذه منا، فبع1د أن دخلت المؤسس1ة الديني111ة، واش111تغلوا في العم111ل 111ة الجزئي 111رة اليومي المعترك111ات المتغي المؤسس1111اتي والتنظيمي والسياس1111ي، وانهمك1111وا في القض1111ايا االجتماعية، وجدنا تراجعا علميا بحيث لم نعد نمل11ك على المس11توى الفكري مثل السيد أبو القاسم الخوئي والميرزا الن11ائيني والمحق11قالعراقي، بل لم نعد نملك مثل اإلمام الخميني والشهيد المطهري.

11ة، وهؤالء العلماء الكبار وإن دخل11وا الحي11اة السياس11ية واالجتماعي 11ة، فاإلم11ام الخمي11ني مثال ولكنه كان بعد أن أنه11وا دراس11اتهم العلمي دخل إلى العمل السياسي، وكان عمره ستين س11نة، وك11ان مجته11دا في الفقه واألصول وعالما بارع11ا وأس11تاذا في الفلس11فة والعرف11ان،

3

ه�و�ا�ج�س� اال�ت�ج�ا�ه� األ�و�ل�

ت�ر�ا�ج�ع� ال�ق�و�ة� ال�ع�ل�م�ي�

ة�م�ع�ض�ل�ة�

اال�ن�ح�ي�ا�ز�

ال�ح�ك�م� ع�ل�ى� ال�ك�ل�ي� م�ن�

خ�ال�ل� ال�ج�ز�ئ�ي�

ال�خ�ض�و�ع� ل�ل�س�ل�ط�ة�

ال�س�ي�ر�ة�

ال�ع�ل�م�ا�ئ�ي�ة�

Page 4: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

وقد قضى تل11ك المراح11ل كله11ا، يع11ني إنم11ا تحول11وا إلى علم11اء فيتجربتهم الداخلية هذه، وليس في تجربتهم السياسية أو االجتماعية.11ه له11ا، وهي أن اإلف11راط في إذن، هن11اك مش11كلة ينبغي أن نتنب دخولنا النشاط السياسي واالجتماعي واإلف11راط في دخولن11ا مج11ال المتغير اليومي، سوف يؤدي 1 بشكل أو بآخر 1 إلى تضاؤل وتراج11ع حجم إنتاجنا العلمي والمعرفي، لذلك نجد اليوم حالة من السطحية في وسط المثقفين، وحالة من السطحية في وسط العلماء أيض11ا 1 كما يرى هؤالء 111 فيكتفي بعض11هم ب11أن يحف11ظ بعض المص11طلحات،11ة المختلف11ة، ليطل11ع ويمر على »كراسات« قليلة في الم11واد العلمي اطالعا سريعا على العلوم بشكل عام، ثم بعد ذل11ك ي11دخل المج11ال االجتماعي والسياسي مدعيا أنه صاحب خبرة ومهارة، ولذلك بدأت تنفتح ادعاءات المرجعية وادعاءات الثقافة، ورأينا أنصاف المثقفين وأرباعهم وأنصاف العلماء وأرباعهم، يتنطعون للوصول إلى منص11ب11رين 11ة، كم11ا يتنطع11ون على ادع11اء ك11ونهم مفك 11ة الديني المرجعي

وأصحاب مشاريع فكرية كبرى وغير ذلك. أعتقد أن هذه المشكلة جدية، ومن الالزم أن ال يجرن11ا االنش11غال11ر 11ر ب111 »المتغي ب11المتغير الي11ومي نح11و نت11ائج من ه11ذا الن11وع. وأعب اليومي« قاصدا به الحرك11ة والح11راك االجتم11اعي والسياس11ي ال11ذي

يحصل يوميا في أرجاء العالم.1ة ه1ذه 11رات اليومي إن دخول ع1الم ال11دين والمثق11ف غم1ار المتغي11ة اإلس11المية، ي11ؤدي إلى تفتيت11ه، وع11دم قدرت11ه على إنت11اج النظري وعج11زه عن تحقي11ق اإلب11داع، في حين أن المطل11وب من11ه أن يق11وم بالدرجة األولى بإبداع النظريات واألفك11ار وم11ا ش11ابه ذل11ك، انطالق11ا

من كونه عالما ومثقفا. ه11ذه أول إش11كالية يس11جلها ه11ذا الفري11ق، وهي ليس11ت إش11كالية عابرة، وقد سجلتها شخصيات كبيرة، إذ ي11ذهب ه11ؤالء إلى أنن11ا بع11د

11رين عمالق11ة، وفقه11اء فح11ول1980عام ) م(، لم نشهد ظه11ور مفك كبار، وال فالسفة كبار، كما كنا نشهد من قبل. وكل أولئك العمالق11ة11ر الذين عرفناهم كانوا من نتاج مرحلة م11ا قب11ل ال11دخول في المتغي السياسي واالجتماعي هذا، وهذا ما ي11دعونا إلى أن نتجنب اإلغ11راق والخوض في المتغير السياسي واالجتماعي، حتى ال يرتد ذلك س11لبا على المستوى العلمي المطلوب من المؤسسة الدينية والجامع11ات

والمؤسسات الثقافية. إن علين11ا أن ن11ؤخر النش11اط السياس111يبعض آخ��ر يق��ول:

واالجتماعي إلى ما بعد االنتهاء من مرحلة التعلم، فالط11الب يحت11اج إلى التفرغ لكي يستمر في دراسته، ثم بعد أن أصبح فقيها عالم11ا.. يدخل في الحياة السياسية واالجتماعية ليقوم ب11دوره في المجتم11ع، فالطالب األفضل هو الذي تفرغ للعلم منقطعا عن المحي11ط، وعلى

4

Page 5: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

الطالب أن يعتزل أربعين س11نة )وهي مرحل11ة الخل11وة كم11ا يس11ميها

العرفاء(. إن هذه الفك1رة ق1د تخل1ق فج11وات،وقد يقال في المقابل:

وق111د أثبتت التج111ارب أن االع111تزال في الف111ترات األولى، أدى إلى11ة في الف11ترات الالحق11ة، وت11رك آث11ارا االص11طدام بالحي11اة االجتماعي11ة س11لبية، فال11ذي ك11ان منع11زال لف11ترة طويل11ة عن الحي11اة االجتماعي والسياسية، آخذا بعين االعتبار التحوالت الس11ريعة ال11تي تط11رأ على المجتم11ع اإلنس11اني، لن يس11تطيع أن يت11والم م11ع مجتمع11ه بس11هولة،11ه ال يس11تطيع أن يق11وم ب11دوره؛ إذ ال يعلم ش11يئا عن إض11افة إلى أن11ة التعام11ل معه11ا، وإذا دخ11ل في الحي11اة 11ة وكيفي الحي11اة الواقعي السياسية قد يخدع بس11هولة ويص11بح أداة بي11د المس11تغلين ليس11تغلوا

مكانته االجتماعية لتحقيق أهدافهم، وهو ال يشعر بذلك. لقد تغيرت الظروف اليوم، وتطورت وس11ائل التواص11ل الجمعي،ص وقت11ا قص11يرا من يوم11ه للتواص11ل م11ع فبإمكان الطالب أن يخص1111ة ولمتابع11ة م11ا يج11ري في الع11الم، وق11راءة آخ11ر الش11رائح الثقافي الكتابات على مستوى الساحة السياسية واالجتماعية، لكي يس11اهم قدر استطاعته، حتى ال يكون إنسانا سطحيا ال يعرف ما يج11ري من

حوله، أو يخدع بسهولة. إن المشكلة األساسية أننا كلنا ننتمي إلى لون واحد من الشرائح االجتماعية، وهي طبقة علم11اء ال11دين، ول11دينا طريقتن11ا الخاص11ة في التعبير، ولدينا عاداتنا الخاصة، ل11ذلك إذا اعتزلن11ا لف11ترة طويل11ة عن مجتمعاتنا، قد نصاب بالدهشة أحيانا، وقد نشعر بالغربة عن الن11اس الع11اديين ال11ذين نعيش معهم أحيان11ا أخ11رى، له11ذا من الخط11أ في تقديري أن يعيش الطالب خمس سنوات معتزال بعيدا عن بلده، بل عليه أن يذهب إلى بلده كل سنة م11ا أمكن11ه، ليس ألج11ل بل11ده، ب11ل ألجل11ه ه11و قب11ل بل11ده، كي ال يع11تزل عن الن11اس في ظ11ل ه11ذه11ة المتغيرات السريعة؛ ألن الناس تتغير بسرعة، والتركيبة االجتماعي تتغير بسرعة فائقة، وحضور الطالب بين الن11اس يس11تطيع أن ي11وفر له رافدا يخرجه من هذه العزل11ة، وه11ذا المق11دار ك11اف ل11ه، فنحن ال11ا أو ناش11طا نطلب من11ه من اللحظ11ة األولى أن يك11ون قائ11دا حزبي11ا من الدرج11ة األولى، ب11ل يجب أن 11ا قوي سياس11يا أو ف11اعال اجتماعي يكون له حضور، وهذا الحضور ي11راكم ال11وعي ت11دريجيا، فيتمكن في

المرحلة الالحقة من أن يمارس دوره بشكل طبيعي.

ثانيا: معضلة االنحياز في العمل السياسي واالجتماعي اإلشكالية الثانية التي يطرحها هذا الفري11ق، هي معض11لة االنحي11از في العمل السياسي واالجتماعي، وهي إشكالية ينبغي التفكير فيه11ا11ة جيدا. إنهم يقولون: إن الدخول في القضايا السياس11ية واالجتماعي

5

Page 6: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

ال يعرف الحياد، فالسياس11ة واالجتم11اع يتطلب11ان انحي11ازا إلى ط11رف من األط11راف، فال يمكن11ك أن تك11ون ض11من ه11ذا الم11دار السياس11ي11ة أو واالجتم11اعي في قريت11ك أو م11دينتك أو وطن11ك أو أمت11ك الديني11ة، إال إذا كنت منح11ازا، فيجب أن تخت11ار فريق11ا، وإال كي11ف القومي تس11تطيع أن تخ11وض نش11اطا في ه11ذا المج11ال االجتم11اعي أو ذاك

المجال السياسي؟11ة، ال يس11تطيع ال11ذي 11ة انحيازي إن هوية العمل السياس11ي هي هوي11ا، في حين يشتغل في العمل السياسي واالجتماعي أن يكون حيادي11ة 11ة المثق11ف بوص11فه مثقف11ا، وهوي هوية العالم بوصفه عالم11ا، وهوي11ة تق11وم على الموض11وعية 11ة حيادي 11را.. هي هوي المفكر بوص1فه مفك11ة أو أن يبحث في مس11ألة العلمية، فإذا أراد أن يع11الج مس11ألة فكري11ة تض11غط على بحث11ه 11ة انتمائي 11ة، فال ينبغي أن تك11ون ل11ه خلفي علمي العلمي، األمر الذي ي11ؤدي إلى انحي11ازه ناحي11ة نت11ائج معين11ة، تح11رف

بحثه العلمي عن الموضوعية والمنهجية في معالجة األمور. عندما ي11دخل المثق11ف أو الع11الم في ه11ذه ال11دائرة المغناطيس11ية11ة، يف11رض علي11ه 111 بش11كل أو ب11آخر 111 ن11وع من السياس11ية االجتماعي االنتم11اء واالنحي11از ال11ذي يض11غط على طرائ11ق تفك11يره ويلزم11ه في النهاية الخروج بنتائج مرسومة سلفا، وهذا ما يؤدي 1 شئنا أم أبينا 1 إلى نوع من تعليب األفكار، كما يؤدي إلى أدمغة معلب11ة تنتج أفك11ارا11ة في11ه إلى قيلت له11ا من قب11ل، في وقت تحت11اج الحرك11ة الفكري11ر يجب أن يق11رأ األم11ور من 11ة. والمفك الحيادية والموضوعية والحري11ات، ويك11ون على موقع الش11خص ال11ذي يش11رف على جمي11ع النظري

مسافة واحدة منها.11ة تس11تدعي إحجام11ا عن ه11ذا االس11تغراق في ه11ذه إش11كالية ثاني

إدخال عالم الدين والمثقف في المتغير السياسي واالجتماعي.

ثالثا: الحكم على الفكر الكلي من خالل التجربةالجزئية

11ة، فالع11الم أو 11ة منهجي اإلشكالية الثالث11ة هن11ا هي إش11كالية معرفي11ة، س11وف المثقف عن11دما ي11دخل في التجرب11ة السياس11ية واالجتماعي11ر 11ة من خالل تل11ك التجرب11ة ال11تي ال تعب يحكم على النظريات العلمي س111وى عن مص111داق ج111زئي، ال يمكن111ه ع111بره من أن يحكم على النظريات الكلية، لكن الدخول في التجربة سوف يؤدي به إلى هذه1ة من 1ة أو الديني 1ات العلمي 11ة، فيحكم على النظري اإلشكالية المنهجي

خالل فشل أو نجاح تلك التجربة العملية في لحظة زمنية محددة. من هن11ا نج11د بعض11ا من ال11ذين دخل11وا في التجرب11ة السياس11ية أو االجتماعية وأص11يبوا بالفش11ل، يحس11بون ذل11ك على ال11دين أو العلم،

6

Page 7: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

بنا المشروع االس11المي، في إي11ران أو الع11راق فيقولون مثال: إننا جر أو لبنان أو الجزائر، ورأيناه فاشال، وعليه فالدين ال يستطيع أن يدير11ات الك11برى من المجتم11ع.. بينم11ا ال يمكن الحكم على تل11ك النظري خالل دراسة مصاديق جزئية معدودة، قد يكون الخلل فيه11ا آتي11ا من

ناحية أخرى غير تلك النظريات واألديان نفسها. عندما يدخل المثقف والعالم في اإلط11ار المي11داني، فس11وف ينتج نظرياته من داخل هذا المربع المصداقي 1 إذا صح التعبير 111 فيحكم11ة، ويق11ول مثال: ال على النظريات الك11برى من خالل التجرب11ة الجزئي يصح أن نفكر بالمشروع اإلسالمي؛ ألنني في العقد الفالني خض11ت تجربة في مكان ما، وفشلت تلك التجربة. فيخرج بنتيجة عام11ة منة، في حين أن المف1ترض ب11البحث 11ة خاص11 11ة تجريبي خالل حال11ة جزئي العلمي أن يكون متحررا من أن يحبس داخل إطار مص11داق ج11زئي واحد، بل عليه أن يستوعب في رؤيته تم11ام االحتم11االت، وأن يأخ11ذ

بعين االعتبار الظروف المتغيرة. عندما نالحظ الذين انتقدوا المشروع اإلسالمي ممن كان إسالميا قب11ل عش11رين عام11ا، س11نجد أن أغلب انتق11اداتهم ترج11ع إلى انتق11اد11ة ال11تي خاض11ها في 11ه جع11ل التجرب11ة الجزئي التجارب الجزئية، أي إن11ة حياته في زمان معين وفي مكان معين، معي11ارا للحكم على نظري

عامة، وهذا خلل منهجي. عندما ادخل ع11الم ال11دين أو المثق11ف في اإلط11ار التجري11بي ه11ذا، أكون قد خنقته للوصول إلى نتائج من هذا المنظار، ك11أنني وض11عت على عينيه نظارات معينة، وفرضت عليه أن يقرأ األمور من خاللها، وهذا ما يؤدي إلى والدة النظريات التي تتأطر بشكل أو بآخر بإطار وقائع جزئية محدودة، وال يعطي للنظريات االجتماعية أو السياس11ية

حينئذ طابع الشمول وال طابع التحليل المطلق. طبع11ا نحن هن11ا إنم11ا ننق11ل وجه11ة نظ11ر ه11ؤالء بحس11ب تحليلن11ا

لخلفياتهم المعرفية.

رابع11ا: ال11دخول في التجرب11ة والخض11وع لس11لطة األم11رالواقع

تعد اإلشكالية األخيرة هذه من اإلشكاليات الصعبة بالفع11ل، وهي الت11أثر بالس11لطات الحاكم11ة في المجتم11ع، إذ إن دخ11ول المثق11ف أو11ر السياس11ي واالجتم11اعي ي11وجب ت11أثره ع11الم ال11دين إط11ار المتغي بالسلطة الحاكمة، وإذا كان المفكر أو المثقف تحت حكم السلطة،

فالسلطة هي التي تصدر قرارها، وهو يجتهد لها وينظر. فإذا كان الزعيم يريد أن يتصالح م11ع الع11دو اإلس11رائيلي، فس11نجد11زا كب11يرا أن نصوص الصلح والسالم من اآليات والروايات، تأخ11ذ حي

7

Page 8: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

1رين في المجتم1ع، وس11نجد االجته1اد من اهتمام1ات العلم1اء والمفك الفقهي يحاول كثيرا لكي ينظم نظرية رائعة تتصل بعالق11ات الص11لح

والمسالمة مع األعداء.11ة الجه11اد والح11رب وإذا ك11ان ال11زعيم السياس11ي يعتق11د بنظري والمقاومة والممانعة ضد العدو اإلسرائيلي، س11نجد في المقاب11ل أن11ة نض11الية 11رين والفقه11اء والمثقفين يح11اولون ط11رح نظري المفك متكاملة مس11تقاة من ال11تراث ومن نص11وص الكت11اب والس11نة؛ ألنهم11ر االجتم11اعي والسياس11ي 111 تحت حكم باتوا 1 بدخولهم إط11ار المتغي السلطات المسيطرة على هذا المجال، أي مجال السياسة وال11دين والمال واإلعالم واألكثرية، إلى غيرها من أن11واع الس11لطات، فيص11بح كقطعة معدن وقعت في حقل مغناطيسي ال قدرة لها على الحركة

خارج قواعد الحقل نفسه. وقد رأينا أن بعض السلطات عن11دما ك11انت تمي11ل لتحدي11د النس11ل وتنظيمه، كان بعض الفقهاء والمثقفين ينظ11رون ويجته11دون لت11برير ذلك، ويمارسون قراءات متنوعة للنص الديني، بينما عن11دما ع11دلت ه11ذه الس11لطات بع11د عق11دين من ال11زمن عن مش11روعها ه11ذا، ع11اد الخطاب من جديد الستحض11ار نص11وص الحث على اإلنج11اب وتكث11ير

النسل، واالجتهاد لتبرير الكثرة العددية هذه المرة! وبهذا يغدو المثقف أو الع11الم محكوم11ا له11ذا الت11وازن الق11ائم في الواقع االجتم11اعي والسياس11ي. ليس ه11ذا فحس11ب، ب11ل كم11ا يق11ول الدكتور الطاهر لبيب 1 أحد علماء االجتماع التونسيين المعاصرين 1:

م( تقريب11ا إلى يومن11ا ه11ذا بن11وع من1980نحن ابتلين11ا من11ذ ع11ام ) المثق11ف يس11ميه ع11الم االجتم11اع ه11ذا ب111»المثق11ف المق11اول« أي

.(1)التاجر فهذا المثقف يكتب حسب ما يدفع له، فإذا كانت الدفع11ة س11لفية11ة، فس11وف فسوف يكتب تفسير القرآن، وإذا ك11انت الدفع11ة ليبرالي11ه يري11د أن يعيش، يكتب في نقد التراث ونقد العق11ل اإلس11المي؛ ألن وهو أيضا إنسان يحت11اج إلى األك11ل والش11رب، ف11إذا دخ11ل في إط11ار11ة والسياس11ية، وقلن11ا ل11ه: علي11ك أن تقحم هذه التوازن11ات االجتماعي نفسك في هذا المدار شديد الجذب والدوران، فهو مض11طر 111 ش11اء أم أبى 1 أن يحقق توازنا ما، فه1و يري1د أن يعيش، ف1إذا ك1ان مأكل11ه واقتصاده مرتبطا بش11كل أو ب11آخر بانتمائ11ه السياس11ي واالجتم11اعي، فسوف يفرض عليه ذلك تلقائيا أن يتخ11ذ موقف11ا م11ا، وإال لن يتمكن

من االستمرار في الحياة.

م(،1942)( يضع ع11الم االجتم1اع التونس11ي ال11دكتور الط11اهر ل1بيب )مول11ود ع11ام 1 المثق11ف الع11ربي في العص11ر الح11ديث ض11من أرب11ع مجموع11ات: المثق11ف الملحمي،

والمثقف التراجيدي، والمثقف البدائلي، والمثقف المقاول.

8

Page 9: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

إن دخول العالم أو المثقف ضمن م11دار ه11ذه الس11لطات، س11وف يؤدي إلى أن يتحول إلى مثقف مقاول، يتاجر بعلمه ودين11ه ول11و من حيث ال يشعر أحيانا؛ كي يحص11ل على لقم11ة العيش. وق11د قي11ل عن1ه بع1د أن بعض كبار المثقفين 1 وقد توفي م1ؤخرا رحم1ه الل1ه 11: إن قضى عمره في نقد التراث اإلسالمي، كتب في آخر عمره تفس1يرا للقرآن الكريم، نتيجة عالقة طيبة مع بعض شيوخ الم11ال في إح11دى

الدول الخليجية. إن هذه اإلشكاليات 111 ولنق11ل بتعب11ير أدق: »اله11واجس« 111 يراه11ا أنص11ار التنزي11ه تح11ذر الع11الم والمثق11ف من ال11دخول في القض11ايا111ة ال يمكن 111ة، وهي مح111اذير جدي 111ة والسياس111ية اليومي االجتماعي11رت بالفع11ل على االستهانة بها؛ إذ نراها ب11أم أعينن11ا، ون11رى كي11ف أث

الحركة العلمية والثقافية في اآلونة األخيرة.

خامسا: مخالفة السيرة التاريخية لعلماء الدين هناك وجهة نظر، أطرحها هنا للتفكير، وهي تقول: إن أهل السنة

«م11والين»ب11العموم ك11انوا 111 حس11ب التس11ميات السياس11ية الي11وم 1 11ة واإلس11ماعيلية ك11انوا ، لكن«معارض11ين»للس11لطة، فيم11ا الزيدي

لم»محاي11دين«اإلمامية لم يكونوا معارضين وال م11والين، ب11ل ك1انوا يشاركوا في العمل السياسي حتى يكونوا معارض11ة؛ ألن المعارض11ة شكل من أشكال المشاركة في العم11ل السياس11ي، أو فق11ل: ك1انت معارضتهم صامتة ليس فيها فعالية سياسية، وهذا ما استمرت عليه سيرة علماء اإلمامية، فالدخول في الحياة السياسية مخ11الف له11ذه

السيرة المستمرة التي تلقتها اإلمامية جيال بعد جيل.11ة ويؤيد ذلك 1 من وجهة نظرهم 1 ثقافة التقية التي ورثتها اإلمامي عن أئمة أهل البيت النبوي^، حيث كانوا يمارسون التقية بأنفسهم، ويدعون أتباعهم لممارستها، وقد وردت فيه11ا نص11وص كث11يرة عنهم. والمشاركة السياسية 111 ب11ل المعارض11ة 111 ليس11ت إال خرق11ا لقواع11درت ك11ل مع11ايير التقية، فعندما تدخل في سياق معارض11ة فق11د كس11 التقية التي جرى الحديث عنها في لسان أهل البيت^. وأم11ا قض11ية

اإلمام الحسين× فهي قضية خاصة ال يمكن أن نقيس عليها. لكن دعوني أعلق هنا على هذا الكالم، ولو أننا ما نزال

ربم11ا يك11ون ه11ذا الكالم في بعضبصدد شرح الموق��ف األول:11ذكر 11ة ص11حيحا، حيث ال نج11د أي مش11اركة سياس11ية ت الحقب الزمني للطائفة اإلمامية، لكن في حقيقة األمر ال نستطيع أن نغض الطرف عن تجارب علمائية كثيرة، حتى في ال11تراث الق11ديم، وال11تي تخبرن11ا عن مش11اركتهم في العم11ل السياس11ي. فالطائف11ة اإلمامي11ة حينم11ا توفرت لها الظروف للمش11اركة في العم11ل السياس11ي لبت الن11داء،11ة إلى إي11ران في العص11ر وبإمكانك أن تأخذ الهجرة العاملية العلمائي

9

Page 10: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

الص11فوي، ل11ترى كي11ف أن العلم11اء عن11دما س11نحت لهم الفرص11ة لمروا في خ11وض مج11ال التجرب11ة السياس11ية، ب11ل ق11دموا الع11ون يقص11

للسلطة التي يرونها أقرب إلى الحق.11ة، إذن، ربما ال نج11د مش11اركة سياس11ية من قب11ل الطائف1ة اإلمامي بسبب عدم توفر اإلمكانيات الالزمة؛ ألن شدة القمع لم تكن تسمح له11ا ح11تى أن تك11ون معارض11ة، فض11ال عن المش11اركة، فال ينبغي أن نجعل من التراث دليال للقول بأنه ينبغي لعلماء الدين أن يبقوا على

الحياد وفي عزلة؛ ألن التراث ليس على وتيرة واحدة. أضف إلى ذلك، حتى ولو كانت سيرة العلماء ب��أكملهم على هذه الطريقة، فهذا ال يلزم مجتهدا باألخ��ذ ب��رأيهم،

ونحن إنمافالعلماء في نهاية المطاف يستدل لهم ال بهم.11ه وأه11ل بيت11ه^، وال نس11تدل ب11أقوال أو نستدل بكتاب الله وسنة نبي س11يرة العلم11اء، وإنم11ا اخ11ذ باإلجم11اع والش11هرة بوص11فهما طريق11ا للوص11ول إلى الس11نة، ف11إذا ك11انت عن11دنا آي11ات من الكت11اب العزي11ز، وآيات الجهاد وآي11ات االجتم11اع اإلنس11اني وآي11ات الح11دود والقص11اص والديات، فال نستطيع أن نتجاهل هذه كلها، ألجل اجتهاد العلماء في فهم النصوص، خاصة وأن فهمهم لها ليس حج11ة على مجته11د آخ11ر، كما أن االستدالل هنا قائم على السيرة. والسيرة دليل لبي يحتم11ل11ة وليس ذه11اب بعض العلم11اء في وجوه11ا متع11ددة، فالقض11ية خالفي الماضي إلى طريقة معينة في العمل السياسي بملزم للعلم11اء في المرحلة الالحق11ة أن يتبع11وا الطريق11ة عينه11ا إلى األب11د، الس11يما وأن الظروف تتغير، وربما لو كانوا موجودين في زماننا هذا، لك11انت لهم

مواقف مختلفة. أكتفي بهذا القدر من الهواجس واإلش11كاليات ال11تي ربم11ا ينطل11ق منه1ا الفري1ق األول؛ ألنتق1ل إلى االتج1اه الث1اني، ومن خالل عرض1نا لهذا االتجاه تتبين بعض المالحظ11ات ال11تي ق11د تس11جل على طريق11ة

تفكير االتجاه األول رغم جدية إشكالياته وأهميتها الفائقة.

االتجاه الثاني: الواقعية وااللتزام، دوافع ومبررات11ر من وجه11ة نظ11ر أص11حاب ه11ذا االتج11اه، يجب أن يك11ون المفك11ة، ليعيش واقعه11ا، ويص11بح إنس11انا والع11الم في بطن الحي11اة اليومي11ق في 11ة ال أن يحل 11ر لح11ل المعض11الت والم11آزق الحقيقي 11ا يفك واقعي

الفضاء، ويبحث عن قضايا خيالية ال وجود لها في الخارج. صحيح أن هناك إشكاليات قد تصيب العالم والمثق11ف في دخول11ه11ة ويجب الحياة االجتماعية والسياس11ية، وهي تس11تحق ال11درس بجدي11ات لنش11اط أن تؤخ11ذ بعين االعتب11ار، لكن في المقاب11ل، هن11اك أولوي عالم الدين أو المثقف أو المرجع الديني أو الفقي11ه، تتطلب من11ه أن

10

Page 11: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

11ر السياس11ي 11ا وأن يك11ون ملتزم11ا ال11دخول في المتغي يك11ون واقعي

واالجتماعي، بأي شكل من أشكال الدخول. نحن هن��ا ال نتح��دث عن قض��ية التح��زب )أي ش��رعية وضرورة االنتماء لألحزاب( وال عن تأسيس دولة، وال عن العمل السياسي من موق��ع الفت��وى الديني��ة بم��ا يعت��بره العلمانيون خرقا لمدنية الدولة وعلمانيته��ا، أو أي ش��كل آخر من أشكال الحضور بخصوصه، وإنما نتكلم عن أص��ل الحضور في المتغي��ر السياس��ي واالجتم��اعي فارغ��ا عن

قيوده، وشروطه و..، حتى ال يختلط األمر علينا.11ة له11ذا الفري11ق، س11نجد 11ات المعرفي 11ل الخلفي إذا أردن11ا أن نحل

المبررات اآلتية:

المبرر األول: المعرفة للتغيير والعمل، ال لذاتها أستعير هذا التعبير من الفك11ر الماركس11ي 111 وإن لم يكن التعب11يرس منه11ا اآلن. 11ة لم يع11د يتحس11 حكرا عليه 1 باعتب11اره مدرس11ة فكري هناك فكرة ماركسية معروفة تحولت إلى ثقاف11ة، وهي تق11ول: »إنة المعرفة للتغيير، وليست للمعرفة نفس11ها«. هي فك11رة غ11ير خاص11بالماركسية، وإنما هي فكرة عمالنية يعيشها الكثير من أبناء البشر. وهذا الفريق من العلماء والمفكرين أيضا يفكرون بهذه الطريق11ة نفسها، حيث يقول11ون: أن11ا لم11اذا أتعلم؟ ه11ل لكي أكتش11ف ش11جرية11ات وحق11ائق الشجر وحجرية الحجر، وأنهم11ك في البحث عن الماهي األشياء؟ أو أتعلم لكي أعرف كيف أزرع الحنط11ة، وكي11ف أحص11دها، وكي11ف أغ11رس الش11جرة وكي11ف أج11ني ثماره11ا، وكي11ف أحميه11ا من الحشرات الضارة، وكيف أوصلها للم11واطن الفق11ير ال11ذي يحتاجه11ا،

11

م�ب�ر�ر�ا�ت�

ا�ال�ت�ج�ا�ه� ا�ل�ث�ا�ن�ي�

ا�ل�م�ع�ر�ف�ة� ل�ل�ت�غ�ي�ي�ر� و�ا�ل�ع�م�ل�

ا�ل�ع�ال�ق�ة� ا�ل�ج�د�ل�ي�ة�

ب�ي�ن� ا�ل�ت�ج�ر�ب�ة� ا�ل�م�ب�ر�ر� و�ا�ل�ن�ظ�ر�ي�ة�

ا�أل�خ�ال�ق�ي� و�ا�ل�د�ي�ن�ي�

Page 12: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

11ة الحج11ر أو يهم11ني فتنتظم شؤون الحياة؟ هل يهمني معرفة حجري أن أعرف كيف أستفيد من هذا الحجر ألب11ني ب11ه بيت11ا أو مس11جدا أو

مستشفى أو دار أيتام..؟ثمة اتجاهان للجواب عن هذه األسئلة:

وبتعب11يراتجاه يرى أن العلم والمعرفة مطلوبان بالذات، الفلسفة الصدرائية: العلم يوجب السعة الوجودية لإلنسان، من هن11ا يميل هذا االتجاه دائما لتخطي ظواهر األشياء والدخول في باطنها،11ات 11ة، ول11ذلك يبحث عن ماهي 11ة والواقعي بعي11دا عن فوائ11دها العملي11ة األشياء وحقائقها الوجودية، ويريد معرفة ش11جرية الش11جر وحجري الحجر لذاتها ال لكي يستفيد منها في واقعه اليومي، ويص11ر على أن يقضي عمره على أن تحصل المعرفة من أجل المعرفة ال من أجل اس11تخدامها في الحي11اة بالض11رورة، فق11د نج11ده يقض11ي عم11ره لكي يبحث عن قضايا ال فائدة منها في الخ11ارج، فق11ط ألنه11ا معرف11ة في ذاتها، والمعرفة بذاتها مطلوبة عنده، فإذا قي11ل ل11ه: م11ا الفائ11دة من وراء ذل11ك؟ س11وف يجيب: إن المعرف11ة ب11ذاتها أم11ر جمي11ل وت11وجب كمال اإلنسان وشحذ الذهن، والذي وصل إليها هو الذي يعرف ل11ذة المعرفة وقيمتها الحقيقية، والذي لم يت11ذوق المعرف11ة ه11و كالطف11ل الص11غير ال11ذي ال يع11رف ل11ذة الغري11زة الجنس11ية إال أن يبل11غ مرحل11ة النض11ج، وك11ذلك العلم، ال يس11تطيع أن ين11ال ل11ذة اكتش11اف ش11جرية

الشجر إال ذاك الذي بلغ هذه المرتبة من المعرفة. لكن من وجهة نظر الفريق اآلخ��ر، العلم ليس مطلوب��ا

وإن كانت بعض المدارس الفلسفية تعتقد ب11ذلك،في حد نفسه،11ة ليس العلم بم11ا ه11و 11ة والعرفاني 11ة واألخالقي لكن في الثقافة الديني صور ذهنية مطلوبا، بقدر ما ه11و مهم لكون11ه طريق11ا للكم11ال ورقي اإلنس11ان نح11و غايات11ه المنش11ودة، ف11العلم ه11و ال11ذي يس11اعدنا في11ة الوصول إلى الكماالت المطلوبة لإلنسان، سواء في حيات11ه الماديأم األخروية، وسواء في حياته السياسية أم االجتماعية أم األسرية.. إذن، العلم ليس مطلوب111ا في ح111د نفس111ه، لكي أجلس فأن111ال11ة وأض11عها في عقلي ثم أكتفي، وننهى مجموع11ة من الص11ور الذهني العالم أو المثق11ف عن االهتم1ام بقض11ايا األم11ة الك11برى بذريع1ة أنه1ا1ة، إذ م1ا فائ11دة العلم ال1ذي تمنع1ه من االس11تمرار في حيات11ه العلمي يبقى في الذهن؟ وماذا نجني من ورائه؟ فإن العلم والمعرفة ليس11ا إال بداية المشوار، ألنني أعرف لكي أعمل بحس11ب التعب11ير ال11ديني،

أو أعرف لكي أغير بحسب التعبير الماركسي. نحن نريد المعرفة لكي نعمل ونحقق تك11امال، وال ينبغي أن ننظ11ر للمعرف11ة في ح11د نفس11ها بوص11فها ص11نما يعب11د، فم11اذا أس11تفيد من المعرفة إذا كانت صنما؟ ال أستطيع أن أحقق بها ش11يئا في حي11اتي. إذا جلست في زاوية بي11تي أو اجته11دت في قض11ية معين11ة، ثم بقيت

12

Page 13: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

11ة في بيتي فماذا أستفيد؟ ما الفائدة من تحصيل هذه الص11ور الذهني

في عقلي؟ لألسف الشديد هذه كانت وما تزال ثقافة موجودة في أوس11اطنا، والتاريخ يحدثنا عن أولئك الذين كتبوا عشرات الكتب ولم ينش11روها إلى أن صارت هذه عادة يعمل به11ا، ب11ل بعض11هم ك11ان يتل11ف الكتب التي يكتبها، وأنا سمعت من بعض األساتذة الفقهاء أن أحد الفقه11اء الكبار الذين توفوا في العقد األخير من الق11رن العش11رين الميالدي،11ه 11دات، الس11يما في علم الرج11ال، لكن ك11انت لدي11ه عش11رات المجلأوصى أبناءه بعدم نشرها إطالقا! وبالفعل لم تنشر إلى يومنا هذا.

وعلي��ه، أول قض��ية ينطل��ق منه��ا الق��ائلون بض��رورة دخ���ول الع���الم والمثق���ف مج���ال المتغي���ر السياس���ي واالجتماعي هو أن المعرفة ليست للمعرف��ة، ب��ل الغاي��ة من ورائه��ا ه��و العم��ل والتغي��ير والص��نع واإلب��داع في

ألن انتق11ال المعرف11ة اإلنس11انية من مرحل11ةالواق��ع اإلنس��اني؛ الكم11ون في العق11ل إلى مرحل11ة الظه11ور في الواق11ع االجتم11اعي11ة والسياسي، هو ال11ذي يس11تطيع أن ي11ؤثر على المس11تويات الروحي111ة في اإلنس111ان 111ة واالقتص111ادية والتربوي والسياس111ية واالجتماعي

والمجتمع.

المبرر الثاني: العالقة الجدلية بين النظرية والتجربة11ة، هي المبرر الثاني للزوم الدخول في الحياة العام11ة واالجتماعي11ة والتجرب11ة، ف11إن الكث11ير من أن11واع 11ة بين النظري العالق11ة الجدلي11ة، فال النظريات تحتاج 1 في تقويمها وتطويرها 1 إلى التجربة العملي يمكن أن ننتج نظرية علمية في زاوية المكتب11ات دوم11ا، ب11ل الب11د أن1ة في الواق1ع نرى تأثيراتها على أرض الواقع ونجرب القضايا النظري11ات ونس11تخرج نق11اط الخارجي، هكذا نستطيع أن نقوم تل11ك النظرية في العل11وم الخلل والقوة فيها، فإن إنتاج النظريات العلمية، خاص11

اإلنسانية، بحاجة إلى الدخول في واقع الحياة.11ات ال11تي ظه11رت في الغ11رب وكما نعلم، فإن الكث11ير من النظري كانت ناتجة عن تجارب قام بها العلم11اء في مخت11براتهم وعي11اداتهم،

ة في علم1939مث111ل س111يغموند فروي111د ) م( في تجارب111ه الخاص111 النفس، أو في تج11ارب بعض11هم على المس11توى السياس11ي واإلداري

م(، وأبي علي مسكويه الرازي808كما فيما يقال عن ابن خلدون ) ه1(. كيف يمكن إنتاج النظريات التي تتعلق ب1الفكر السياس11ي421)

أو االجتماعي أو التربوي أو التاريخي، بمنط11ق تجري11دي متع11ال عنواقع الحياة؟!

13

Page 14: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

11ات إن هناك عالقة جدلية بين التجربة والنظرية العلمية، فالنظري11ة ت11ؤثر على واقعن11ا المعاص11ر والواق11ع ب11دوره ي11ؤثر على العلمي

النظريات العلمية.ولكي أوضح األمر أكثر، أستعين بفكرتين:

الفكرة األولى: وهي الفكرة التي طرحها السيد محمد11ة ح11ولم(1980ب�اقر الص�در ) 11ة والمعرفي في أبحاث11ه المنطقي

التواتر، وذلك في كتابه »محاضرات تأسيسية« ال11ذي طب11ع م11ؤخرا، فهو يقول بأن التواتر يحصل اليقين، لكن حصول التواتر له عوام11ل 111 كم11ا درس11ناه في أص11ول الفق11ه وعل11وم دراي11ة الح11ديث 111 ومنه11ا العوامل الذاتية، ومن جمل11ة ه11ذه العوام11ل خ11برة اإلنس11ان ب11الواقع الميداني، فل11و ذهب ش11خص ال خ11برة ل11ه بالس11وق والتج11ارة وحي11ل التجار، ودخل إلى السوق وسأل أي تاجر: بكم هذه؟ فاجيب: والل11ه رأس مالها علي كذا وكذا، ثم ذهب إلى اآلخر وسأله نفس السؤال، فأجابه بالجواب نفس11ه، ثم ذهب إلى الث1الث وس11مع الش1يء عين11ه،

فسيحصل له يقين بذلك. هنا يقول السيد الصدر: ه11ذا إنس11ان بس11يط ال يع11رف التعقي11دات الموجودة في السوق بين التجار؛ لهذا هو يعتبر أن احتم11ال اجتم11اع مصلحة هؤالء التجار الثالث1ة مع1ا، ه1و احتم1ال ض1ئيل ج1دا بحس1اب االحتماالت، خاصة لو كانوا من أسواق متعددة، وبه11ذا سيحص11ل ل11ه11ة ولدي11ه وعي وثوق بكالمهم. أما الذي له خبرة في الحي11اة الميداني ك111اف بالس111وق ويع111رف التج111ار وأيم111انهم المغلظ111ة وأس111اليبهم وأفانينهم، ويعرف كيف تلتقي مصالحهم، فسيقول: لو يأتي عش11رة

من هؤالء لن يحصل لي اليقين. هذا ما يمكن تطبيق11ه في مج11االت كث11يرة، وعلى س11بيل المث11ال:1ق ه1ذه الفك1رة هن11اك، دراسة األحاديث والرواي1ات، يمكنن11ا أن نطب فالباحث بمقدار خبرته بظاهرة الكذب في حياة الناس وخبرت11ه في11ة، يس11تطيع أن يص11ل إلى دوافع الكذب في شخص11ية الن11اس اليومي نتائج أض1من وأق1رب إلى الواق1ع في تق1ويم األح1اديث، وك1ذلك من يملك خبرة بالسياسة، يستطيع أن يقوم النظريات السياسية بنظرة أكثر وعيا، ويعرف ما إذا كانت قابلة للنجاح أو ال؛ تبعا لوعيه بطب11ائع البشر وتحوالت الحي1اة السياس11ية بينهم.. وك1ذلك الح1ال في س11ائر

النظريات المتصلة بالشؤون اإلنسانية.الفكرة الثانية: وهي التي طرحها المؤرخ ابن خلدون )

وه11و من ال11ذين ك11انوا يش11اركون في العم11ل السياس11يه�(،808 والسلطوي بمعنى ما. إن البن خلدون نصا ال بأس أن ننقل11ه بعين11ه، حيث يق11ول في مقدمت11ه المش11هورة: »ألن األخب11ار إذا اعتم11د فيه11ا على مج11رد النق11ل، ولم تحكم أص11ول الع11ادة، وقواع11د السياس11ة

وال قيس منهاوطبيعة العمران واألحوال في االجتماع اإلنساني،

14

Page 15: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

الغائب بالشاهد، والحاضر بالذاهب فربما لم ي��ؤمن فيه��ا

..«.من العثور ومزلة القدم ينتقد ابن خلدون في عبارته ه11ذه التعام11ل الس11ندي المحض م11ع األخبار التاريخية، بل على المؤرخ أن يعرف أص11ول الع11ادة وقواع11د السياسة واألحوال في االجتم1اع اإلنس1اني، وك1ذلك علي1ه أن يقيس األوضاع الراهنة على الماضي، ليع11رف الحق11ائق والوق11ائع الماض11ية بنظ11رة أك11ثر وعي11ا، فكلم11ا كنت تمل11ك خ11برة في العص11ر الحاض11ر، أمكنك أن تقيس ما في العصر الماضي على العصر الحاضر فتحكم بص11حة تل11ك القض11ية وع11دم ص11حتها من موق11ع مض11اعفة خبرت11ك11ة، فعن11دما نجع11ل العص11ر 11ة واالجتماعي بالشخص11ية اإلنس11انية الفردي الحاضر مقياسا لدراسة الماض11ي ول11و في الجمل11ة، فس11وف تخ11ول التجربة الميدانية اإلنس11ان أن يعي قض11ايا االجتم11اع والسياس11ة، وال يصبح إنسانا مثاليا يفكر في فضاء خي11الي ال وج11ود ل11ه في الخ11ارج، ويحلل القضايا التاريخية من هذا المنطلق، األمر الذي قد يؤدي إلى

بساطة نظرياته وتحليالته.111ق ببعض قض111ايا الفك111ر ولألس111ف الش111ديد نحن في م111ا يتعل السياسي، وبعض القضايا الكالمية، مثاليون؛ ألنن11ا لم نعش التجرب11ة11ر كث11يرا الميدانية، وإال فإن الدخول في التجربة الميدانية سوف يغي من نظرتنا لألمور، فلنالحظ مثال أن العلماء في الفترة األخ11يرة )أي111ر السياس111ي في الق111رن العش111رين( لم111ا دخل111وا غم111ار المتغي111رت 111ة والسياس111ية، تغي واالجتم111اعي، وخاض111وا التجرب111ة القانوني نظرياتهم، فكانوا سابقا يرون األحكام الش11رعية كله11ا من الث11وابت، واعتبروا أن كل نص صدر عن المعصوم فهو ثابت إلى يوم القيامة،11ه من المس11تحيل 111 بحس11ب لكن لما دخلوا غمار المتغير، وج11دوا أن

س11نة وه11و ال يس11تخدم إال األحك11ام300العادة 1 أن يبقى المعصوم 11ة، إلى 11رة فتحت11اج إلى أحك11ام مرحلي األولية؛ ألن طبيعة الحياة متغي ج111انب األحك111ام الثابت111ة، فب111دأوا يلتفت111ون إلى أن المعص111وم ل111ه شخصيتان: الشخصية التبليغية المعنية بتبليغ األحكام اإللهية الثابت11ة،11ة في ظ11ل األحك11ام والشخصية التدبيرية التي تدير األم11ور الزمكاني الثابتة، وهي شخصيته بوصفه حاكما، ول11ذلك ط11رح الس11يد الش11هيد الصدر في كتابه »اقتصادنا« أنه إذا جاء في الرواية تعب11ير: »قض11ى رسول الله«، فهذا يدل على أنها حكم والئي، وك11ذلك ط11رح الس11يد

م( فكرة »األحكام الوالئية« التي كان يصدرها أهل1989الخميني ) وأتى بمس11ألة الزم11ان والمك11ان وتأثيره11ا على االجته11اد، ال11بيت^

واالستنباط الفقهي. إن علينا أن نلتفت إلى أن النصوص الدينية 1 اآلي11ات والرواي11ات 1 لم تكن نصوصا متعالية عن الزم11ان والمك11ان في ظ11رف ص11دورها، وإنم11ا ك11انت تص11در في ظ11ل الظ11روف االجتماعي11ة والسياس11ية

15

Page 16: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

المختلفة، فالخبرة بهذه الظ11روف تس11اعدنا كث11يرا على فهم أق11رب إلى الواقع، إذ الظروف السياسية واالجتماعية تش1به بعض1ها بعض1ا، وهن11اك عناص11ر مش11تركة فيه11ا، فيمكن أن نس11تفيد من التجرب11ة المعاصرة لمعرفة تلك الظ11روف المش11ابهة له11ا في ظ11رف ص11دور

النصوص الدينية والتاريخية. وه��ذا كل��ه يع��ني أن ال��دخول في التجرب��ة الميداني��ةط ال��وعي المع��رفي، ال أن��ه السياسية واالجتماعي��ة ينش��

إذ يعطي اإلنسان صورة أوضح للنصوص التاريخية، وي11زودهيشله؛ بوعي أكمل للتاريخ نفسه، كم11ا يس11اعده في تحلي11ل بني11ة االجتم11اع

اإلنساني والفرد اإلنساني في هذا المجال. وعليه، فالعزلة ال تساعد دوما على إنتاج النظريات الصحيحة، بل1ات معزول1ة تج1افي الذي يعتزل الساحة الواقعية ق1د ينتج لن1ا نظري11ة والقض11ايا الواقع في بعض األحي11ان، الس11يما في العل11وم االجتماعي المتصلة بالعلوم اإلنسانية، كاالجتماع والسياسة والتربية واالقتص11اد وغيرها من هذه العل11وم ال11تي تق11ع في ص11لب نش11اطاتنا في الفق11ه

واألخالق وما شابه ذلك. هذا مبرر آخر يدفعنا إلى إقحام المثق11ف والفقي11ه دائ11رة التجرب11ة11ة أيض11ا؛ 11ة والتاريخي حتى يعي طبيعة المتغير، ويعي النص11وص الديني ألن اإلنسان ال يستطيع أن يعي النص11وص السياس11ية ال11تي ص11درت من األئمة^، إن لم يكن فاهما لطبيعة االجتماع السياسي اإلنساني آنذاك، وكذلك ال يستطيع أن يفهم النصوص التربوية بش11كل ص11حيح ما لم يكن واعيا بالتركيبة النفس11ية اإلنس11انية وردود أفع11ال الن11اس، إذا، كلما خاض التجرب11ة أك11ثر، كلم11ا اس11تطاع وعي النص11وص ال11تي11ة. فال11دخول في التجرب11ة يس11اعد الع11الم صدرت في ظروف واقعي أحيانا، وليس تأثيره ضرريا، بل بإمكانه أن يستفيد من تلك التجرب11ة

لتصويب نظرياته، وجعلها أكثر واقعية وسالمة.

المبرر الثالث: المنطلق األخالقي والديني11ر أو 11ك مرج11ع دي11ني أو فقي11ه أو مفك ينطل11ق ه11ذا الم11برر من أن مثقف، لكنك في نهاية المطاف إنسان، واإلنسان مسؤول تجاه بني جنسه، فما معنى أن تنزه نفسك عن قضاياهم؟ ما معنى أن تقول:11ا! أليس11ت أنا ليس لي عالقة بهذه األمور؟ ليس ه11ذا س11لوكا أخالقي هذه وظ11ائف إس11المية أن ينص11ر المس11لم المس11لم اآلخ11ر؟ أليس11ت وظائف أخالقية أن يتعاون اإلنسان مع أخيه اإلنسان؟ ه11ل المثق11ف11ة إذا ص11ار مثقف11ا؟ ه11ل ط11الب يخرج من س11لطنة األحك11ام األخالقي العلم أو المفكر يخرج من سلطان األحكام الدينية إذا ص11ار عالم11ا؟ هل أن عامة الناس يجب أن ينصروا إخوتهم المؤم11نين، أم11ا الع11الم

أو المثقف فال يجب عليه ذلك؟!

16

Page 17: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

11ة واإلنس11انية إذا كان اإلنسان ينطل11ق من أساس11يات قيم11ه الديني واألخالقية، فال فرق بين أن يكون عالما أو غير عالم، بل يجب عليه أن يكون له موقف في مثل هذه القضايا، ال معنى للحي11اد في مث11ل

هذه األمور. ال نقول: يجب أن يكون له موقف في كل جزئية، وال نطلب من11ه أن يصدر بيانا في كل تفصيل، لكن نقول: يجب أن يكون له حضور، فليس مقبوال ال على المس11توى األخالقي وال اإلنس11اني وال ال11روحي11ة الن11اس تع11اني من وال ال11ديني، أن يعيش اإلنس11ان في عزل11ة وبقي

مشكالت وأزمات. فعلى سبيل المثال، قضية فلسطين من أهم قضايانا الكبرى، مع ذلك ال نجد حضورا لكثير من المثقفين والعلم11اء في ه11ذه القض11ية،

وكأنها غير موجودة! هذا الوضع من وجهة النظر هذه 1 وه11و الح11ق 111 مخ11الف ألبس1ط المعايير األخالقية والدينية، فما معنى أن أن11زه نفس11ي عن ال11دخول11ة 11ة هي رؤي ة وأن11ا أدعي ب11أن رؤي11تي الديني في هذه القض11ايا؟ خاص11 تستوعب جميع مراف11ق الحي11اة، وليس هن11اك واقع11ة إال وله11ا حكم؟ فيجب علي أن أحدد موقفا في هذه القضية أو تلك، وإال 111 وال أري11د أن أقيس 1 فما ه11و الف11رق بي11ني وبين أولئ11ك ال11ذين خ11ذلوا اإلم11ام

الحسين×؟ إذن، الدافع األخالقي والروحي والديني يتطلب حض11ورا لل11واعين والمثقفين والعلم11اء في الش11أن السياس11ي واالجتم11اعي، ك11ل بم11ا

يتناسب مع وضعه وبما يتناسب مع موقعه.

موقف مختار إذا أردت أن أجمع الصورة، أجد أن هن11اك ه11واجس عن11د الفري11ق األول، ومبررات عند الفريق الث11اني، وأعتق11د ب11أن أفض11ل هاجس11ين

طرحهما الفريق األول هما: هن11ا علين11ا أن نق11ر 111 رغم أنن11ا � مشكلة اإلنتاج المعرفي:1

نؤيد االتجاه الثاني من حيث المبدأ 1 بأن اإلنتاج المعرفي قد تضاءل في الفترة األخيرة، وهذه حقيقة واقعة، فقد تراجع ظهور المبدعين11رين الكب11ار في اآلون11ة األخ11يرة، إذا، يجب أن تك11ون هن11اك والمفك11ة، وربم11ا يك11ون العم11ل حل11ول لتف11ادي ه11ذه المش11كلة الحقيقي11رين المؤسساتي هو الذي أدى إلى تراجع ظه11ور المب11دعين والمفك الكبار، فإنني سمعت أن بعض العلماء الكبار الذين لهم تأثيرهم في الحوزة العلمية، صار بصدد التفكير ب11أن العم11ل المؤسس11اتي ال11ذي دخل الحوزة العلمية هو رغم جودته، غير أنه قت11ل اإلب11داع الف11ردي،11ة لت11ذوب 11ة اإلبداعي حيث تحول إلى مطحنة تطحن الطاقات الفردي

17

Page 18: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

في داخ11ل المؤسس11ة، ف11إذا ك11ان العم11ل اإلداري في المؤسس11ةضعيفا، ستموت الطاقات اإلبداعية الفردية.

11ه ال عالق11ة هذا أحد العوامل التي ربما أثرت في هذا التراجع، لكن11ة، ل11ه ب11دخول الع11الم أو المثق11ف في الحي11اة السياس11ية واالجتماعي1رت على ه1ذا ال1تراجع، فدراس11ة ه1ذا وربما هناك عوام11ل أخ1رى أث

الموضوع بحاجة إلى تأن ومن جميع الزوايا. وق11د يك11ون دخ11ول الع11الم أو المثق11ف في الحي11اة السياس11ية11رت على ه11ذا الموض11وع، لكن 11ة، من العوام11ل ال11تي أث واالجتماعي ينبغي أن نعلم أنه ليس العامل الوحيد، ب11ل هن11اك عوام11ل متع11ددة، ومن جه11ة أخ11رى ال يع11ني وج11ود ال11تراجع ه11ذا، أن نع11تزل مج11ال11ة 11ة والديني الحضور، مادام الحضور ضروريا ويحمل مبرراته األخالقي

11ا، 11ر في ه11ذه القض11ية ملي 11ة، ب11ل علين11ا أن نفك ويجب أنوالعلمي يك���ون هن���اك تنوي���ع في األدوار ووح���دة في اله���دف �

ألن ه11ذه القض11ية إذا اس11تمر ه11ذا الوض11عبطريقة أو ب�أخرى �؛ ستؤدي إلى شكل من أشكال تسطيح المعرفة وال1وعي، حيث نج11د بالفعل اآلن ظ11اهرة التقلي11د في أوس11اط بعض المثقفين والب11احثين

وعلماء الدين.11ه يمكن ت11داركها والمحافظ11ة على إذن، هذه مشكلة حقيقية، لكن

أساسيات الدخول في الحياة السياسية واالجتماعية. هذه اإلشكالية أيضا مهمة � إشكالية العالقة مع السلطة:2

ال يمكن االستهانة بها، وال نقصد بالس11لطة هن11ا الس11لطة السياس11ية فحسب؛ ألن قضية السلطة السياسية صارت فزاع11ة بالنس11بة إلين11ا

في العالم العربي بالخصوص.11ة والس11لطة إن السلطة تعني السلطة السياسية والسلطة المالي اإلعالمية وسلطة األكثرية واألغلبية التي يخاف كثير منا أن يواجهه11ا11ه يخ11اف ويس11تند رغم إيمانه بعدم صحة مدارية ه11ذه الس11لطة، لكن في خوفه ه11ذا إلى م11بررات، ب11ل هن11اك س11لطة المثقفين أنفس1هم،11ة والنق11د، حيث يحذفون بعضهم بعضا، وهم أدعياء التح11رر والتعددي لكنهم أص11بحوا يمارس11ون الس11لطة على بعض11هم بعض11ا، ويقص11ون ويحاربون بعضهم بعضا! هذا م11ا أقص11ده من كلم11ة »الس11لطة«، أي

المفهوم العام لها. نحنأعتقد أن الحل يكمن في تصحيح فكرة »االنتماء«،

مشكلتنا في بعض بلدان الشرق أن االنتماء عندنا أح1ادي، وه1ذا م1ا م( إش11ارة س11ريعة في س11ياق1981أشار إليه العالمة الطباطبائي )

م(، فنحن ال نتص11ور1978بحث له في حواراته مع ه11نري كورب11ان ) االنتماء إلى مذهب أو حزب أو جهة معينة مع ع11دم االعتق11اد بجمي11ع

معتقداتها.

18

Page 19: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

على سبيل المث1ال، إذا ص11ار ش11خص من أبن11اء الم1ذهب الفالني، هناك قائمة بمجموعة آراء هذا الم11ذهب، يجب أن يل11تزم به11ا، ف11إذا ترك واحدة منها، فهذا يعني أنه قد خرج من انتمائه ه11ذا! وه11ذا م11ا أسميه ب1»االنتماء أحادي الش11كل«، ف11إذا كنت منتمي11ا له11ذا الفري11ق1ه يجب علي أن أقب1ل بك1ل م1ا يقول1ه ه1ذا السياسي فه1ذا يع1ني أن الفريق، وإن لم أكن مقتنعا به؛ ألنني ال أستطيع التح11رر من أي من مقوالته، فاالنتماء عندنا يساوي التعبد والتقليد، فإذا قام شخص من داخل هذا الفريق بنقد ولو جزئي، فسوف نعت11بره غ11ير منتم. وه11ذه11ة في إش11كالية خط11يرة ج11دا؛ ألنه11ا هي ال11تي تقت11ل الحرك11ة الثقافي

أوساطنا. فعندما أقول: أيه11ا المثق11ف وأيه11ا الع11الم بإمكان11ك أن تنتمي إلى التيار الديني أو االجتماعي أو السياسي )أ(، فهذا ال يعني أن كل م11ا11ار )أ( يجب علي11ك أن ت11دافع عن11ه، ف11إذا انتمى يص11در عن وج11وه تي شخص ما إلى حزب معين، فال يجرؤ أن ينتق11د أي ش11يء ص11در عن1ك ق1د خ1رجت عن إط11ار ذل1ك الح11زب! وإذا انتق11ده س11يقال ل1ه: إن االنتماء؛ ألن فهمن11ا لفك11رة االنتم11اء فهم مغل11وط؛ إذ ال نس11تطيع أن1ا أم سياس1يا نوفق بين فكرة االنتماء السليم 1 سواء كان انتماء ديني

أم اجتماعيا 1 وبين فكرة النقد. إن هذا هو ما يوجب أن يتحرز العالم والمثق��ف من أن ي��دخل الحي��اة السياس��ية واالجتماعي��ة، إذ ي��راه منافي��ا لحريته ومعتقداته، وال يس��تطيع أن ينتمي إلى أي ح��زب أو جهة معينة؛ ألنه انتماءه هذا يساوي التعبد والتس��ليم،

وهو م11ا أفض11ى ب11ه إلىوهذا ما ال يتحمله المثقف والمفكر، أن يقف جانبا ويتخذ طابع المعارضة ويخنق نفسه فيه11ا، ح11تى ق11ال بعضهم: ليس المثقف إال معارضا للسلطة، وهذا غير ص11حيح، لم11اذا11دا لس11لطة من يجب أن يخ11رج من عن11وان المثق11ف إذا ك11ان مؤي

السلطات العادلة؟ فإن المثق11ف يبقى والع11الم ال11ديني يبقىمثقف11ا إذعالما دينيا حتى لو كان مؤيدا لسلطة ما، إذا ك11ان يراه11ا عادل11ة؛

عنوان المثقف يعني حرية التفكير، وحري��ة التفك��ير كم��ا يتح��رر فيه��ا من ال��دفاع، ك��ذلك يتح��رر فيه��ا من النق��د،

فيدافع حيث يتطلب الدفاع، وينتقد حيث يتطلب النقد. إذن، مشكلة ثقافتن11ا الش11رقية، هي الخل11ل في مفه11وم االنتم11اء، ومفهوم المواالة والمعارضة، حيث إن النقد يساوي عندنا معارض11ة، واالنتماء يساوي التقليد، والم11والة تس11اوي التس11ليم المطل11ق، ه11ذه مف11اهيم غ11ير ص11حيحة، ب11ل يمكن أن تنتمي لجه11ة معين11ة، ثم تنتق11د

بعض التفاصيل. ف11إذا أردن11ا أن نتخطى ه11ذه اإلش11كالية علين11ا أن نص11حح ال11وعي االجتماعي ونغير مفهوم االنتماء عندنا، فإن االنتم11اء ليس إال نتيج11ة

19

Page 20: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

التق11اء األط11راف في الخط11وط العريض11ة واالس11تراتيجيات العام11ة، فيمكن للع11الم أو المثق11ف أن يك11ون منتمي11ا إلى جه11ة معين11ة وفي الوقت نفسه يك11ون منتق11دا لبعض تفاص11يلها، ف11إذا فس11حنا في ه11ذا المجال، سنجد أن المثق11ف أو الع11الم ال11ديني س11يرحب بالمش11اركة11ة من دون أن يمس ذل11ك بحريت11ه في الحي11اة السياس11ية واالجتماعي11ه ص11ار ق11ادرا على أن يق11ول 11ه سيش11عر بأن في الفكر أو التعبير؛ ألن كلمته، حتى وإن لم تكن متطابقة مئة بالمئة مع الجه11ة ال11تي ينتمي

إليها، سواء كانت جهة دينية أم اجتماعية أم سياسية. وعلي��ه، فالح��ل ��� في تق��ديري ��� يكمن في تص��ويب

فإذا صوبنا هذا المفهوم وح11ددنا مع11اييره، ص11ارمفهوم االنتماء،11ةأنبإمكانن11ا نس11تقبل في أحض11ان التجرب11ة السياس11ية واالجتماعي

11ة أعدادا وافرة من العلماء والمثقفين، وسيس11تطيعون القي11ام بعملي التحلي111ل العلمي دون س111يطرة الس111لطة، وفي ال111وقت نفس111هسيتمكنون من التعبير عن انتمائهم السياسي واالجتماعي والديني.

لماذا أخسر هؤالء العلم��اء والمفك��رين، فال يش��تركون في أي عمل سياسي أو اجتماعي أو ديني، بحجة أننا ل��و شاركنا في عم��ل من األعم��ال فإنن��ا س��وف نخن��ق، ولن

إذا ص11رت في الم11ذهب الفالني، اليسمح لنا بذكر نقد واحد؟!11ة في11ه، أو إذا انتميت إلى أستطيع أن أنتقد ول11و التفاص11يل االعتقادي تيار مرجع معين صار ممنوعا علي أن أنتقده على تص11رف فعل11ه أو بيان أصدره؛ ألنه يفسر بمعنى الضدية والخ11روج عن االنتم11اء! لكن إذا صححنا هذا المفهوم، أس11تطيع أن أجم11ع بين انتم11ائي وم11واالتي11تي في ومحبتي لجهة معين11ة، وفي ال1وقت نفس1ه أحاف1ظ على حري التفكير والتعبير، وإحساسي بذاتي 1 بوصفي مفكرا وعالما ومثقفا 1 في أن أم11ارس دوري في التفك11ير، وال أعيش في ال11وقت نفس11ه عق11دة النق11د كم11ا يعيش11ها بعض المثقفين، ب11ل أمارس11ي دوري في النقد وأمارس دوري في الدفاع عن هذه السلطة، حينما تكون هذه السلطة على الحق، فلماذا أعيش هذه العق11دة أو الثنائي11ة: )إم11ا أن

أكون معارضا أو أن أكون مواليا(؟ نحن عندنا في أصولنا االجتهادية اإلسالمية ��� اإلمامي��ة في الحد األدنى � خلفيات تسمح لن��ا بمث��ل ه��ذه األم��ور، فعلى س��بيل المث��ال التمي��يز بين الموافق��ة االلتزامي��ة والموافقة العملية الذي درسناه في أصول الفقه، ي��وفر

فالأرض��ية مناس��بة للجم��ع بين النق��د واالل��تزام العملي،11ا يجب على اإلنسان أن يلتزم نفس11يا ب11الفتوى الش11رعية، لكن عملي يجب أن يلتزم به1ا، فال1ذي عن1ده م1ال تعلقت ب1ه فريض11ة الخمس، يجب عليه أن يدفعه، لكن بإمكانه أن يكون في نفس11ه رافض11ا كلي11ا11ا، إذا نس11تطيع أن نس11تعين لهذا الش11يء، وبإمكان11ه أن ينتق11ده علمي

20

Page 21: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

11ز بين مق11ام البحث العلمي بمث11ل ه11ذا األص11ل االجته11ادي لكي نمي

والنقد والتحليل وبين مقام العمل. تخشى األحزاب عادة من النقد؛ ألنه قد يجر إلى تراجع عن العمل، لكن إذا استطعنا أن نقدم هذه الفك��رة، ب��أن نجمع بين الطاعة وبين النقد، وأن الطاعة والنق��د ليس��ا

ف11إذا توفرن11امتناقضين، يمكن أن نتخطى ه��ذه اإلش��كالية،ة وف11ق ه11ذه األص11ول على وعي ب11الجمع بين الطاع11ة والنق11د خاص11 االجتهادية، بإمكاننا أن نغير من العقلية الحاكمة في أكثر من موق11ع

في بالدنا العربية.11ا في أن نحق11ق في ولو استطعنا أن نصوب فكرة االنتم11اء وتمكن المؤسسة الدينية والثقافية تنويعا لألدوار، للوصول إلى هدف واحد، س111نتجاوز اله111واجس ال111تي دفعت الفري111ق األول للتنحي جانب111ا، وسنس1تطيع أن نأخ1ذ بي1ده لينض11م إلى مي11دان التجرب1ة والمش1روع اإلسالمي الكبير الذي أطلقه كبار الرموز النهضويين في األمة مث11ل

اإلمام الخميني واإلمام محمد باقر الصدر واإلمام موسى الصدر.. وبن��اء على م��ا تق��دم، يمكن الجم��ع بين االتج��اه األول والثاني، ض��من ه��ذه الحل��ول التص��الحية، ولكنه��ا ليس��ت تصالحا للتص�الح وإنم�ا تص�الح واقعي، من خالل تص�ويب فكرة االنتماء، واالل��تزام بفك��رة تع��دد األدوار ومن خالل

رفع الهواجس التي عاشها الفريق اآلخر. تبدأ عملية التصالح هذه، من تطمين النفوس، أعتق11د أن الفري11ق األول الذي تحدثنا عنه قلق، وعن11دما يك11ون أمام11ك إنس11ان قل11ق، ال تستطيع أن تتعام11ل مع11ه كم11ا تتعام11ل م11ع إنس11ان غ11ير قل11ق، ف11إن اإلنس11ان القل11ق يق11رأ األش11ياء بطريق11ة مختلف11ة، علي11ك أن تعطي11ه الطمأنينة في البداية كي تدخل معه في حوار بناء، لكن بعض النقاد الذين اشتغلوا بعملية النقد الديني، لم يراعوا ه11ذا القل11ق الموج11ود11ة عند الفريق اآلخر، وكانت طريقة نقدهم أحيان11ا جارح11ة، هي عادي لكن بالنسبة إلى هؤالء جارحة، يجب علينا أن ن11راعي بعض األم11ور، ف111الخطوة األولى هي أن نطمئنهم، يجب أن يش111عروا بج111د بأن111ك متحرق للدين كما هم متحرقون، فإن المشكلة األساسية هي أزم11ة العالقة وأزمة الثقة قبل أن تكون أزمة المعرفة، هناك فريق يقول: أنتم ق11دمتم السياس11ة على ال11دين، أنتم سيس11تم ال11دين ولم ت11دينوا

السياسة، وفريق آخر يقول: أنتم انعزاليون رجعيون متخلفون. هناك أزمة ثقة بين الفريقين قد ترجع في بعض األحيان إلى عدم التواصل والمشاركة فيما بينهم11ا، فالتجرب11ة تق11ول: عن11دما يبتع11دون عنك فإنهم ينسجون لك ص11ورا مرعب11ة ومخيف11ة في مخيلتهم، ربم11ا إذا جلس11وا مع11ك خمس م11رات ذابت كث11ير من ه11ذه الص11ور، إذا التواصل االجتماعي بين الفريقين ضروري ج11دا، كم11ا أن الطمأنين11ة

21

Page 22: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

التي يمنحها اإلنسان من خالل أسلوبه، والخطة التي يضعها للعم11ل ضروريان كذلك، فنحن نعيش في فترة حساسة، وهؤالء األش11خاص نتيجة ما رأوه في اآلونة األخيرة ازداد قلقهم، وه11ذا مث11ل الش11خص الذي لديه حساسية في جلده، حيث يلتهب ب1أدنى احتك11اك بس1يط..

يجب أن نراعيهم ونتفهمهم. وليس المقصود من المراعاة تأجي11ل العم1ل أو الم1داراة الزائ1دة عن ح1دها الط1بيعي، كال، ب1ل المقص1ود من المراع1اة أن تق1ول م1ا تقتنع به، لكن الطريقة التي تس11تخدمها يجب أن يك11ون فيه11ا ش11يء

من طمأنة الطرف اآلخر وتفهم وضعه. إن اعتقادي الشخصي هو أن اإلشكالية تنب��ع من حال��ة نفسية، وترج��ع إلى أزم��ة ثق��ة كب��يرة حص��لت من جه��ة، وكذلك ترجع إلى إشكالية سلطوية كنت قد تحدثت عنه��ا

إذ يشعر ك11ل فري11ق ب11أن هن11اكفي مكان آخر من جهة أخرى، فريقا قد حذفه من الساحة، فلو تعاونا على المشاركة في السلطة 1 بالمعنى العام الذي شرحناه 1 ربما شعر كل واحد أنه يس11تطيع أن يلعب دوره في الحياة، وأن الطرف اآلخر ال يريد أن يفنيه عن بكرة

أبيه.

كلمة أخيرة حول واقعنا العام رغم هذا كله، يجب أن ال يغيب عنا أن الوضع في المنطق11ة كله11ا ه1و وض1ع متش1نج. ه1ذا التش1نج الط1ائفي ال1ذي ص1نعه الغ1رب في المنطقة، وأعانه بعضنا 1 ببساطته 1 عليه، يلقي بثقله على أوض11اعنا الداخلية، وهذا يعني أن لدينا مشكلة داخل 1 حوزوية، وأخرى خ11ارج11ني 11ة ه11ذه 111 ألن 1 حوزوية، فإذا ارتاحت األوضاع السياسية والمذهبي أعتقد أن األوضاع المذهبية سببها الرئيس سياسي 1 ربما ع11دنا إلى

حالة من الهدوء والطمأنينة. إننا نعيش اليوم في أزمة هوية، فكل واحد يخاف على

حيث يش111عروجوده وهويته، وهذا ما يولد بدوره أزمة ثقة، الشيعي بأن السني يريد أن يفنيه عن بكرة أبيه، ويشعر السني بأن الشيعي قادم إليه يريد أن يجتث التسنن من العالم. والعربي يشعر بأن الفرس يريدون أن يلغوه من الخارطة، والفرس يش11عرون ب11أنالعرب يعادونهم. هذا الشعور بأزمة الهوية هو الذي يعطل النهضة.

ثمة باحثون يرون أن مشكلة تراجع الحركة النهضوية الكبرى في1ة اإلس1المية المحدث1ة ال1تي العق1دين األخ1يرين 11 أي حرك1ة العقالني

م(1873م( ورفاع11ة الطهط11اوي )1897جاءت م11ع جم11ال ال11دين ) م( ومحس11ن1905م( ومحم11د عب11ده )1890وخير الدين التونسي )

م( والطباطبائي1973م(، وصوال إلى مالك بن نبي )1952األمين ) م( ومحمد باقر1973م( وابن عاشور )1989م( والخميني )1981)

22

Page 23: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

م(... 111 تكمن1928م( وموسى الصدر )مول11ود ع11ام 1980الصدر )

في أن الظروف السياسية واالجتماعية تحولت من مرحل11ة النهض11ة11ة. التي تتميز بنقد الذات واالنطالق، إلى مرحلة الخ11وف على الهوي11ه وعندما يعيش مجتمع هذا الخوف، فهو ال يسمح لك ب11أن تنتق11د. إن يقول ل11ك هن11ا وهن11اك: أج11ل النق11د، خوف11ا من أن يهاجمن11ا الط11رف اآلخر، ولذلك يمنعوك من النقد الداخلي، فتشعر أنت بالضيق، ويقع

التصادم. إذن، الشعور بأزمة الهوية وأزمة الخ��وف على الوج��ود كرسه الغ��رب في الف��ترة األخ��يرة، ع��بر العولم��ة، وبع��د

م(، وأحداث الحادي عشر2003سقوط النظام العراقي )م(،2001من أيل��ول/س��بتامبر ) ه11ذه األح11داث خلقت وض11عا

إذ ليسجديدا عند الشعوب، وتركت أثرها على الوض11ع الح11وزوي؛ الوض��ع الح��وزوي ب��دعا من األوض��اع ال��تي نحياه��ا، فال ينبغي أن نفصل وضعنا الداخلي عن المشهد العام ال��ذي

يحيط بالمنطقة والعالم اإلسالمي عموما.

23

Page 24: hobbollah.com › wordpress › wp-content › uploads › 2019 › 07 › ...  · Web viewبسم الله الرحمن الرحيم2019-07-19 · الإشكاليّة الأولى

لمحتوياتا1...........................................................المدخل

2....................................اتجاهان: االنتماء والتنزيه االتج���اه األول: التنزي���ه وع���دم االنتم���اء، اله���واجس

3.....................................................والمنطلقات4.....................................أوال: تراجع القوة العلمية والمعرفية

6..............ثانيا: معضلة االنحياز في العمل السياسي واالجتماعي7............ثالثا: الحكم على الفكر الكلي من خالل التجربة الجزئية

8...........رابعا: الدخول في التجربة والخضوع لسلطة األمر الواقع10......................خامسا: مخالفة السيرة التاريخية لعلماء الدين

12....االتجاه الثاني: الواقعية وااللتزام، دوافع ومبررات13.....................المبرر األول: المعرفة للتغيير والعمل، ال لذاتها

15...............المبرر الثاني: العالقة الجدلية بين النظرية والتجربة19............................المبرر الثالث: المنطلق األخالقي والديني

20..................................................موقف مختار25..............................كلمة أخيرة حول واقعنا العام

24


Recommended