امللخصــاب يف آثارهم مبا فيه من صفاء، ــن أهم املوضوعات اليت رددها الکت ــف م کان الريونقاء، وطبيعة مل تفسدها املدينة املصطنعة ومبا فيه من ظلم، وعسف، وحرمان، ومتييز يشوه وجوهه ويکدر صفائه. فقلما جند شاعرا أو کاتبا مل يکتب عن الريف وما يعانيه ــاحرة وطيور ــون من ظلم، وتعســف وحرمان أو ما يزين الريف من طبيعة س القرويــيني الذين قد تغنوا طويال بالريف ومباهجه، ــجار باسقة خاصة الرومانس مغردة وأشوالواقعيني الذين مشروا عن السواعد وقاموا بالعمل اجلاد والدؤوب من أجل التعبري عن مشاکل الريف والصعوبات اليت يواجهها الفالحون الذين يقضون معظم وقتهم يف ــد جوعهم وال ميأل بطنهم. فمن منطلق ذلک، تعرضنا املزارع مقابل أجر زهيد ال يسيف هذه املقالة ملدي أمهية أدب الريف وصداه يف األدبني اإليراين واملصري، کما قمنا ــنا أدب ــة الروايتني اللتني قد تعدان قمة هذا األدب يف کال البلدين. فقد درس مبقارنــرقاوي و"کليدر" ــر وإيران وأجرينا مقارنة بني رواييت "األرض" للش الريف يف مصــابه والتفاوت يف الروايتني. ويف ــت آبادي وحتدثنا عما مييزمها وعن أوجه التش لدولهذا املجال وعلی مستوي املغزي واملضمون تطرقنا إلی هذه احملاور: قداسة األرض، ــکل، تناولنا هذه ــتوي التقنية والش ــيطرة الواقع؛ وعلی مس والدعوة إلی الثورة وس
الکلمات الدليلية: أدب الريف، دولت آبادي، کليدر، الشرقاوي، األرض.
٭. أستاذ مشارک يف اللغة العربية وآدابها جبامعة العالمة الطباطبائي، طهران، إيران.٭٭. طالب مرحلة الدکتوراه يف اللغة العربية وآدابها جبامعة العالمة الطباطبائي، طهران، إيران.
السنة اخلامسة - العدد التاسع عشر - خريف ١٣٩٤ش / أيلول ٢٠١٥م
صص ١٠٩ ـ ٨٥
٨٦ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٥، العدد ١٩، خريف ١٣٩٤ش
املقدمةــن ظروف املجتمع أو ــدي األجناس األدبية اليت تکون صدي ع ــرب الرواية إح تعتــتخدم األفکار واملالحظات اليت تکمن يف ذهن املولف. فبعبارة أخري، هي فن أديب تســاکل اإلنسان وأزماته وکل ــيلة للتعبري عن واقع احلياة وقضايا املجتمع وعن مش کوســخصية، والزمان، ــا أنها ذات عناصر خمتلفة مثل الش ــريته يف احلياة وکم ما يعرقل مســدف، وحتتوي علی ــلوب واهل ــرد، واحلوار، واحلدث، واحلبکة، واألس ــکان، والس واملــة کما يقول طه وادي: ــکل منها بواعثها وانفعاالتها اخلاص ــخصيات، ل العديد من الشــان وقضايا الواقع «الرواية من أکثر الفنون األدبية قدرة علی التعبري عن أزمات اإلنســئلة وإثارة االنتباه.» (وادي، ١٩٩٦م: ٣) ــية خاصة جتيد طرح األس من خالل حساســی اختالف مواقعها ــات اهلامة يف آداب مجيع األمم عل ــف من املوضوع إن أدب الريــرة «ألن الريف هو األقرب إلی الطبيعة ــور ألنه حيکي لغة الطبيعة والفط ويف کل العصوالفطرة ومن مث تکون الطبائع اإلنسانية فيه بعيدة عن زيف املدينة.» (عبداهللا، ١٩٨٩م: ١١٧) من جانب آخر، إن الرابطة بني الفن القصصي والواقعية قوية جدا، وأکثر النتاج الروايي والقصصي بشکل عام ورمبا أعمقه تأثريا يف وجدان القارئ (العريب والفارسي) تشکل يف ضوء الوعي بالواقعية. وبشکل آخر ميکن القول «أن الفن الروائي قد اکتسب ــه: ٥٣) إن الروايات الواقعية عن ــر الواقعية.» (املصدر نفس ــه الناضجة يف عص صورتــال األکثر نضجا من الناحية الفنية وهي األکثر عددا ــف، ودون املبالغة، هي األعم الريــريب اليت تدخل ــة يف األدبني اإليراين والع ــة. من األعمال الروائي ــن الناحية الکمي مــرقاوي و"کليدر" ــور األدب الواقعي هي "األرض" للکاتب املصري عبدالرمحن الش طــاس للکاتب اإليراين حممود دولت آبادي. وهنا قد قمنا باملقارنة بني الروايتني علی أســام العمل علی األرض واألواصر الوثيقة بني أبناء القرية مبدأ العدالة االجتماعية ونظ
الواحدة، کما أشرنا إلی اجلوانب الفنية هلاتني الروايتني.
أسئلة البحث١- يف العصر الذي نري ونسمع مالمح احلداثة وصخب وضوضاء احلياة املکانيکية
املجال؟٢- ما هي الرسالة اليت يريد أن يعلنها الکاتب الذي يتحدث عن الريف ومظاهره؟ ــبب الوحيد يف کتابة رواية الريف أم هناک أسباب ــرتاکية، الس هل تعد الواقعية االش
أخري؟ــرقاوي يف "األرض" باملوضوع من ــي دولت آبادي يف "کليدر" والش ٣- هل يضحــويا؟ بعبارة ــا ويقرانها أم جندمها ملتزمني بالذات واملوضوع س ــل فکرة يؤمنان به أج
أخري هل تعد کلتا الروايتني وسيلة للتعبري عن مقاصد أيدولوجية ونوايا حزبية؟٤- فما هي طبيعة املوضوعات اليت يرصدها الروائي املصري واإليراين يف الريف؟ ــغل ــية للکاتبني أم هناک مواضيع أخري تش هل تعد "األرض" وملکيتها الفکرة الرئيس
باهلما؟
فرضيات البحث١- بادئ ذي بدء يبدو أن کلتا الروايتني تعدان وسيلة للتعبري عن مقاصد أيدولوجية ــر فيهما جند وندرک أن ــراءة عميقة وإمعان النظ ــا حزبية للکاتبني؛ ولکن بعد ق ونوايــو إلی ما هو أفضل ــدود األيدولوجية ودعايات حزبية وتدع ــة "کليدر" جتتاز ح روايوأعلی من کل شيء وهو احلب، غري أن رواية "کليدر" األرض"کليدر" تدخل يف إطار
األيدولوجية وتدعو إلی االشرتاکية.ــرتاکية بل هناک بعض األعمال واآلثار ــص رواية الريف بالواقعية االش ٢- الختتــاکل ــة وتقوم بالبحث واحلديث عن مش ــذه الروية األيدولوجية البحت ــاوز عن ه تتجــبة ومالئمة وهذا ما ــة يعاين منها املجتمع الريفي وتقدم حلوال مناس ــة وثقافي اجتماعيــاهد أن الکاتب ــطر نش ــاهده عمليا يف "کليدر" حيث إننا يف بعض الفقرات واألس نش
يتخلي عن سرد الرواية مقدما آرائه الفلسفية، والسايکولوجية واالجتماعية.
٨٨ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٥، العدد ١٩، خريف ١٣٩٤ش
٣- إن معظم کتاب أدب الريف خاصة الشرقاوي ودولت آبادي عاشوا جتربة كفاح ــطاء ىف قريتهم بإحساس متزايد بكراهية الظلم، وحب العدل وضرورة الكفاح ىف البســائدة علی البيئة کانت باعثة سامهت يف ــبيل احلرية، وبعبارة أخري إن الظروف الس س
خلق هذه اآلثار وأن الکتاب ذاقوا وأحسوا ما کتبوه.٤- إن األرض تلعب دورا أساسيا يف کلتا الروايتني وأن دولت آبادي، والشرقاوي وسائر الکتاب يف أدب الريف ينظرون إلی األرض نظرة قداسة وإجالل، ألن احلياة يف
الريف تقوم علی أساس األرض والعمل فيها والصراع من أجلها.
سوابق الدراسةــف يف الرواية العربية" للدکتور ــة األدب الريفي هو "الري ــم کتاب قام بدراس إن أه"حممد حسن عبداهللا"، أستاذ النقد األديب جبامعة کويت؛ أما بالنسبة إلی رواية "األرض" ــتهر منها يف ــذه الرواية حمدودة، وما اش ــات املوجودة عن ه ــا القول إن الدراس ميکننــة املضامني، أو املقارنة الكتب واملجالت املختصة مل يتجاوز يف كثري من األحيان دراســاب "األرض والصدي" حملمد البدوي، دار املعارف ــهرها کت مع أعمال أخری. ومن أشتونس ١٩٩٧م؛ أما هذا اليصدق علی "کليدر" لدولت آبادي ألن هناک دراسات عميقة وحمورية تلقي الضوء علی بعض جوانب هذه الرواية الشهرية ومن مجلتها: ١- الوصف ــي جبامعة ــال دولت آبادي خاصة "کليدر"، لزهراء زارع يف فرع األدب الفارس يف أعمــال الکاتب حممود دولت ــة أعم ــجرة ذات ألف جذر، دراس أصفهان ١٣٨٦ش. ٢- شآبادي من البداية وحيت "کليدر"، لکتايون شهربراد، طهران ١٣٨٢ش. ٣- دراسة بناء ألفاظ اللهجة السبزوارية يف رواية "کليدر"، لربوين صدايي، جامعة طهران ١٣٦٥ش.
لقد مشلت هذه األحباث والدراسات، العديد من املالحظات واالستنتاجات النقدية ــبوقة ـ حســب معرفتنا ـ عن املقارنة ــة غري املس الصحيحة ولکن ما مييز هذه الدراســرتاکية ــني هاتني الرائعتني يف األدب اإليراين والعريب، هو الرتکيز علی الواقعية االش بــرح للروايتني وأيضا النوايا احلزبية احملتملة عند الکاتبني. واملنهج الذي واألرض کمس
أدب الريف يف مصرنالحــظ بواکري األدب الريفي يف مصر عند رائد هذا االجتاه الدکتور "حممد حســني ــمي "زينب". هيکل" الذي کتب أول رواية ريفية عربية (وادي، ١٩٩٦م: ٩١) واليت تســي للرواية العربية عامة ــيا يف االجتاه الريف ــين عن البيان أن هيکل، لعب دورا أساس غــم الرواية الريفية يف مصر إلی قبل حممد حســني ــة املصرية خاصة حيث تنقس وللرواي
هيکل وبعده وهذا يبني مکانة ومقدرة هذا الکاتب املصري.ــاک کثري من الکتاب املصريني حتدثوا عن الريف ومظاهره، فنظرا لکثرة عددهم هنــث عنها. فمن الکتاب ــم دون الدخول يف صلب آثارهم واحلدي نشــري فقط إلی أمسائهــارة إلی حممد حســني هيکل يف ــن أولوا الريف واحلياة فيه اهتمامهم، ميکننا اإلش الذيــم عبداهللا يف "لقيطة"، و"بعد "زينب"، وطه حســني يف "دعاء الکروان"، وحممد عبداحلليالغروب" و"شجرة اللبالب"، وثروت دسوقي أباظه يف" هارب من األيام" و"قصر علی ــاف"، وجنيب حمفوظ يف "مريامار"، ــل"، وتوفيق احلکيم يف "يوميات نائب يف األري الني
وعبدالرمحن الشرقاوي يف رواياته الثالث "األرض"، و"قلوب خالية" و"الفالح".ــأ يف مصر ــأ يف حضن املدينة واملطبعة األوروبية فإنه نش رغم أن فن الرواية قد نشيف حضــن الريف أو القرية مث خرج إلی املدينة «فالفن الروائي ابتدع ليعرب عن املدينة ــار التعليم ألن ــأة املدن الکبرية وانتش ــس الريف أو القرية وارتباط ازدهاره بنش وليالرواية فن يقرأ کما ارتبط حبصول املرأة علی قدر من احلرية االجتماعية وخباصة حق
العمل وحق احلب.» (عبداهللا، ١٩٨٩م: ٧)وتصور الرواية الريفية املصرية الفالح بريئا فقريا مستغال، واإلقطاعي ظاملا مستغال ولعل تصوير جرائم اإلقطاع ومعرکة الفالحني لنيل حقوقهم من اإلقطاعيني هو املوضوع األول يف الرواية املصرية ونظريتها اإليرانية. إن الفالح يف الريف يقضي معظم أوقاته يف ــأکل من مثرة جهده وکد جبينه ولکن هيهات أن يتحقق هدفه ويري مثرة األرض لکي يــهي مثرات ولکن هذه الثمرات ال تدخل يف بيوت الفالحني عمله. لقد تثمر األرض أشــتفيد من بيعها املالک ويتلذذ من تذوقها أبناء املدينة، ــل إلی األسواق لکي يس بل ترسأما الفالحون وبنوهم تکون مثرة جهدهم يف األرض حسرة أليمة تذيب قلوبهم وهذا ما
٩٠ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٥، العدد ١٩، خريف ١٣٩٤ش
ــتنقع يفوح منه رائحة قذرة کريهة تؤذي کل ما مير ــوه صورة الريف وحيوهلا إلی مس يشــالم الفالح ــتغلها هوالء الظاملون اليوجب استس بها. هذا ولکن کل هذه املظامل اليت يســراه يف رواية "األرض" ــة والعدالة وهذا ما ن ــبيل احلري ــعيه يف س وال ختمد إرادته وس
للشرقاوي واليت سنتحدث عنه فيما بعد.إن کل هذه املظاهر السلبية هي اليت تسوق الکتاب وتدفع الشعراء إلی الکتابة عن الريف وعما يعانيه الريفيون وهذا ال ينحصر علی مصر بل يشمل کل بلدان العامل الثالث ــعراء علی الرغم من الذي يکون نظام الزراعة فيها إقطاعيا ولذلک نري الکتاب والشــقاء، وبؤس وعداء يعاين منها إعجابهم جبمال الريف وخالبة الطبيعة فيه يتأملون من ش
أدب الريف يف إيرانــود ظهور الروايات اليت تتحدث عن الريف وعامله يف الرواية املعاصرة اإليرانية يعــي، أما هذا النوع من الرواية ــر اهلجري الشمس إلی العقد الثالث من القرن الثالث عشــن الروائيني باحلديث عن ــس حيث اهتم الکثري م ــه يف العقد الرابع واخلام ــغ ذروت بلــف وخلقوا أعماال رائعة وتعترب رواية "دخرت رعيت" (١٣٢٧ش) لـ"حممود اعتماد الريــه آذين) واليت تتحدث عن قري منطقة جيالن أهم رواية کتبت يف العقد الثالث زاده" (بــار فيها إلی ــنة ١٣٢٦ش القصة القصرية "گيله مرد" وأش ــا کتب "بزرک علوي" س کمــة الفالحني يف "جيالن" ببيان قوي وأوصــاف ناطقة من الطبيعة اخلالبة ــال ومقاوم نضــد" ــمية القصة القصرية "چرا دريا طوفاين ش ــمال إيران کما ميکننا تس ــراء لش واخلض(١٣٢٨ش) للکاتب الشهري اإليراين "صادق چوبک" قصة ريفية ألن الکاتب يشري فيها إلی أحداث تقع يف البحر وبهذا يصل إلی جتاوب وانسجام بني البيئة احمللية وما جيول يف داخل الشخصيات مقدما ديناميکية وحيوية الطبيعة الريفية يف جنوب إيران. (انظر:
بشريي، ١٣٩٠ ش: ١٦٥-١٧٨)ــي ــن أهم األعمال الروائية اليت تتحدث عن الريف وعامله يف األدب الفارس أما مــريف جان" ملؤلفه تقي مدرسي، و"نفرين زمني" ــريف جان ش ــارة إلی "ش فيمکننا اإلش
کليدر واألرضــي ألنه مل نتخذ ــا رواية "کليدر" منوذجا من صدي الريف يف األدب الفارس واخرتنــال روائية ال يف إيران ــذه الرواية من أکرب وأفضل أعم ــب التطرف إذا قلنا إن ه جانفحســب بل يف العامل إذ إن کاتبها ال يطرح رؤية واحدة بل يعرب فيها عن وجهات نظر ــاين الکبري فردريک ــة کأن الکاتب قرأ وأدرک هذه اجلملة من الفيلســوف األمل خمتلفــتفيد ونتمتع من کتاب ال يرشدنا إلی کتب أخري» (يالوم، ١٣٩١ش: ــه: «کيف نس نيتشــبب ــدر" حينما يقرأ هذه الرواية فکأنه قرأ عدة روايات وذلک بس ــارئ "کلي ١٣٤) فق
توسع األفکار فيها. يعترب حممود دولت آبادي أهم کاتب إيراين حتدث عن الريف وعامله وأکثرهم تأثريا ــاحر يدل علی ــل الريف ببيان قوي وس ــاکل أه ــو يصور يف أعماله هواجس ومش فهــخ األدب اإليراين برائعته ــهري اإليراين خلد امسه يف تاري ــه، فهذا الکاتب الش عبقريت
األدبية "کليدر" واليت يعتربها البعض أفضل رواية کتبت يف إيران. وأما عن سبب اختيار رواية "األرض" نستطيع القول بأن لألرض أصداء واسعة ترن يف أرجاء الوجود فإنها دعوة لإلنسان الفعال إلی أن حيبها فيعشقها فيلتصق بها ويذوب ــقا وفعال، فإن لألرض منطقها حيث لن ختضــع إال ملن افتداها بعرقه، وجهده، فيها عشــه، وقلبه وهذا ما ينطبق علی "کليدر" متام االنطباق ويصدق کل الصدق. نعم إن وحياتــمعهما اإلنسان ولکنه رمبا ال يدرک ماوراءمها لـ"کليدر" و"األرض" صوتا وصدي يسبسبب رموز تکمن فيهما. فنأمل عرب دراستنا هذه أن نعطي رواييت "األرض" و"کليدر"،
حقهما حيث نرسم مالمح هاتني الروايتني عرب اخلوض يف غورمها. ــالد والوفاة، نبدأ ــرقاوي، يتقدم علی دولت آبادي يف املي ــا أن عبدالرمحان الش ومبحديثنا معه مث نواصل کالمنا بالغور يف عامل دولت آبادي خاصة رائعته األدبية الشهرية
٩٢ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٥، العدد ١٩، خريف ١٣٩٤ش
"کليدر".
عبدالرمحن الشرقاوي صاحب رواية "األرض"ــة الدالتون مبحافظة املنوفية وتويف ــرقاوي يف ١٠ نوفمرب عام ١٩٢٠م بقري ولد الشــه عام ١٩٨٧م. بدأ تعليمه ىف كتاب القرية مث انتقل إلی املدارس ــهر نفس ىف اليوم والشاحلكومية حتی خترج ىف كلية احلقوق جبامعة فؤاد األول عام ١٩٤٣م. بدأ حياته العملية ــة ىف جملة الطليعة ىف ــه أراد أن يصبح كاتبا فعمل بالصحاف ــه هجرها ألن ــاة لكن باحملامالبداية مث جملة الفجر وعمل بعد ثورة ٢٣ يوليو ىف صحيفة الشعب مث صحيفة اجلمهورية ــغل منصب رئيس حترير صحيفة "روز اليوسف" وعمل بعدها ىف جريدة "األهرام" مث شكما تولی عددا من املناصب األخری منها سكرتري منظمة التضامن اآلسيوي األفريقي
وأمانة املجلس األعلی للفنون واآلداب. (خفاجي، ١٩٨٩م: ١٢٩)تلعب البيئة دورا أساسيا يف تکوين شخصية األديب وهذا ما نراه عمليا يف عبدالرمحان الشرقاوي. عاش الشرقاوي يف بيئة مضطربة تعاين من الفقر، واالستعمار والظلم حيث ذاق الثالثي املرعب املتمثل يف الفقر، واجلهل واملرض کما واجه االستعمار اإلجنليزي ــر يف الطفل الصغري کل ــون يف املظاهرات وکل هذا أث ــات اليت يرددها الفالح واهلتافــري وجتلي يف آثاره الکثرية فيما بعد خاصة يف رواية "األرض" واليت هي موضوع التأث
هذه الدراسة.مل يکن الشرقاوي مبعزل عن جمريات الواقع بل علی العکس نراه أول کاتب يف مصر ختلص نفسه من الفضاء الرومانسي ومال إلی الروايات الواقعية کاتبا رواية "األرض" ــعراء جيله ــة واقعية مکتوبة عن الريف. إن هذا الکاتب املصري «کش ــي أول رواي وهتأثر بالشيوعية وانتمائه إلی اليسار حيث کان عضوا يف مجاعة أنصار اإلسالم اليسارية
آنذاک.» (کمال،١٩٩٠م: ٤٠)کان عبد الرمحن الشرقاوي واحدا من الکتاب العرب املسلمني الذين فهموا اإلسالم علی حقيقته. فقد أدرك أن جوهر اإلسالم هو مساندة الفقراء واملستضعفني يف األرض ــنة احملمدية ملا احتاج أن يؤلف کما يقول: «لوکان کارل مارکس قرأ القرآن ودرس الس
رأس املال.» (املصدر نفسه: ١١٦)ــالمية ولکن ــتنارته اإلس ــرتاكي النزعة رغم اس ــرقاوي حتی النهاية اش ظل الشاالشرتاکية اليت تؤمن باإلسالم وتقيم فرائض الدين من الصالة، والصوم والزکاة. يقول ــام األخرية دائم ــول أيامه األخرية: «کان يف األي ــرقاوي ح ــريف الش ابنه الدکتور ش
الصالة والبکاء عند مساعه للقرآن.» (املصدر نفسه: ١٤٠)كان عبد الرمحن الشرقاوي أديبا، وشاعرا، وصحفيا، ومسرحيا وسينمائيا فهو طرق لضالته املنشودة أبوابا کثرية من الشعر، واملسرح، والرواية، والقصة القصرية واملجاالت ــات خمتلفة وفيما يلي بعض آثار هذا املفکر ــة وترک آثارا خالدة ترمجت إلی لغ الدينيــوارع ــب املصري: أما الرواية فله أربع روايات وهي: "األرض" ١٩٥٤م، و"ش والکات
و"النسر األمحر "١٩٧٦م، و"أمحد عرايب زعيم الفالحني" ١٩٨٥م.وأما يف جمال الشعر فكان للشرقاوي ديوانان يف الشعر، األول حيمل عنوان قصيدته ــهرية "من أب مصري إلی الرئيس ترومان" والثاين يضم مسرحيته من فصل واحد، الش
وجمموعة قصائد "متثال احلرية" و"قصائد منسية".
ملخص رواية األرضــمي "وصيفة" مع بنات وأوالد ــة لعبة الفرح واليت دبرتها فتاة تس ــدأ الرواية بقص تبــة يف هذه اللعبة مث اختارت فتاة ــة واقرتحت فيها "وصيفة" أن تکون هي العروس القريلدور الداية أما العريس فاختارت الراوي، غري أن هذه اللعبة مل تتم ألن الشيخ الشناوي وهو الرجل الديين يف القرية دخل فجاة وشتم العروس والعريس وطردمها من املصلي مث تدخل الرواية يف مسار آخر وتعرض قصة الفالحني يناضلون اإلقطاع واحلکومة من أجل األرض واملاء. اشتعل فتيل األزمة بني الفالحني واحلکومة بسبب تقصري عدد أيام ــة حذروا الريفيني بأن عدد أيام الري أصبحت مخسة أيام بدال الري. إن رجال اهلندس
٩٤ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٥، العدد ١٩، خريف ١٣٩٤ش
ــبب ذلک يف اشتباکات عنيفة ــرة أيام وهذا ما ال يقبله الريفيون ويتورطون بس من عشمع رجال احلکومة وعبداهلادي بطل القرية أول من اشتهر لسانه متحديا ومعارضا هذه
املبادرة من احلکومة.ــذي أصدرته احلکومة وتضاربت اآلراء ــت القرية يف األزمة بعد هذا القرار ال دخلــو املدرس اإللزامي أن يکتب عريضة ــول إجياد حل مالئم، واقرتح حممد أفندي وه حــتطيع أن حيملها ــک باعتباره نائب احلکومة يس ــغال وقال إن حممود ب ــی وزير األش إلــويلم باعتباره اليه فهو من معارفه وکتب حممد أفندي عريضة وإن اعرتض حممد أبو سرئيس اخلفراء السابق، مث ذهب به إلی العمدة وهو أستاذ اخلداع لکي يقدمه حملمود بک ــتم العمدة وأهل القرية، وقال إن ولکن حينما رأي حممود بک العريضة، جن جنونه وشالعريضة شديدة اللهجة وهو يکتب بنفسه عريضة أخري. کتب حممود بک عريضة أخري بنفسه ولکن مل يشر فيها إلی تعديل نظام الري الزراعي بل جاء فيها موافقة أهل القرية علی الطريق الزراعي ألن الباشا بدأ يتمم بناء قصره الکبري وحيتاج إلی دعم احلکومة،
فإنه يريد أن يشق الطريق الزراعي من أراضي الفالحني الذين يرفضون هذه الفکرة.ــاد بها من عند حممود بک إلی أهل ــر العمدة اخلفراء أن يذهبوا بالورقة اليت ع وأمــل القرية أختامهم علی ــم وأختامهم عليها ووضع مجيع أه ــة لکي جيمعوا أصابعه القريالعريضة اجلديدة إال "حممد أبوسويلم" و"حممد أفندي" و"دياب"، وبهذا دخلت القرية يف ــيطرت حالة من احلزن واألسي علی القرية بعد أزمة أخري وهي الطريق الزراعي وســذاجتهم وخدعهم مرة أخري فهم أمجعوا علی املقاومة ــتغل س أن عرفوا أن العمدة اسوالنضال حيت الرمق األخري. ورغم إنذار احلکومة وتهديد حممود بک فقد کان الفالحون قطعوا اجلسر ورووا أرضهم ومل تقف احلکومة مکتوفة األيدي أمامهم بل اعتقلت کثريا ــر ــبب قطع اجلس ــويلم، وعبداهلادي ودياب بس من رجال القرية من بينهم حممد أبو س
فسيطرت مسحة من احلزن واألمل والکآبة علی القرية.ــلموا ولکن مت اإلفراج عن املعتقلني وعادوا إلی القرية إال أن رجال القرية مل يستسوقرروا علی مواصلة النضال فهم تسللوا إلی الرتعة وقذفوا احلديد يف املاء، وبعد هذا ــم هبطوا بالکرابيج وانهالوا ضربا علی ــلت احلکومة رجال اهلجانة إلی القرية وه أرس
ــة يقومون حبفر احلقل يف ــم بالرجوع إلی الدور وأخذ رجال الزراع الفالحــني وأمروهــويلم، هوي ــويلم، وحينما اعرتض حممد أبو س أراضي القرية خاصة أرض حممد أبو ســن معه من الرجال ــوه هو وم ــاکر أن حيبس رئيس اهلجانة علی وجهه بکف وأمر العســواين يف غرفة التليفون بدوار العمدة وتنتهي الرواية بعودة من عبداهلادي، ودياب وعلالراوي إلی مصر لتکميل دراساته الثانوية وحنن ال ندري هل مت اإلفراج عن املعتقلني ــروع الطريق الزراعي واستسلم أهل القرية أمام قوات احلکومة أم ال؟ وهل انتهي مش
أم مل ينته ومل يستسلم الناس؟ ــون اإلقطاع ــري املصرية يناضل ــة فالحي إحدي الق ــرض رواية "األرض" قص تعــد صدقي يف مصر وما يعانيه ــل األرض واملاء وحتکي لنا الرواية عه ــة من أج واحلکومالناس من القتل، والفقر والنفي بسبب إلغاء الدستور علی يد إمساعيل صدقي «ويف تلک ــدا وکنت أعرف من أحاديث إخويت الکبار ومن اجلرائد ــام کانت القاهرة ال تهدأ أب األيــتور ــم مصر باحلديد والنار بعد أن ألغي الدس ــا أن رجال امسه صدقي حيک ــيت حيملونه الحلساب اإلجنليز وکنت أراه يطلق يف القاهرة جنود اإلجنليز محر الوجوه ليحملوا له سلطانه ــرقاوي، ١٩٧٠م: ١٤) کما نري عبداهلادي بطل القرية يصب ــی رقاب الناس.» (الش علــا وأعوانه يف القرية «يا جدع دي ــعب الذي يدافع عنه الباش جام غضبه علی حزب الشاحلکومة حکومتهم والکلمة کلمتهم دا الباشا يف حزب الشعب اللي ماسک الرب وحارقة
بولعة. اهللا!! خرب إيه يا علواين مش تأخذ بالک". (املصدر نفسه: ٥٢)تتحدث رواية "األرض" عن التمييز الطبقي الذي تعاين منه القري املصرية مثل بقية ــرق األوسط وهذا ما تصوره "وصيفة" يف الرواية قائلة: «فعلواين وشيخ البلد قري الشــغله وحيت العمدة نفسه ال يساوون يف البندر شيئا وقد حدثها زوج أختها أنه الذي يشرأي املأمور الذي يهز الدنيا يرجتف أمام احلکمدار ورأي احلکمدار يرجتف أمام املدير ــة بعاصمة اإلقليم.» (املصدر ــة الزراع ورأي املدير يقبل يد وزير کان يف زيارة مدرس
٩٦ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٥، العدد ١٩، خريف ١٣٩٤ش
تيار جديد يف فن الرواية العربية هو الواقعي االشرتاکي.» (عبداهللا، ١٩٨٩م: ٩٥)ــاهده من قسوة احلياة يف ــرقاوي يف "األرض" يعيش صراعا مؤملا بني ما يش إن الشالريف وما يري أن يبشر به من ثقة يف املستقبل" لکن مع هذا اجلو املفجع واملؤسف، نري ــارب حيدث بني تلميذ "طلعت" وهو من الغرابوة وصيب راغب يف ــوارق األمل، ألن التق بتعلم القراءة من أهل القرية وهذا ما نراه يف "شجرة البؤس" لطه حسني و"مريامار" لنجيب
حممود دولت آباديولد حممود دولت آبادي سنة ١٩٤٠م يف مدينة سبزوار حملافظة خراسان حيث أنهي ــته اإلعدادية فيها. (أمري حسني چهلنت، فريدون فرياد، ١٣٦٨ش: ١٨٠) مث ترک دراسقريته متجها إلی مشهد وبعدها إلی طهران حيث قضي معظم عمره يف العاصمة اإليرانية با فيها مهنا خمتلفة. مث تعرف علی شخصيات أدبية شهرية وشارک يف حلقاتهم وذلک جمربسبب شغفه الکثري بالعلم والتعليم وقد ال نتخذ جانب التطرف إذا قلنا «إن مکانة دولت ــاعر الکبري ــبه کثريا باملکانة اليت حظي بها الش آبادي يف األدب املعاصر اإليراين تشاإليراين أبوالقاسم فردوسي يف األدب القدمي مکانة متميزة بالمنازع ال يشق غبارها.»
(بشريي، ١٣٨٦ش: ٢٣٥)إن الراوي اإليراين الکبري، دولت آبادي قد رکز حياته علی تأليف القصة والرواية، ــی جائزة نوبل لألدب ــدة يف هذا املجال تکون حرية بأن حتصل عل ــف آثارا خال وخلــة "کليدر" واليت بلغت ذروة ــيحها هلذه اجلائزة العاملية خاصة رواي أو علی األقل ترشــره أن أغلب آثاره مرتجم إلی لغات خمتلفة نشــري ــداع. ومن اجلدير ذک ــال واإلب اجلمــفل منارة ــا يلي إلی بعض منها: القصة القصرية: "انتهاء الليل"، و"أدبار"، و"عند أس فيمالويل شعيب"، و"تقيد"، و"هجرة سليمان"، و"الظالل التعيب"، و"الصحرواي"، و"الرجل". والقصص الطويلة تقريبا: "السفر"، و"دعوي بابا سبحان"، وراعي البقر"، و"مع شبريو"، و"من األزقة امللتفة"، و"عقيل عقيل". والروايات مثل: "مکان سلوج اخلايل"، و"کليدر"،
ملخص عن الروايةــة اليت أبعدها ــائر الکردي ــم "گل حممد" وهو من العش ــدر" هو قصة رجل باس "کليــاه" من غرب إيران إلی مشال شرقي خراسان بسبب متردها، وضغطت علی هذا "نادرشــري مؤاتية مثل القحط، وتلف احليوانات واإلعدام حيث ال ميکنه دفع الرجل ظروف غــر املاموران علی دفع "گل ــة إلی مأموري جايب الضرائب يف الوقت الذي يص الضريبــع الضرائب، ولکن ــی املدينة لتوضيح عدم متکنه من دف ــد" الضريبة أو يرافقهم إل حممــارک من قبل يف دعوي ــرطة إذ کان قد ش رفض "گل حممد" أن يرافقهما إلی مقر الش"جارگوشلي" واليت أسفر عن قتل رجلني ولذلک مل يکن له بد إال قتل املامورين وفعل هذا مبساعدة عمه "خان عمو" حيث يفاجئان املامورين باهلجوم ويقتلونهما فصار "گل حممد" بطل "کليدر" متمردا وطاغيا علی احلکومة. إن رجال األمن يعتقلون "گل حممد" أخريا ويلقون به يف سجن "سبزوار" ولکنه ينجح أن يهرب من السجن مبساعدة "ستار" ــجن وقتله املامورين وابن وهو من أعضاء حزب"توده". إن "گل حممد" بفراره من السخالته "علی أکرب حاج بسند" الذي باح بسر قتل املأمورين يف مقر الشرطة، أعلن مترده ــه وأقاربه فلذلک قام بتجنيد ــی الدولة علنيا وهذا ما يعرفه "گل حممد" وکل أعوان علــه يعرف جيدا أنه ال ميکنه الصمود واملقاومة أمام احلکومة. کانت ردود فعل الناس ألنــذه بني الناس والذي کان ــبب القانون اخلاص الذي ينف ــاس إجيابية معه وذلک بس النــن الناس من املنطقة حيت ــاس العدل واإلنصاف حيث يتجه إليه کثري م ــوم علی أس يقــو أصبح عيارا حقيقيا يذکره ــکلتهم وخيلصهم مما يعانون منه، فه حيل بطل "کليدر" مشالناس يف جمالسهم وحمافلهم باالحرتام والفخر کأنه نيب بعث لکي ينقذ الناس من الظلم واإلخفاق. فحدثت معارک کثرية بينه وبني قوات احلکومة وکانت نسبة االنتصار لـ"گل حممد" أکثر بکثري من احلکومة وهذا أدي إلی انتشار شهرته وتناوله الناس باإلشاعات مدحا وقدحا فأصبح "گل حممد" متمردا وقامت احلکومة بتعيني جائزة ملن يقتله ويقطع
رأسه.ــه يوما بعد يوم وهذا ما مل ــد" مبکانة رفيعة بني الناس وضاع صيت ــت "گل حمم حظيتقبله احلکومة حيث أرسلت جيشا حاشدا بقيادة "سيد شرضا" و"جهن خان" لإلطاحة
٩٨ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٥، العدد ١٩، خريف ١٣٩٤ش
ــد الناس وتسليحهم إال أن "گل حممد" رفض به ورهطه فاقرتح أقارب "گل حممد" حشــع اهلزمية وهو يعرف جيدا أن ــليحهم ملن ــا وقال إنه ال يريد تهييج الفالحني وتس طلبهمــتار" و"خان عمو" ــه قريب وبعد أيام يقتل ولذلک يصرف أفراده املقاتلني مثل"س نهايتــة ومل ينصرف إال أخوه األکرب ــد" و"خان حممد" عن املعرکة النهائي ــه "بيگ حمم وأخويــديد وميکنه الثأر من األعداء، ــان حممد" وذلک ألن "گل حممد" قال له إن حقده ش "خــعل کالمها النريان فلم يلبث حــيت قتل "بيگ حممد" ــبت احلرب بني الطرفني وأش فنشــد"، إال أن "گل حممد" جرح وأغمي ــتار" و"زيور"، زوجة "گل حمم مث"خان عمو"، و"س
عليه وقطع رأسه وهکذا تنتهي رواية "کليدر" بنهاية مأساوية.ــة "کليدر" تعد واحدة من أفضــل الروايات الثالث ــتلزم علينا القول بأن رواي يســهري والعبقري ــا واليت کتبها الروائي الش ــراين إن مل نقل أفضله ــخ األدب اإلي يف تارياإليراين حممود دولت آبادي «فيصور فيها أحداث بعض قري خراسان يف فرتة ١٩٤٥-
١٩٤٧ش.» (امري حسني چهلنت- فريدون فرياد، ١٣٦٨ش: ١٤٧)ــا يعترب صاحب الکتاب ــدر" أطول رواية يف تاريخ األدب اإليراين، کم ويعد "کليــة، وبنية الرواية، ــة "کليدر" من حيث الکمية، والکيفي ــه أکمل کتاب ألفه: «رواي رائعتــخصيات، واحلبکة، واللغة، واملنولوجات، وبيان األحاسيس واملشاعر ــتخدام الش واســانية يف الشخصيات املختلفة والتعبري عن األحوال والتصرفات تعترب أکمل عمل اإلنســول إن رواية "کليدر" فاقت ــين أن أعمله باعتباري مؤلفا وروائيا ورمبا ميکنين الق ميکنــة قليال حينما أقرأ بعض مقاطع تصورايت من بعض اجلهات کما اليزال تصيبين الدهش
منها.» (إسحاقيان، ١٣٨٣ش: ١٠١)
احملاور املشرتکة بني الروايتني األرض وقداستها
ــية للرواية العربية فالشرقاوي يف روايته تعترب قضية األرض من الشواغل األساس
ــة األرض وأمهية العمل "األرض" يرکز اهتمامه علی احلياة الريفية ويتحدث عن قداس
ــا فهو يرتبط املکانة ــا حيث يعتربها من اخلطوط احلمراء اليت ال ميکن املســاس به به
ــون باالحرتام ــث إن الذين ميتلکون األرض حيظ ــاألرض حي ــأن ألهل القرية ب والش
ــذي ال ميلک يف القرية ــرف: «ال ــيئا حيت الش واملکانة، والذين الميلکونها، الميلکون ش
ــيئا علی اإلطالق حيت الشرف.» (الشرقاوي، ١٩٧٠م: ٣٧٨) إن أرضا ال ميلک فيها ش
ــرف يف ملکية األرض والعمل أما ــرقاوي حصر مفهوم الکرامة واإلحساس بالش الش
ــارة وإلقاء الضوء عليها وهي أن الشرقاوي ال هناک نقطة أخري من احملتم علينا اإلش
يعطي جل اهتمامه مبجرد ملکية األرض بل يعطي دورا هاما لعمل صاحب األرض يف
أرضه حيث جيعل العمل عنصرا أساسيا لصاحب ومالک األرض. فهو حيبذ بعبد اهلادي
ألنه ميتلک األرض ويعمل بنفسه فيها وال يؤجره لآلخرين.
ــن ميتلکون األرض حيظون ــألرض يف "کليدر" أمهية کبرية حيث إن الذي ــک ل وکذل
بالکرامة والعزة أما الذين ال ميلکون األرض فيستغلون ويهانون بيد املالک واإلقطاعيون،
ــد يف "کليدر" حول األرض کما ولکن من الضروري أن نشــري إلی املالحظة اليت توج
کانت موجودة يف "األرض" للشرقاوي وهي أن جمرد امتالک األرض ال يکفي بل جيب
ــرة کده وعرق جبينه ألن ــل الذي ميتلک األرض يف أرضه ويأکل من مث ــل الرج أن يعم
ــرف، واإلنسان ال يعطي شرفه لآلخرين؛ قال قدير لنادعلي: األرض مثل العرض والش
«زمني مثل زن آدم است. مرد که زنش را به ديگري وا مني گذارد. مال وحشم هم.»١
(دولت آبادي، ١٣٨٧ش: ٨٢٦)
الدعوة إلی الثورة ــتار" أن الثورة هي أفضل سبيل لتخلص املجتمع من مشاکله واضطراباته يعتقد "س
وهذا ما اعتقد به الشرقاوي يف "األرض" فقال ستار، وهو رمز الثورة يف رواية "کليدر"
ــط انقالب! اگر مليت مي خواهد زندگاين کند، بايد بتواند جبنگد. لدولت آبادي"،: «فق
ــد. خودت مي گويي ما مردمي هستم با ــخصا آن را مي شناس جنگ با دمشين که مش
ــنه. خوب در اين جنگ انقالب ما مردم چي از دســت خايل، پاي برهنه وشکم گرس
١. .إن األرض مثل الزوجة والرجل اليرتک زوجته لآلخرين وکذلک املال واحلشم.
١٠٠ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٥، العدد ١٩، خريف ١٣٩٤ش
دست مي دهيم.١(املصدر نفسه: ١٨٠٥)يبدو أن صاحب "کليدر" أخذ هذا املضمون من کتاب "اخلبز واخلمر" لسيلونه حينما ــاة املعنوية إال احلياة ــتينا" «يف جمتمع کمجتمعنا ليســت احلي قال "دون بائولو لـ "کريس
الثوروية.» (سيلونه، ١٣٥٣ش: ٣٩١)ــرقاوي ال يعتقد وکذلک نالحظ هذا املفهوم من الثورة يف رواية "األرض" ألن الشــبيل الوحيد الستقرار العدل واملساواة أال وهي الثورة لإلطاحة بالتصاحل ذاهبا إلی الس
حبکومة صدقي وأعوانه.ــرقاوي يف رواياته کاتب اشرتاکي تقدمي ينتصر للکادحني وال يري إمکان إن الشــل اجلماعي هو صيغة احلياة ــاين والضحية ويري أن العم ــل أو التصاحل بني اجل التفاعــعارات وضمان التقدم ومحاية املکاســب. هذا ما تقوله مضامني رواياته وما يرتفع کشــة خاصة. فهو وجه نقدا الذعا لرواية "زينب" اليت کتبها ــددة يف روايته األخرية بصف حمــداهللا، ١٩٨٩م: ٩٥) ويقول: «علی أن قرية زينب حممد حســني هيکل عام ١٩١١م (عبــذق قرية زينب اضطراب مواعيد الري ــرف طعم الکرابيج کما عرفت قرييت ومل ت مل تعب بول اخليل يصب يف األفواه ومل تصرف قرية زينب زهو النصر، وهي تتحدي ــر ومل جتــر لبعض الوقت وزينب اليت مل تکن أبدا ــاء، واإلجنليز، والعمدة، واحلکومة وتنتص القضــي مجيلة کوصيفة مل تذهب إلی قاعة الطحني ذات يوم لتعود إلی علی الرغم من کل ش
أمها باکية کما صنعت الوصيف.» (الشرقاوي، ١٩٧٠م: ٣٤٤-٣٤٥)ــرقاوي کاتب اشرتاکي تقدمي يعتقد بالصراع مع االستعمار کما ذکر سابقا إن الشــا مجا وجيعله بطال يف هذه ــرا، فهو حيب عبداهلادي حب ــاخنا مباش واإلقطاع صراعا ســاع والظلم حلظة فهو ــب والييأس من الثورة ضد اإلقط ــة ألن عبداهلادي الخيي الروايشخصية ثوروية يعلن احلرب ضد کل من يضطهد القرية ولو کانت احلکومة أو اإلجنليز ــيء مصريه يتعدل مادامت أو أي شــخص من داخل أو خارج القرية: «عرف أن کل ش
ــی احملاربة. احملاربة مع ــعب يريد أن يعيش جيب أن يقدرعل ــيء. إذا کان الش ــورة، الثورة والش ١. الثــدي. طيب إذن حنن ــراة جياع مکتوف األي ــعب حفاة ع ــه جيدا. أنت تقول حنن ش ــذي يعرف العدوال
ــرقاوي، ١٩٧٠م: ٢٤١) أما هذا الکاتب املصري يشن ــتعبد.» (الش مصر ترفض أن تســيخ يوسف ويستهزئ به ألنه مال إلی الثورة واملقاومة يف البداية هجوما الذعا إلی الش
أما مل يلبث طويال حيت استسلم ورفع الراية البيضاء خاضعا أمام االستبداد والظلم.
نهاية الروايتني مفتوحةــائمة ومتأزمة حيث إن اخلري ليس فائزا يف نهاية إن الرؤية الواقعية هي رؤية متشــيطر علی املجتمع ــر يهزم اخلري ويس ــة، بل نري يف أغلب هذه الروايات أن الش الروايــدر" لدولت آبادي حيث إن األمر ــرقاوي و"کلي وهذا ما نراه يف رواييت "األرض" للشــد انتهي يف "األرض" إلی ضياع جهود الفالحــني اذ عبد الطريق، وعلی الفالحني أن قيتکيفوا مع الواقع اجلديد کما أنه مل يتم اإلفراج عن زعماء القرية يف دوار العمدة وهذا ــادي إذ انتهي األمر إلی قتل "گل حممد" وأعوانه يصــدق علی رواية "کليدر" لدولت آب
إال "خان حممد" الذي يهرب وحيمل بوارق األمل.
سيطرة الواقعية ــخصياته وأمکنته ــق بأحداث التاريخ احلقيقية وش ــول إن االلتزام الدقي ميکننا القوزمانه يشــري إلی لون من ألوان الرواية التارخيية ذي معيار حمدد هو االلتزام واألمانة ــذا املعيار دون أن نالحظ أثره يف ــل مع املادة التارخيية وال يکتمل ه ــة يف التعام والدقــيضيق اخلناق علی املتخيل ــليب غالبا ألن التغليب احلقيقي س فنية الرواية وهو أثر ســخصيات الرئيسية وإذا فال يرتک له فرصة ابتداع األحداث واألزمنة، واألمکنة، والشــي غري اهليکل العام للرواية. (روحي، ــتلت هذا العناصر الفنية من التخييل فلن يبق اس
٢٠٠٣م: ٦٨)فبما أن کلتا رواييت "األرض" و"کليدر" تشري إلی حدث تارخيي معني فمن الطبيعي ــبة املادة التارخيية اضطر أن يغلب اجلانب الواقعي علی التخيلي ألنه کلما ارتفعت نســخصيات، واألمکنة، واألزمنة وهذا يؤدي الروائي إلی التقيد باألحداث احلقيقية، والشــرقاوي ولکن يف ــة الروائية، خاصة يف رواية "األرض" للش ــی ضعف قدرته التخيلي إلرواية "کليدر" نالحظ جتلي اخليال أکثر من "األرض" ألن هناک شخصيات خيالية مثل
١٠٢ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٥، العدد ١٩، خريف ١٣٩٤ش
"بلقيس" و"شريو" يبدعها دولت آبادي وليس هلا أثر يف الواقع.
مسرح األحداث الناس يعيش اليزال "کليدر" يف أن إال الريف يف حتدث الروايتني کلتا أحداث إن اهلرم رأس يف وصغارهم املالک کبار إن حيث واملتخلف الطبقي الريفي املجتمع يف دورا تلعب ال فاحلکومة أحد، حياسبهم أو أنفسهم حياسبوا أن دون الناس يظلمون بارزا بل الدور الرئيس يعود إلی املالک الذين يقننون وينفذون علی أساس منفعتهم الشخصية، وبعبارة أخري إن احلکومة ال تتدخل يف شؤون الناس إال يف مواقع خاصة أخذ أو واملالک، احلکومة مصاحل تهدد ونهضة طغيان أو الطائفية، الصراعات مثل الضرائب، فالثروات الطائلة للمالک والقدرة اليت حيظون بها بسبب دعم احلکومة توفران هلم کل شيء يف رواية "کليدر" حيت ميکنهم أن خيرتقوا حق الرعايا وينتهکوا عرضهم فهذا هو عني األرباب "آالجاقي" علی "شريو" حيث يطلب من "بندار" أن يسمح هلا لکي تعمل يف بيته حيت يستطيع أن يستمتع بها، ولکن يف رواية "األرض" للشرقاوي إن املجتمع الريفي تقدم خطوة حيث إن کل أهل القرية يقفون أمام مظامل احلکومة وال يستسلمون وإن اعتقلوا واحتقروا بيد رجال السلطة. وبکالم آخر، يف رواية "األرض"، أهل القرية کلهم يقاومون أمام احلکومة طالبني استقرار املساواة، واحلرية، والتوزيع العادل للثروات إال العمدة والشيخ الشناوي، ومها من عمالء احلکومة، سواء من کان ميلک األرض أو ال ميلک، ولکن يف "کليدر" التزال القرية مل تتخلص من عقدة املالک
والتمييز الطبقي.
الصراع ــاس الصراع، غري أن يف "کليدر" يبدأ الصراع بإصرار تقوم کلتا الروايتني علی أســديد الضرائب ولکن يف ــب من "گل حممد" وامتناعه من تس ــة من أخذ الضرائ احلکومرواية "األرض" للشرقاوي يبدأ الصراع من تقسيط مياه الري من عشرة أيام إلی مخسة، ــک ميکننا القول إن الصراع يف "کليدر" فردي ولکن يف "األرض" مجاعي حيث إن فلذل
ــري أن "گل حممد" يف "کليدر" يدخل يف الصراع ــل القرية يدخل فيه؛ بعبارة أخ کل أهــع نطاق الصراع ولکن يف واحلــرب مع احلکومة بقتله مأموري جايب الضرائب مث يتس"األرض" يدخل کل أهل القرية يف الصراع من البداية حيت النهاية، ألن احلکومة قامت
بتقليل مدة الري من عشرة أيام إلی مخسة وهذا ما يعارضه کل أهل القرية.
اللغةــخصيات الرواية، ــنة ش ــي لغة الراوي يف الرواية وما جيري الکاتب علی ألس حتظــث إن الروايات اليت ــکالم عن التقنيات اجلمالية للرواية. حي ــة بالغة يف جمال ال بأمهيــخصيات وعلی تتحدث عن الريف خاصة يف اللغة العربية ختتلف عن اللغة احملکية للشسبيل املثال ال يستخدم الکاتب للفالح لغة أدبية فخمة، بل إن الفالح يتحدث بعبارات ــة اليت تدخل يف هذه ــخصيات املثقفة واآلکادميي ــيطة وعامية غريمعقدة، ولکن الش بســا نراه يف رواية "األرض" ــتخدم لغة أدبية فاخرة وفصيحة غالبا وهذا م ــات تس الروايحيث إن عبدالرمحان الشرقاوي يلتزم بهذا األصل جيدا فهو يستخدم علی سبيل املثال ــخصية "علواين" ،وهو من البدو النازحني ويرعي غنم أبيه، لغة عامية بدوية يذکرنا لشــخصية غري مثقفة ــکان البوادي ألنه ش ــتخدمها أهل الوبر وس باللهجة البدوية اليت تسوليس له أي اطالع بالعلم احلديث ومل يعش إال يف القرية: «يا مراحب يا زين الفتيان..
ــرفتنا.» (الشرقاوي، ــاي..ريح هنا يا زين العرب واهللا ش مراحب باجلدعان..اتفضل شــا يف القرية لغة فاخرة فهو يف عريضة ــن حملمد أفندي باعتباره مدرس ١٩٧٠م: ٥٠) ولکــلوب املنفلوطي ذاکرا إياه: «خالص، کتبها إلی احلکومة نيابة عن أهل القرية يقلد أســتنکار الصارخ. بقي حاکتب أنا العريضة حاأکتبها مقنعة جتمع بني الرجاء اهلادئ واالســلوب املنفلوطي. وأخذ حممد أفندي يقول إنه کتب العريضة وأنه من فرط حاکتبها بأســة أيام ري سيفرشون الغرباء ويلتحفون الفصاحة قال: إن الفالحني اذ قطعت منهم مخســالت البليغة وامللحمية ــه: ٧٢-٨٠) فهذه اجلملة يذکرنا باجلم ــماء.» (املصدر نفس الس
للمنفلوطي. والوضع خيتلف بالنسبة إلی دولت آبادي، حيث إن هذا الکاتب اإليراين يف روايته
١٠٤ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٥، العدد ١٩، خريف ١٣٩٤ش
ــتخدم للشخصيات العشائرية "کليدر" ال يلتزم بهذه احلدود والثغور بل جيتازها فهو يســه باعتباره الراوي ــيطة وغري معقدة أحيانا ولکن يف بعض األحيان يتدخل نفس لغة بســخصيات بلغة أدبية فصيحة ــار الرواية ويتحدث بدال من الش ــيء يف مس العامل بکل شوبعبارات فلسفية بعيدة عن شخصيات ريفية وهذا رمبا يقلل من قيمة هذه الرواية. فعلی سبيل املثال وليس احلصر أن "نادعلي" وهو مل يدرس ومل يقرأ إال عند "يب يب" يف القرية ــتغربنا وتثري دهشتنا: «نيست هيچ نيست! چيست ــفية تس نراه يتحدث بلغة أدبية وفلساين که هيچ مي منايد؟! توکيسيت و بود و نبودت را چه فرقي است؟ و.... اگرت هست آيا بيش از فرق بود يا نبود موريانه اي اســت در انبوه قافله مورچگان، کورانه روان سوي هر سوي؟ وجود...وجود....! مهه چيز در نظرم چرخ مي زند، مهه چيز مي چرخد! ــب، حمو شدن، نيسيت، هر چه که مي جنبد مرگش را مي بينم.»١ ــم اس به جز صداي س
(دولت آبادي، ١٣٨٧ش: ٢٣٥٨-٢٣٥٩)
وجهة النظر (التبئري)ــانية الدقيقة ــی عکس رواية "األرض" بالتحليالت النفس ــر رواية "کليدر" عل تزخــرقاوي خيتار التبئريين لروايته "األرض"، األول هو والعميقة عن الشخصيات. إن الشالتبئري الداخلي، والثاين هو التبئري يف درجة الصفر أو الالتبئري فهو يبدأ روايته بضمري املتکلم «أنا أعرف قرييت متاما.» مث نري أن الراوي يغيب عن الرواية يف صفحة ٤٠ وال
يظهر إال يف صفحة ٣١٣. ــخصية الروائية ــري ألنه يعي جيدا أن إضفاء احلياة علی الش ــار الروائي الالتئب خيتحيتاج إلی رصد سلوکها اخلارجية وأفکارها وأحاسيسها الداخلية وردود أفعاهلا علی ــه عاجزة عن التعبري عن دخيلة الشخصية بوساطة احلوادث اخلارجية ولکنه جيد نفس
ــيء. من أنت وماذا تفعل يف هذا الغموض بال انتهاء؟ ــيء! ما هذا الذي يتجلي کأنه الش ١. ليس. الشمن آنت وما هو الفرق بني وجودک وعدمک؟ إذا کان هناک فرق، فهل أکثر من الفرق بني وجود منلة ــيء ــوائيا إيل کل حنو وطرف؟ الوجود..الوجود.. کل ش يف کتلة النمال وعدم وجودها واليت تتجه عشــيء يدور إال صوت حافرة الفرس، صوت التالشي... االختفاء والعدم، إين أری يدور يف عيين، کل ش
احلوادث فيلجأ إلی الراوي العامل بکل شيء ليقدم بوساطته العبارات اليت تنم عن هذه الدخيلة کفکر، ومتين، ورغب وفرح. (روحي، ٢٠٠٣م: ١٥)
إذن اختار الشرقاوي الالتبئري أو راويا عاملا بکل شيء ولذلک ال يقوم بالتحليالت ــرقاوي ــخصياته، أما حممود دولت آبادي فهو خيتار مثل الش ــانية الدقيقة عن ش النفســيء ولکن هذا ليس بسبب عجزه عن التعبري عن دخيلة الالتبئري أو راويا عاملا بکل شــرقاوي والدليل علی هذا، األوصاف النفسانية الکثرية اليت کانت ــخصياته مثل الش شــخصياته أفضل بکثري الرواية تزخر بها حيث القارئ يدرک أن الکاتب يصف دخيلة شــجان ول ول مي زدند و ــم هاي عباس ــهم: «در تري ناي عمق قهوه خانه، چش من أنفســدم به درون قهوه خانه ــه مند کبود فرو افتاده مينمود. گل حممد، ق ــب پاينش يک تک لگذاشت و راست به طرف عباسجان رفت. عباسجان، الل شده ميمانست و سخين هم به چاپلوسي اگر ميخواست بر زبان بياورد، منيتوانست. پس در عني خندهاي يب مزه و قبا سوخته، چشمانش را چون دو سکه يب ارزش، ناپايدار و حقري به گل حممد دوخته ــود رفته مينمود که مجع و جور کردن لب پايينيش را از ياد برده بود.»١ ــان از خ و چن
(دولت آبادي، ١٣٨٧ش: ٢٤٢٢)ومن أمجل هذه األوصاف النفسانية هي وصف مشاعر زيور: «جان من فداي تو، مرد. بيا، بيا. مثل مادري تو را به زير باهلاي خود جاي مي دهم. پهناي جان من قدمگاه تو است. چشمامن خاک راه تو. برآن پاي بنه. بر من پاي بنه. سم بر بيابان جان من بکوب. ــومي تنگ اســب تو باد. جامن را به تو ميبخشم. به جاي برمن بتاز. تازيانهام بزن. گيسمن ببني، دم بزن. نفس من از آن تو. زيور بالگردان. اين مهه تو را و تو مرا. اما از من
مپرهيز. مگريز. من يخ مي کنم. سنگ ميشوم. گل حممد.»٢ (املصدر نفسه: ١٢٤)
ــة لباد أزرق ــفلی تبدو مثل قطع ــفته الس ــجان" تبصبصان وش ــوف املقهي کانت عينا "عباس ١. يف جــا إيل جهة "عباسجان". کان "عباسجان" يبدو تهدلت. وضع "گل حممد" قدما داخال ملقهی وذهب رأسکاألخرس وحتی إن أراد أن يقول شيئا متلقا فهو مل يکن يستطيع. إذن ففي الوقت نفسه الذي مسر فيه ــکوکتني عدمييت القيمة غريثابتتني وحقرييتني ضاحکا ضحکة عدمية الطعم باهتة ــبيهتني مبس عينيه الش
علی "گل حممد" ونسي نفسه حبيث أنه نسي أن يلملم شفته السفلی.ــاع روحي موطئ قدميک. ٢. روحي فداک يا رجل. تعال، مثل أم سأفســح لک حتت جناحي. اتس
١٠٦ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٥، العدد ١٩، خريف ١٣٩٤ش
ــا النقطة الثانية هي أن "کليدر" تدعو إلی التخلص من التحزب واأليدولوجية يف أمــتار" ــک بالتحزب واأليدولوجية. يعترب "س الوقت الذي أن "األرض" تدعو إلی التمســزب "توده" ولکنه مييل عن ــدر"، رمز األيدولوجية والتحزب فهو ينتمي إلی ح يف "کليــه لـ"گل ــه علی "گل حممد" وأفکاره ويقرر أن يضحي بنفس ــات احلزب بعد تعرف جلســأل "گل حممد"، "ستار" ملاذا ترک جلسات احلزب وعرض ــعب، وحينما س حممد" والشــتار" قائال: «تو خود از زبان من گفيت. من ــه للخطر بالتحاقه به ورهطه أجاب "س نفساز آن قبيلهاي که تو ميگويي بريدم وروبه تو آمدم. از آنکه ميخواهم آبروي عشق را
حراست کرده باشم. فقط مهني.»١ (املصدر نفسه: ٢٩٧١) ــاب ــارض االنتماء حلزب معني علی حس ــني يف "کليدر" أنه يع ــت آبادي يب فدولــيء فيها ــرة التحزب واأليدولوجية ألن کل ش ــن. وبکالم آخر، إنه خيالف فک اآلخريجامد ورتيب ويقوم علی أساس إجابات مسبقة، حيث إنه يتم قياس کل شيء بقياسات معينة وکل ما خيرج عنها تافه جيب إدانته وطرده، ولکن يف العشق تلعب التضحية دورا رئيسا وحموريا فال يفکر الشخص يف اتهام اآلخرين وإلقاء اللوم عليهم بسبب أفکارهم ــتار" و"گل حممد" يف ــخصية "س بل يريد أن حيب اآلخرين وخيدمهم وهذا ما نراه يف ش
"کليدر".صحيح أن "گل حممد" بقتله املأمورين يدخل نفسه يف الصراع واحلرب مع احلکومة، ــد احلکومة وحيت أننا ال نري ــد الکاتب يف هذه الرواية املطولة أن ينتق ــن قلما جن ولکــرقاوي، بل يسعي صاحب ــم حکومة خاصة يف "کليدر" علی خالف "األرض" للش اس"کليدر" أن يشري إلی التمييز الطبقي ومظامل املالک الصغار والکبار للرعايا وحياة الطبقة الکادحة وحياة الطبقات الفقرية املعذبة املسحوقة إلی الطبقات الثرية واملسيطرة، وهذا ــاس أفکار حزبية ــيء فإمنا يدل علی أن رواية "کليدر" مل تکتب علی أس إن دل علی ش
بل کتبت لکي تعرب عن مشاکل املجتمع الريفي بنظرة واقعية. ــي ملکک. زيور دافع ــام حصانک. أهديک روحي. انظر نيابة عين. تنفس. أنفاس ــن ضفائري زم لتک
البالء عنک والمتنع علي، التهرب.إنين أثلج أستحيل صخرا يا "گل حممد".١. أنت أجبت من لساين، أنا انفصلت من هذا احلزب الذي حتدثت عنه وملت إليک ألين کنت أريد
ــی خالف روايات ــية أيدولوجية عل ــة "األرض" هي رواية سياس ــن إن رواي ولکــتخدم واقعية واليت تعرب عما حيدث يف الواقع وعما يواجهه الناس. فبعبارة أخري، اســية ــا وخيتار احلکومة املارکس ــرقاوي هذه الرواية لکي ينتقد حکومة صدقي باش الشــبب فقر وجوع الناس، يف الوقت ــن هجوما الذعا علی احلکومة بس کبديل هلا فهو يشــی القرية لکي متنع الفالحني اجلائعني ــاکر إل الذي تبعث احلکومة نقطة البوليس والعســاطرة ــن نتيجة عملهم وتعبهم: «دا الناس من اجلوع قربت تاکل بعض! واحلکومة ش عتبعث لنا هجانة تدخلنا الدور من قبل آذان املغرب! قال احلکومة بعتا لنا عساکر؟ طب تبعت لنا درة! وهوه يعين الضرب دا حايشبع الناس علی رأي الشاويش عبداهللا؟ آه يا حکومة يا حکومة بال معين.» (الشرقاوي، ١٩٧٠م: ٣١٩) نالحظ أن الشرقاوي يسمي حکومة حزب الشعب حبکومة بال معين ألنها ال تفکر يف حتسني ظروف املجتمع ورفاهية الطبقة الکادحة فهو ينتقد حکومة صدقي ألنها ال تهتم بالفالحني والطبقة الکادحة اليت ــؤولية اإلنتاج الکبرية ولذلک يعتقد الشرقاوي أن مصر هي هي حتمل علی عاتقها مسبلد الفالحني: «هيه البلد دي بتاعتکم؟ أنتم فامهني إيه؟ هيه بلد مني؟ دي بلدنا کلنا: بلد
الفالحني دول أوال! کفايه بقي شغل قطاع الطرق ده.» (املصدر نفسه: ٣٠٣)
النتيجةأما النتائج املهمة اليت توصل الباحثان إليها أثناء دراستهما، فهي:
١- تصور الرواية الواقعية الفالح بريئا فقريا مستغال، واإلقطاعي ظاملا مستغال ولعل ــن اإلقطاعيني هو املوضوع ــاع ومعركة الفالحني لنيل حقوقهم م ــر جرائم اإلقط تصوي
األول يف الرواية الريفية يف مصر وإيران.ــراع، ولکن الصراع يف "کليدر" ــف، علی األغلب، يقوم علی الص ٢- إن أدب الريــذا ينبعث من انتماء ــخصي ولکنه يف "األرض" مجاعي، وه ــردي قائم علی جمهود ش ف
الشرقاوي احلزيب االشرتاکي الداعي إلی تعبئة الشعب والنضال اجلماعي.ــني مفتوحة واخلري ليس فائزا يف نهايتهما کما هو احلال يف أغلب ــة الروايت ٣- نهايــر يهزم اخلري ويسيطر علی املجتمع، وهذه امليزة جتعلهما يف نطاق الروايات، بل إن الش
١٠٨ / فصلية إضاءات نقدية، السنة ٥، العدد ١٩، خريف ١٣٩٤ش
الروايات اجلديدة.ــل دولت آبادي يف رواية كليدر يف لغة الشــخوص الطبيعية واملعروفة، وال ٤- يدخــيء يلتزم باحلدود والثغور يف هذا املجال، حيث يتدخل باعتباره الراوي العامل بكل شيف مسار الرواية ويتحدث بدال من شخصيات بلغة أدبية فصيحة وعبارات فلسفية بعيدة ــرقاوي يلتزم بهذا األصل وال يتدخل يف ــخصيات ريفية ولكن عبدالرمحان الش عن ش
لغة الشخوص.ــاس مبادئ املذهب االشرتاکي وتدعو ٥- جتري أحداث رواية "األرض" علی أســك بالتحزب والشرقاوي ألف هذه الرواية بدوافع أيدولوجية حزبية، أحيانا إلی التمس
ولکن رواية "كليدر" بعيدة عن هذه األجواء وغري حماطة بهذه األطر الضيقة.
ــتان نويســي اقليمي و ــهم جالل آل امحد در داس ــود. (١٣٩٠ش). "نفرين زمني" و س ــريي، حمم بشــاالت درباره جالل آل امحد). ــران. املطبوع يف کتاب جالل پژوهي (جمموعه مق ــتايي معاصر اي روس
تهران: انتشارات خانه کتاب.چهلنت، امري حسني و فرياد فريدون. (١٣٦٨ش). ما نيز مردمي هستيم. تهران: نشر پارسي.
ــهر نوپرداز ايراين (با تاکيد بر دوره ١٢٩٩- ــهر؛ تهران، مناد ش حبييب، حمســن. (١٣٨٩ ش). قصه ش١٣٣٢ش). تهران: مؤسسه انتشارات دانشگاه تهران.
خفاجي، عبد املنعم. (١٩٨٩م). األدب العريب احلديث. اجلزء الرابع. القاهرة: مكتبة الكليات األزهرية.دولت آبادي، حممود. (١٣٨٧ش). کليدر. تهران: فرهنگ معاصر.
روحي الفيصل، مسر. (٢٠٠٣م). الرواية العربية البناء والرؤيا. دمشق: احتاد کتاب العرب.سيلونه، ايناتسا. (١٣٥٣ش). نان و شراب. ترمجه حممد قاضي. تهران: انتشارات امريکبري.
